العراق بلا كهرباء .. صمت حكومي وتحرك نيابي خجول والمواطن يموت
المعلومة / تقرير..
من الغريب ان يكون العراق الدولة النفطية التي تقف في مصاف الدول الغنية للمادة الأولية المشغلة للطاقة، وهو بلا طاقة ولا كهرباء، ولا يعقل ان تلتجأ الحكومات العراقية الى حلول وقتية في هذا الملف لتمشية أمور ما تبقى من حكوماتهم دون وضع حلولا جذرية للملف الشائك .
تابع قناة "المعلومة " على تلكرام.. خبر لا يحتاج توثيقاً ..
الضحية يبقى هو المواطن العراقي الذي يرزح في هذه الفترة في درجات حرارة مرتفعة وقياسية، أدت الى الكثير من الاضرار منها العويل والبكاء على بعض العراقيين الذين فقدوا حياتهم نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع شبه تام للتيار الكهربائي.
وادت الحرارة الشديدة وانقطاع التيار الكهربائي الى موت منتسبين اثنين من القوات الأمنية في الانبار وفي بغداد، مما زاد السخط الشعبي على القائمين على هذا الملف.
ودخلت الطاقة الكهربائية العراق عام 1917، واستمر تطورها بالتوازي مع الثورة النفطية، حتى نقلت الحكومة العراقية عام 1955 ملكية شركة كهرباء بغداد إلى دائرة حكومية سميت مصلحة كهرباء بغداد.
استمر تطور الطاقة الكهربائية في العراق حتى وصل إلى 9496 ميغاواط قبيل حرب الخليج الثانية عندها كان عدد سكان العراق حوالي 18 مليون نسمة ما يعني أن نحو 90% من سكان العراق حصلوا على الكهرباء .
خلال حرب الخليج الثانية دمرت نحو 92٪ من مرتكزات شبكة الكهرباء العراقية بفعل الضربات الجوية والصاروخية حتى فقدت أكثر من 8585 ميغاواط، وانخفض إنتاج الطاقة إلى (1598) ميغاواط فقط عام 1991.
خلال غزو العراق عام 2003 تعرضت محطات توليد الكهرباء لقصف مباشر من القوات الأمريكية ما أدى إلى انخفاض إنتاج الطاقة الكهربائية إلى نحو 20٪ فقط من القدرة الأصلية للمحطات الكهربائية العراقية، ونتيجة لذلك، لا تصل الكهرباء في منازل بغداد سوى 3-5 ساعات فقط يوميا.
في حزيران 2008 قالت وزارة الكهرباء العراقية إن هناك فجوة كبيرة بين استهلاك الكهرباء وإنتاجها في البلاد، إذ يبلغ الطلب 10500 ميغاوات بينما لا تزيد قدرة شبكة الكهرباء عن 5500 ميغاوات.
وفي تشرين الثاني 2019، ذكرت وزارة الكهرباء العراقية، أن العراق ينتج 19.5 غيغاوات من الكهرباء سنويا، فيما يحتاج إلى 26.5 غيغاوات، حيث يعوض الفارق باستيراد 7 غيغاوات من إيران.
ولتوفير الكهرباء على مدار 24 ساعة قالت الوزارة في تصريحات للمتحدث باسمها أحمد العبادي في حزيران 2021 إن العراق بحاجة إلى 27 ألف ميغاوات من الطاقة، لتوفير الكهرباء على مدار 24 ساعة للمواطنين.
وأشار العبادي إلى أن العراق يحتاج إلى 70 مليون متر مكعب من الغاز لرفع إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 22 ألف ميغاوات، ويستورد 20 مليون متر مكعب منها من إيران. كما يستورد العراق 1200 ميغاوات من الطاقة الكهربائية من إيران، في حين يحتاج إلى 27 ألف ميغاوات لتوفير الطاقة الكهربائية 24 ساعة يومياً، حيث أن حجم الحاجة المحلية للكهرباء وصلت عام 2023 إلى 35 ألف ميغاوات بحسب وزارة الكهرباء العراقية.
منذ العام 2003 سمع العراقيون عشرات الوعود الحكومية بإنهاء الأزمة حيث أكد نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني في عام 2012، بأن العراق سيصل إلى مرحلة الاكتفاء الكامل من الكهرباء، بل أنه قد "يصدرها إلى الأسواق المجاورة".
لكن لم يلمس العراقيون أي أثر لتلك الوعود حتى الآن رغم عشرات العقود التي وقعت مع شركات عالمية للطاقة.
وفي أيار 2008 وقع العراق عقدا بقيمة 179 مليون يورو مع جنرال إلكتريك لشراء ثمانية مولدات تعمل بالغاز الطبيعي سيركب معظمها في العاصمة بغداد، وفي حزيران 2008 وقع العراق عقدا مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية لإقامة ثلاث محطات كهرباء كبيرة بقيمة 480 مليون دولار، وفي تموز 2010 وقع وزير الكهرباء العراقي بالوكالة حسين الشهرستاني عقداً مع شركة الستوم الفرنسية لإنشاء محطة بخارية لإنتاج الطاقة الكهربائية بطاقة 1200 ميغاواط وإعادة تأهيل محطة أخرى.
اما في تشرين الثاني 2017 وقعت حكومة حيدر العبادي مع شركة (ايه.بي.بي) السويدية لتنفيذ مشاريع لنقل الطاقة الكهربائية لصالح وزارة الكهرباء مقدرا قيمة العقد بنحو 500 مليون دولار، وفي أيار 2018 وقعت وزارة الكهرباء العراقية اتفاقات مع شركتي جنرال إلكتريك وسيمنس بشأن صفقات محتملة لتطوير البنية التحتية للكهرباء، بسعة تجهيز تصل إلى 11 ميغاواط وبتكلفة 15 مليار دولار.
وفي أيلول 2019 وقعت وزارة النفط العراقية عقداً مع شركة "توتال إينرجي" الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار، لتنفيذ أربعة مشاريع في مجال الغاز والطاقة الكهربائية، وفي تموز 2020 وقعت وزارة الكهرباء العراقية، عقدا مع ائتلاف شركات تقوده "سكاتك" النرويجية لإنتاج 525 ميغاوات كهرباء من الطاقة الشمسية بقيمة ٥٠٠ مليون دولار.
وفي تموز 2020 وقع العراق عقدا مع شركة "أبوظبي لطاقة المستقبل" لبناء 5 محطات للطاقة الشمسية لإنتاج ألفي ميغاوات من الكهرباء، وفي آب 2021 وقع العراق اتفاقا مع شركة "باور تشاينا" الصينية، لإنشاء محطات طاقة شمسية بسعة 2000 ميغاواط، وفي أيار 2021 وقّعت وزارة النفط العراقية، عقدا مع شركة "توتال إينيرجيز" الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار، لتنفيذ أربعة مشاريع في مجال الغاز والطاقة الكهربائية، ووقع العراق في آذار 2023 3 عقود مع شركة سيمنز الألمانية لتأهيل ثلاث محطات للطاقة الكهربائية، وفي تموز 2023 أطلق العراق وشركة توتال إنرجي مشروعاً بقيمة 10 مليارات دولار يهدف خصوصاً لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ومن الغاز المحترق في الحقول النفطية، بهدف تحديث قطاع الكهرباء الذي يشهد أزمة متفاقمة.
وكل هذا الذي جرى للعراق في ملف الكهرباء، الا ان الحكومة العراقية عاجزة على اتخاذ أي اجراء بحق القائمين على هذا الملف، ليكون البرلمان صاحب المبادرة باستضافة وزير الكهرباء في مجلس النواب.
واكد عضو لجنة النزاهة النيابية هادي السلامي، عن وجود حراك برلماني يهدف إلى استضافة وزير الكهرباء لمناقشة ملف سوء واقع الكهرباء .
وقال السلامي لوكالة /المعلومة/، ان "مجلس النواب يعتزم استضافة وزير الكهرباء زياد علي فاضل للوقوف على حقيقية تراجع ساعات تجهيز الكهرباء في بغداد وعدد من المحافظات العراقية ".
وأضاف أن " استمرار انقطاع التيار الكهربائي والوعود الحكومية لانهاء هذا الانقطاع حبر على ورق ، مشيرا إلى أن الكهرباء في العراق أصبحت معضلة لا يمكن حلها ".
من جهتها اكدت لجنة الكهرباء والطاقة النيابية، عن استضافتها وزير الكهرباء والكادر المتقدم في الوزارة خلال اليوميين المقبلين.
وقالت عضو اللجنة النائب سهيلة السلطاني لوكالة /المعلومة/ ، ان "اللجنة سجلت العديد من الملاحظات على تلكؤ الكادر المتقدم بالوزارة، مبينة ان "الاستضافة سوف ترتقي الى مرحلة الاستجواب تحت قبة البرلمان لمصارحة الشعب عن حقيقة واقع قطاع الكهرباء".
وأشارت الى، ان " اعضاء اللجنة وعلى مدار الايام الماضية حققوا عدة جولات ميدانية لمختلف قطاعات الكهرباء في بغداد والمحافظات حيث تم تسجيل العديد من الملاحظات السلبية لاداء كوادر الوزارة الفنية والإدارية".انتهى/25م