تقصير حكومي بملف المياه يهدد بالانهيار البيئي والاقتصادي

المعلومة / تقرير..
يتجه العراق نحو واحدة من أخطر الأزمات البيئية والاقتصادية في تاريخه الحديث، وسط تحذيرات متصاعدة من تداعيات السياسات المائية التركية وما يقابلها من أداء حكومي يوصف بالضعيف والمرتبك في إدارة هذا الملف المصيري. فبينما تستمر أنقرة في بناء السدود وتحويل مجاري الأنهار دون تنسيق مسبق، يتراجع منسوب المياه الواصلة إلى الأراضي العراقية إلى مستويات تهدد الشرب والزراعة والصناعة، وتدفع بآلاف العوائل إلى النزوح من الأرياف إلى المدن في مشهد ينذر بتغيرات ديموغرافية واقتصادية حادة ما لم تتخذ خطوات حاسمة وسريعة.
وفي هذا السياق، حذر النائب ياسر الحسيني، أن العراق يتجه نحو أزمة مائية وبيئية غير مسبوقة بسبب ما وصفه بالإدارة المرتبكة والضعيفة لملف المياه مع تركيا، مشيراً إلى أن غياب استراتيجية تفاوضية قوية أفقد بغداد فرصتها في حماية حقوقها المائية. 
وقال الحسيني في تصريح لـ /المعلومة/، إن “المباحثات الأخيرة مع أنقرة لم تسفر عن أي نتائج إيجابية لصالح العراق نتيجة فشل الحكومة في استخدام أوراق الضغط الفاعلة التي تمتلكها، وعلى رأسها مشروع طريق التنمية الذي يمثل مصلحة استراتيجية لتركيا”، مبيناً أن “إهمال هذه الملفات جعل الموقف العراقي ضعيفاً أمام التعنت التركي في تقليص الحصص المائية”.
وأضاف أن “العراق ما زال يفتقر إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن حقوقه المائية، فيما تستمر مستويات الإطلاقات القادمة من تركيا بالانخفاض إلى مستويات لا تلبي حتى الاحتياجات الأساسية للشرب والزراعة”، مشيراً إلى أن “هذا الوضع تسبب في موجات نزوح كبيرة من القرى والأرياف نحو المدن وهدد القطاع الزراعي بشكل مباشر”.
وأكد الحسيني أن “الاستمرار في هذا النهج الحكومي سيقود البلاد إلى أزمة اقتصادية خانقة نتيجة ندرة المياه وتراجع النشاط الزراعي والصناعي”، محملاً الفريق المفاوض مسؤولية التدهور الحالي في ملف المياه وما يترتب عليه من آثار كارثية.

• 

من جانبه، شدد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي على أن الأزمة المائية التي يعاني منها العراق لم تعد مجرد أزمة خدمية أو بيئية، بل تمثل تهديداً حقيقياً للأمن القومي في ظل استمرار تركيا بسياساتها الأحادية في إدارة الموارد المائية وبناء السدود وتحويل مجاري الأنهار دون أي تنسيق مع بغداد.
وقال الهركي في تصريح لـ /المعلومة/، إن “أنقرة تستخدم المياه كورقة ضغط سياسية واقتصادية، وهو ما يستدعي من الحكومة العراقية التعامل مع الملف كقضية سيادية لا تقل أهمية عن أي تهديد خارجي آخر”، داعياً إلى “تفعيل أوراق القوة المتاحة وتحويلها إلى أفعال ملموسة”.
وأضاف أن “استمرار هذا النهج سيؤدي إلى تفاقم الجفاف والتصحر في مناطق واسعة من البلاد، ما يشكل تهديداً مباشراً للأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي”، مطالباً بـ“تحرك دبلوماسي عاجل وإعادة فتح قنوات الحوار وفق الاتفاقيات الدولية، مع الاستعداد للجوء إلى المؤسسات القانونية الدولية لحماية حقوق العراق المائية”.
وتتزامن هذه التحذيرات مع تقارير دولية تؤكد أن العراق قد يكون من أكثر دول العالم عرضة لخطر العطش بحلول عام 2030 ما لم تبرم اتفاقات ملزمة مع دول المنبع. وفي ظل الجمود الذي يطبع المفاوضات الحالية، يجد صانع القرار العراقي نفسه أمام اختبار مصيري يتطلب الانتقال من سياسة رد الفعل إلى الفعل الاستباقي، وتوظيف كل أوراق الضغط المتاحة لضمان مستقبل البلاد المائي والأمني.انتهى25د