أزمتان تتصاعدان في كردستان.. احتقان شعبي وجمود سياسي

المعلومة/ تقرير…
وسط مشهد سياسي اقتصادي بالغ التعقيد، يعيش إقليم كردستان على وقع أزمتين مترابطتين تتسع دوائرهما يوماً بعد آخر: الأولى تتجسد في تنامي الغضب الشعبي تجاه إدارة الموارد والثروات العامة، والثانية تتمثل في الانقسام السياسي الذي يعطل عملية تشكيل الحكومة ويؤخر حسم منصب رئاسة الجمهورية. وبين ضغوط الشارع وتعقيدات القوى المتنافسة، يبدو الإقليم مقبلاً على مرحلة أكثر اضطراباً، في ظل غياب بوادر حلول حقيقية وتفاقم الأسئلة المصيرية حول مستقبل العملية السياسية.

فمن جهة، يهاجم عضو تيار الموقف الوطني المعارض، سامان خليل، السياسات الاقتصادية المتبعة في الإقليم، واصفاً إياها بـ”النهج الاحتكاري” الذي حول الثروات العامة إلى ملكيات خاصة تخضع لهيمنة العوائل الحاكمة. ويؤكد في حديثه لـ/المعلومة/ أن الأزمة المالية “لم تعد قضية رواتب أو خلافات تقنية” مع بغداد، بل باتت نتاجاً لسنوات طويلة من إدارة غير خاضعة للرقابة، وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين المواطن والسلطة، وتراجع الخدمات، وتضخم ثروات المتنفذين مقابل اتساع رقعة الفقر والبطالة.

وحذر خليل من أن استمرار هذا المسار قد يدفع الشارع الكردي إلى “انفجار واسع”، مع تصاعد التوتر الاجتماعي وتراجع قدرة العائلات على تحمل أعباء المعيشة، في ظل ارتفاع الأسعار وتأخر الرواتب وتقلص فرص العمل. ويرى مراقبون أن الاحتقان الشعبي بلغ مستويات حرجة، وأن أي شرارة قد تعيد سيناريوهات احتجاجية أكثر اتساعاً مما شهده الإقليم في السنوات الماضية.

• 

وفي موازاة ذلك، تشهد الساحة السياسية انسداداً غير مسبوق، إذ يؤكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، هيوا محمد، أن الانقسام المتعمق بين القوى الكردية أصبح “العائق الأكبر” أمام المضي في تشكيل الحكومة الجديدة على المستويين الاتحادي والإقليمي. ويوضح في تصريح لـ/المعلومة/ أن غياب التفاهمات داخل البيت الكردي ألقى بظلاله على ملف رئاسة الجمهورية، الذي تحول  إلى “ساحة منافسة مفتوحة” في ظل عدم وجود اتفاق نهائي بين الأطراف المعنية.

ويشير محمد إلى أن هذا الانسداد السياسي بدأ ينعكس على الملفات الخدمية والاقتصادية، وأن الفراغ المتزايد يثير خشية من اتساع الفجوة بين المكونات العراقية، وسط تقديرات سياسية بأن استمرار الخلافات قد يدفع إلى تدخلات أوسع من قوى غير كردية لملء الفراغ، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استقرار سياسي يضمن عبور المرحلة الحساسة الراهنة.

أمام هذا المشهد المتداخل بين سخط شعبي متصاعد وجمود سياسي خانق، يبدو أن إقليم كردستان يقف على مفترق طرق حاسم، حيث لم يعد ممكناً فصل الأزمة الاقتصادية عن التعقيد السياسي، ولا تجاهل التداعيات المحتملة لغياب التوافق داخل البيت الكردي. وبين مخاوف انفجار الشارع وضغط الاستحقاقات الدستورية، تزداد الحاجة إلى مبادرات جادة تعيد ضبط مسار الحكم وتفتح نافذة للحل قبل أن يدخل الإقليم مرحلة أكثر هشاشة وتعقيداً.انتهى25د