كردستان أمام اختبار المصير.. بغداد والدستور محطات الحل
المعلومة/تقرير…
لم تعد أزمات إقليم كردستان مجرّد ملفات سياسية عالقة بين أربيل وبغداد، بل تحوّلت إلى تحدٍ وجودي يلامس الحياة اليومية لملايين المواطنين، في وقت تتراكم فيه الخلافات الحزبية، وتتسع الهوّة بين السلطة والشارع، وتتعطل الحلول بين حسابات النفط والميزانية والرواتب. وبينما تعلو الأصوات الداعية إلى العودة للدستور بوصفه العقد الناظم الوحيد القادر على ترميم العلاقة مع المركز، تتزايد أيضاً التحذيرات من أن استمرار إدارة الأزمات بذات الأدوات سيقود الإقليم إلى مأزق مركّب يتجاوز قدرة أي طرف على احتوائه منفرداً.
وفي هذا السياق، قدم القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني برهان شيخ رؤوف قراءة حادّة للمشهد، واصفاً الوضع في الإقليم بالمعقد والخطير، ومؤكداً أن أي معالجة بمعزل عن بغداد «باتت مجرّباً فاشلاً لن ينتج إلا مزيداً من الانغلاق والاضطراب».
شيخ رؤوف، وفي حديث لـ/المعلومة/، قال إن “الأزمة لم تعد سياسية فقط، بل بنيوية تضرب مفاصل الاقتصاد والإدارة معاً”، محذراً من أن “الترحيل المستمر لملفات الطاقة والموارد وإدارة العائدات أدى إلى تعميق فجوة الثقة بين المركز والإقليم وانعكس مباشرة على حياة الناس”.
وأوضح أن “قوة الإقليم ليست في الابتعاد عن بغداد، بل في الشراكة معها من داخل الدستور”، مشدداً على أن “العودة إلى طاولة الدستور ليست خياراً سياسياً، بل شرط إنقاذ وضرورة وطنية”، قبل أن يختتم بالقول: “الحل يبدأ حيث بدأ الدستور… من بغداد”.
على خطٍ موازٍ، حمل عضو تيار الموقف الوطني زمان خليل القوى الحاكمة في الإقليم مسؤولية التدهور المتصاعد، مؤكداً أن جذور الأزمة لا تقتصر على الخلاف مع الحكومة الاتحادية، بل تمتد إلى “اختلالات داخل بنية الإدارة وغياب الشفافية في إدارة الموارد”.
خليل أوضح لـ/المعلومة/ أن “الخلافات السياسية تحولت إلى أزمة إدارة وتوزيع ثروات، يدفع ثمنها المواطن أولاً”، مشيراً إلى أن “المؤسسات فقدت قدرتها على تحقيق العدالة والاستجابة للمطالب، بينما تتسّع الفجوة الخدمية والاقتصادية يوماً بعد آخر”.
وبين أن “الاستقرار المالي لم يعد رقماً في الموازنات، بل تحدياً وجودياً يطال الأمن المجتمعي، خصوصاً مع استمرار أزمة الرواتب وانخفاض القدرة الشرائية”، محذراً من أن إبقاء الأمور دون إصلاحات حقيقية قد يدفع بالأوضاع إلى “احتقان يصعب ضبطه”.
بين تشابك الداخل وتعقيدات العلاقة مع المركز، تقف كردستان اليوم أمام مفترق طرق لا يقبل أنصاف الحلول. فالدستور الذي يُطرح بوصفه خريطة طريق، لن يكون عصاً سحرية ما لم يقابله إصلاح داخلي يعيد ثقة المواطن بمؤسساته، ويُخرج إدارة الثروات من دوائر الجدل إلى إطار الشفافية والشراكة. ومع تصاعد الأصوات المحذّرة، يبدو أن نافذة المعالجات تضيق زمنياً، وتتسع معها الحاجة إلى تسويات أكثر جرأة قبل أن يتحوّل التأزم إلى مسار يصعب الرجوع منه.انتهى25د
