من الدهن الحر إلى الزعامة المعلّبة.. المال الفاسد في مزاريب الانتخابات العراقية !
المعلومة / خاص..
مع اقتراب كل استحقاق انتخابي في العراق، تبرز بقوة ظاهرة المال السياسي كأحد أكثر العوامل تأثيراً في توجيه نتائج الانتخابات وتشكيل التحالفات، ورغم محاولات الإصلاح، إلا أن الواقع يكشف عن استمرار ما يُعرف بـ"مزاريب المال الفاسد"، التي تتغذى على مصادر غير واضحة، وتُستخدم في الحملات الانتخابية، وترسيخ النفوذ السياسي
في هذا السياق، تثار تساؤلات متكررة حول أدوار بعض الشخصيات السياسية البارزة، ومنهم محمد الحلبوسي المتهم بالتزوير ، ومثنى السامرائي المتهم بالفساد ، في إدارة المال الانتخابي وتوظيفه في بناء شبكات نفوذ تمتد إلى المؤسسات والمشاريع العامة.
ويؤكد مراقبون أن البيئة القانونية الحالية لا تتيح رقابة فاعلة على مصادر تمويل الحملات الانتخابية، ما يفتح الباب واسعاً أمام استخدام "الأموال الرمادية" في الترويج السياسي، وشراء الأصوات، وتأمين التحالفات.
ويشير خبراء إلى أن المال السياسي بات يتجاوز مفهوم التمويل التقليدي للحملات، ليتحول إلى أداة لبناء سلطة موازية، تُدار من خلال شركات، ومكاتب اقتصادية، ومشاريع تتقاطع مع مصالح خاصة.
برز محمد الحلبوسي سريعاً كأحد أبرز الوجوه السياسية في المناطق الغربية، وتمكن من النفوذ عبر إدارة معقدة للتحالفات الداخلية والدعم الخارجي المعروف .
وتتحدث مصادر مطلعة عن امتلاكه أدوات سياسية وإعلامية ومالية متشابكة، أسهمت في تعظيم نفوذه، لا سيما عبر قنوات اقتصادية وأطراف محلية وأجنبية داعمة، في ظل غياب شفافية حقيقية حول تمويل الكيانات السياسية.
-
من الدهن الحر إلى الزعامة المعلّبة.. المال الفاسد في مزاريب الانتخابات العراقية !
ويعد مثنى عبد الصمد السامرائي، الذي تنقّل بين المقاولات والبرلمان، من أبرز الوجوه التي جمعت بين النشاط التجاري والسياسي، وقد ارتبط اسمه بعدد من المشاريع في محافظات صلاح الدين ونينوى، وبعض الاستثمارات في قطاع التعليم الأهلي، وسط جدل متكرر حول آلية الإحالة والتمويل.
ويحذّر مراقبون من تكرار ظاهرة "السياسي المستثمر"، التي تمكّن بعض الشخصيات من توظيف موقعها في السلطة للحصول على امتيازات اقتصادية، دون وجود رقابة مؤسسية فعالة.
وبعيداً عن الخطاب العلني، تشير المعطيات إلى وجود تفاهمات وتحالفات تُدار "خلف الكواليس"، وتتمحور حول تقاسم النفوذ داخل الوزارات والمؤسسات التنفيذية، مقابل دعم سياسي متبادل.
ويرى مراقبون أن هذه الصفقات تُغلف بشعارات التمثيل السياسي والمطالب المناطقية، لكنها في الجوهر تقوم على أسس مصالح اقتصادية، حيث تُستخدم الموارد العامة لتعزيز النفوذ الحزبي والشخصي.
ورغم مطالب الشارع، فإن مشروع الإصلاح السياسي والاقتصادي لا يزال يواجه عقبات بنيوية، أبرزها غياب الرقابة الصارمة على تمويل الأحزاب، وعدم تنفيذ قوانين الإفصاح المالي، وضعف الدور الرقابي لمفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة.
ويؤكد مختصون أن إصلاح منظومة المال السياسي في العراق يتطلب ،إصدار قوانين تُلزم الكتل بالكشف الكامل عن مصادر تمويلها،وتفعيل دور الأجهزة الرقابية والقضائية في التحقيق في شبهات الفساد المالي المرتبط بالانتخابات وحظر استخدام المال العام أو الموارد الحكومية في الحملات الدعائية.
وفي ظل بقاء المال السياسي لاعباً رئيسياً في صياغة المشهد الانتخابي العراقي، تزداد الحاجة إلى تعزيز الشفافية، وتمكين الجهات الرقابية، وتشجيع الصحافة الاستقصائية على كشف أوجه الفساد ومحاسبة المتورطين فيه.
وحتى يتحقق ذلك، تبقى صناديق الاقتراع رهينة النفوذ المالي، ويظل المواطن العراقي في انتظار تجربة ديمقراطية حقيقية تُبنى على الكفاءة والنزاهة، واختيار الشخصيات الوطنية التي تطالب باسترداد الحقوق والحفاظ على المكتسبات المتحققة ، لا على التحالفات والصفقات المشبوهة والفاسدة . انتهى / 25