أزمة المياه.. بين غياب الرؤية الحكومية واستغلال أنقرة للعطش
5 تشرين الثاني 20:12
المعلومة / تقرير.. بين ضفاف أنهارٍ كانت يوماً رمزاً للحياة وخصوبة الأرض، يسود اليوم مشهد قاتم من الجفاف والتلوث وتراجع المنسوب، فيما تقف الحكومة عاجزة أمام أزمة تتعاظم يوماً بعد آخر. ومع تزايد التحذيرات من برلمانيين وخبراء بيئيين، يبدو العراق على حافة كارثة مائية وبيئية تهدد الأمن الغذائي والصحي والاقتصادي للبلاد، وسط غيابٍ واضحٍ لأي استراتيجية وطنية تنقذ ما تبقّى من ماء الرافدين. في هذا السياق، حذر النائب هادي السلامي من تفاقم ما وصفه بـ”الفراغ الاستراتيجي” في إدارة ملف المياه، مؤكداً أن استمرار النهج الحكومي الحالي سيقود البلاد إلى أزمة شاملة. وقال السلامي في تصريح لوكالة /المعلومة/ إنّ “مستويات التلوث في الأنهر العراقية بلغت حدوداً حرجة نتيجة تراكم الإهمال على مدى سنوات”، مشيراً إلى أنّ “تعطل محطات المعالجة، والتخلص غير المنظم من النفايات الطبية والصناعية، إلى جانب تصريف مياه الصرف الصحي دون رقابة، كلها عوامل أسهمت في تحويل الأنهر إلى بؤر تهدد حياة المواطنين بشكل مباشر”. وأوضح السلامي أن “العراق يفتقر اليوم إلى خطة وطنية متكاملة لإدارة الموارد المائية والحد من التلوث البيئي، في وقت تتصاعد فيه تحذيرات المنظمات الدولية من انعكاسات خطيرة على الأمنين الغذائي والصحي إذا استمر الإهمال الحكومي الراهن”، مؤكداً أنّ “الأزمة لم تعد بيئية فحسب، بل أصبحت تمس جوهر الأمن الوطني والاجتماعي للبلاد”.
من جانبه، أشار مستشار لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب صباح البيضاني إلى أنّ “تركيا ما زالت تستغل هشاشة الموقف العراقي المائي لتحقيق مصالحها الخاصة، رغم امتلاكها خزانات استراتيجية هائلة تصل إلى نحو 90 مليار متر مكعب من المياه”، موضحاً أن “العراق يعيش اليوم أضعف مراحله المائية بعد أن استنفد خزينه الاستراتيجي بسبب قلة الواردات القادمة من أنقرة”. وأضاف البيضاني أن “البرلمان كانت لديه فرصة حقيقية للضغط باتجاه موقف تفاوضي أقوى مع الجانب التركي، إلا أن تلك الجهود لم تُستثمر كما يجب”، مشدداً على أنّ “أنقرة لا تتعامل مع العراق وفق مبدأ حسن الجوار، بل وفق سياسة فرض الأمر الواقع والتحكم بالمياه كورقة ضغط اقتصادية وسياسية”. وبين الإهمال الداخلي والاستغلال الخارجي، تتسع هوة العطش في بلاد الرافدين، فيما تُقرع أجراس الخطر يوماً بعد آخر دون استجابة تُذكر. ومع استمرار غياب الإرادة السياسية والرؤية الفنية، يبقى الماء في العراق ليس مجرد أزمة مؤقتة، بل معركة وجود تهدد حاضر البلاد ومستقبلها.انتهى25د