الانقسام السني وتفاهمات الرئاسات… حراك سياسي متشابك قد يعيد رسم معادلة البرلمان والحكومة

المعلومة/ تقرير..
في وقت تتسارع فيه الاستحقاقات الدستورية وتشتد فيه الحسابات السياسية قبيل حسم ملفات الرئاسات، يطفو على السطح مشهد سياسي معقد يعكس حجم الانقسامات داخل بعض المكونات، مقابل تفاهمات هادئة تتبلور بين قوى أخرى لإدارة المرحلة المقبلة بأقل قدر من الارتباك. وبين صراعات داخلية تعصف بالمجلس السياسي السني، ومساعٍ لحصر تعدد الخيارات، تبدو معادلة الحكم في العراق وكأنها تُعاد صياغتها بعيداً عن الضجيج الإعلامي، ولكن بثقل سياسي واضح.

ففي الوقت الذي كان يُفترض فيه أن يشكل المجلس السياسي السني مظلة موحدة لإدارة استحقاق رئاسة مجلس النواب، جاءت جلساته الأخيرة محملة بخلافات حادة وتباين في الرؤى، ما فتح الباب أمام اتهامات بوجود نوايا لتفكيك المجلس من الداخل، الأمر الذي يهدد بتقويض قدرة المكون السني على التفاوض والحضور الفاعل في المشهد.

وفي هذا السياق، أكد عضو تحالف العزم مهند محمود ضيدان، أن الجلسة الأخيرة للمجلس السياسي السني كانت “مخيبة للآمال”، في ظل تصاعد الصراعات الداخلية وتجاهل النظام الأساسي الذي ينص على طرح أكثر من مرشح لمنصب رئيس مجلس النواب. 

وأشار ضيدان في تصريح لـ/المعلومة/، إلى أن تجاوز هذا الاستحقاق يعكس خللاً بنيوياً في آليات العمل المؤسسي، محذراً من أن استمرار الخلافات دون حلول حقيقية سيضعف الموقف السياسي للمكون السني ويقلل من قدرته على انتزاع استحقاقاته الدستورية داخل السلطة التشريعية.

وبحسب ضيدان، فإن أخطر ما يواجه المجلس السياسي السني اليوم هو وجود نوايا “لتمزيقه” تنطلق من داخل البيت السني نفسه، وليس بفعل ضغوط خارجية، مؤكداً أن تعميق الانقسام سيقود إلى فقدان التأثير السياسي في واحدة من أكثر المراحل حساسية في عمر العملية السياسية.

• 

بالتوازي مع ذلك، كشف الباحث في الشأن السياسي أثير الشرع عن حراك وطني متصاعد لحسم ملف رئاسة مجلس النواب ضمن تفاهمات أوسع تشمل الرئاسات الثلاث، في إطار مساعٍ لتجنب أي فراغ سياسي والالتزام بالمدد الدستورية.

وأوضح الشرع في حديث لـ/المعلومة/، أن المكونين الشيعي والكردي يرفضان حضور المكون السني بمرشحين اثنين لمنصب رئاسة البرلمان، ويفضّلان الذهاب نحو مرشح توافقي واحد يضمن سرعة الحسم ويجنب المشهد النيابي مزيداً من التعقيد.

وأشار الشرع إلى وجود توجه سياسي للإبقاء على رئيس الجمهورية الحالي في منصبه، في ظل قناعة غالبية القوى بأن الظرف الراهن لا يحتمل تغييرات في هذا الموقع السيادي، مؤكداً أن الاستقرار بات أولوية تتقدم على منطق تدوير المناصب. كما لفت إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب شخصيات متمرسة وقادرة على إدارة التحديات الداخلية والإقليمية، مبيناً أن تجارب بعض رؤساء الحكومات السابقين لم تعد مقبولة لدى قوى فاعلة داخل العملية السياسية.

وختم الشرع بالإشارة إلى وجود “حسم غير معلن” لمنصب رئيس الوزراء المقبل، تقوده تفاهمات داخل الإطار التنسيقي، بانتظار اكتمال المشهد السياسي وإعلان الاتفاقات في التوقيت المناسب.

ويبدو أن المشهد السياسي العراقي يتجه نحو حسم هادئ لكنه محكوم بتوازنات دقيقة. فنجاح أي تسوية مقبلة سيبقى مرهوناً بقدرة القوى السياسية على احتواء انقساماتها الداخلية أولاً، وتغليب منطق الشراكة والاستقرار على حساب الصراعات الضيقة، وإلا فإن كلفة التفكك قد تكون أكبر من قدرة الجميع على الاحتمال في المرحلة المقبلة.انتهى25د