سوريا أمام مرحلة أشد اضطراباً وسط تمدد النفوذ الخارجي وتراجع الردع
اليوم 19:58
المعلومة/ التقرير.. في مشهد تبدو فيه الجغرافيا السورية متخمة بالتوترات، تتقاطع نيران الصراعات الداخلية مع التدخلات الخارجية، بينما تتقدم على الأرض خرائط نفوذ متغيرة لا تكاد تستقر حتى تنقلب من جديد. وعلى امتداد الحدود الشمالية والجنوبية، تتزاحم الطائرات في السماء وتتصاعد أعمدة الدخان فوق مواقع عسكرية مستهدفة، فيما يعيش السوريون يومياً وقع مشهد أمني يتجه بخطوات متسارعة نحو مزيد من التعقيد والانفلات. وبينما تحاول الأطراف المحلية استعادة توازن مفقود، تتحرك القوى الإقليمية والدولية فوق الرقعة السورية بثقل أكبر من أي وقت مضى، لتتراكم المؤشرات على دخول البلاد مرحلة أكثر هشاشة من السنوات السابقة.
وأكد الخبير العسكري محمد عباس، أن الواقع الأمني في سوريا بات أكثر اضطراباً بعد مرور عام على التغيير السياسي والأمني، مشيراً إلى أن خارطة النفوذ داخل البلاد شهدت تحولات عميقة أدت إلى زيادة التوتر وغياب الاستقرار على مختلف المستويات.
وقال عباس في حديث لـ/المعلومة/، إن “المنظومة الجديدة التي تمسك بزمام السلطة تتسم بالتطرف، إذ تتقدم فيها الهوية الدينية على الهوية الوطنية، الأمر الذي انعكس سلباً على وحدة الدولة وبُنيتها الأمنية”، لافتاً إلى أن هذا التحول “أعاد إنتاج الانقسامات داخل مؤسسات الحكم وأحدث شرخاً واضحاً في بنية القرار”.
وأضاف أن “إسرائيل عملت لسنوات طويلة على إضعاف الدولة السورية وتفكيك منظومتها العسكرية، وقد وجدت اليوم بيئة مناسبة لتنفيذ جزء كبير من مشروعها”، مبيناً أن “الوضع الميداني يعاني من ضعف شديد وعدم قدرة على الرد على الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة”.
وأشار الخبير العسكري إلى أن “الفراغ الأمني وتعدد مراكز القوة أسهما في تقويض قدرة الدولة على استعادة زمام المبادرة، ما جعل الحدود والعمق السوريين ساحة مفتوحة أمام التدخلات الخارجية”.
وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير الدولي عدنان عزام أن ما تشهده سوريا “لا يمكن وصفه بسقوط دولة بقدر ما هو احتلال دولي متعدد الأوجه”، مشيراً إلى أن “تحالفاً تقوده الولايات المتحدة و(الكيان الإسرائيلي) اعتمد على أدوات محلية وإقليمية لفرض واقع جديد على الأرض”.
وقال عزام في تصريح لـ/المعلومة/، إن “ترامب ونتنياهو وأردوغان تكالبوا على سوريا، وتم احتلالها عبر أدوات عسكرية وأمنية وجماعات مسلحة مدعومة من الخارج”، لافتاً إلى أن “المواطن السوري بات مستهدفاً على الهوية في العديد من المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة”.
وأضاف أن “تحرير سوريا من عصابة الجولاني ومن يقف خلفها هو الهدف الأساسي للمرحلة المقبلة”، متهماً أطرافاً دولية بأنها “هي من جاءت بالجولاني وما تزال مستمرة في دعمه وتمويل منظومته”.
وأوضح أن “الولايات المتحدة لن ترسل جنوداً صهاينة لمحاربة حزب الله أو القوى المقاومة في لبنان، بل ستعتمد على عناصر الجولاني لتنفيذ هذا الدور ضمن خطط إقليمية يجري العمل عليها منذ سنوات”، محذراً من “اتساع نطاق هذه الأدوات إذا ما استمرت البيئة السورية على حالها من الانقسام والفراغ”.
وتتزامن هذه التحذيرات مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية وتعاظم نفوذ الجماعات المسلحة المدعومة خارجياً، ما يعمق هشاشة المشهد السوري ويدفع الملف برمته نحو مرحلة أشد حساسية. وبين غياب الردع من جهة واتساع رقعة التدخلات الخارجية من جهة أخرى، تقف سوريا أمام منعطف جديد عنوانه الأساسي.. مزيد من الانقسام وقلة اليقين حول مستقبل البلاد الأمني والسياسي. انتهى25د