مشاورات رئاسة الوزراء بين حسابات التوافق وحدود المدد القانونية
اليوم 20:30
المعلومة/ تقرير.. في ظل مشهد سياسي يتسم بالتعقيد، تتواصل المفاوضات بين الكتل السياسية العراقية لحسم ملف الرئاسات الثلاث، ولا سيما منصب رئيس الجمهورية، وسط مؤشرات على أن طريق التوافق ما زال طويلاً، في وقت تفرض فيه المدد الدستورية سقوفاً زمنية لا يمكن تجاوزها دون كلفة سياسية وقانونية باهظة. وبين حسابات توزيع الحصص، واستحقاقات الانتخابات، والتحذيرات من الفراغ الدستوري، يبرز الجدل مجدداً حول قدرة القوى السياسية على إنجاز هذا الاستحقاق ضمن الأطر الدستورية وبما يضمن استقرار البلاد.
وفي هذا السياق، رجّح عضو ائتلاف دولة القانون عمران الكركوشي، تأخر الكتل السياسية في حسم اسم المرشح لمنصب رئاسة الوزراء، مشيراً إلى أن هذه الكتل قد تحتاج إلى مدة تصل إلى شهر كامل قبل الوصول إلى توافق نهائي. وقال الكركوشي في تصريح لـ/المعلومة/، إن “الكتل السياسية أمامها الكثير من العمل، إذ لا يقتصر الأمر على حسم مناصب الرئاسات فحسب، بل يمتد إلى توزيع الحصص داخل الحكومة المقبلة، وإعادة ترتيب الأوراق السياسية بما ينسجم مع الاستحقاقات الانتخابية”. وأضاف أن “ملف التوزيع لا يقتصر على قوى الإطار التنسيقي وحدها، بل يشمل جميع القوى السياسية التي تسعى لضمان حصصها ضمن التشكيلة الحكومية المقبلة”، مبيناً أن “آلية التوافق والتفاهم حول منصب رئيس الوزراء قد تستغرق مزيداً من الوقت، وربما تصل إلى شهر كامل قبل تكليف المرشح رسمياً من قبل رئيس الجمهورية”.
بالمقابل، حذر الخبير القانوني سعد البخاتي من مخاطر التأخير في تشكيل الرئاسات الثلاث، مؤكداً أن هذه العملية تُعد من أخطر وأدق الاستحقاقات الدستورية في النظام السياسي العراقي. وأوضح البخاتي لـ“المعلومة”، أن “الالتزام بالمدد الدستورية لاختيار رئيس الجمهورية وتكليف رئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة يُعد أمراً حتمياً لا يمكن تجاوزه”، مشدداً على أن أي إخلال بهذه المهل قد يفتح الباب أمام أزمات دستورية وتعطيل عمل السلطات. وأشار إلى أن المسارات السياسية الحالية تسير، حتى الآن، ضمن الإطار الدستوري الصحيح، رغم التعقيدات الناتجة عن الخلافات السياسية وتعدد التفسيرات الدستورية، لافتاً إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن التأخير غالباً ما ينعكس سلباً على الاستقرارين السياسي والاقتصادي. وبيّن أن غياب آليات مؤسسية واضحة لاختيار الرئاسات والمناصب السيادية جعل العملية السياسية خاضعة للتوافقات أكثر من اعتمادها على معايير دستورية ثابتة، داعياً إلى تشريع قوانين مكملة للدستور لتنظيم هذه الآليات ومنع تكرار الأزمات.
وبين تقديرات سياسية تشير إلى طول أمد التفاوض، وتحذيرات قانونية من مغبة تجاوز السقوف الدستورية، يبقى ملف رئاسة الجمهورية و رئاسة الوزراء اختباراً حقيقياً لقدرة القوى السياسية على تحقيق توازن دقيق بين منطق التوافق ومتطلبات الدستور، في مرحلة لا تحتمل مزيداً من التأجيل أو الدخول في فراغ سياسي يثقل كاهل الدولة والمواطن معاً.انتهى25د