الصيف اللاهب يثقل حياة العراقيين مع غياب الكهرباء
المعلومة / تقرير ..
عاما بعد آخر، تزداد معاناة العراقيين مع الانقطاع المزمن للتيار الكهربائي مع دخولهم في الأشهر الأولى من فصل الصيف وبلوغ درجات الحرارة ذروتها خلال الثلاثة أيام الماضية.
وعادت أزمة غياب الطاقة الكهربائية في العراق مع ارتفاع درجات الحرارة إلى الخمسين درجة مئوية، فيما يعتمد غالبية المواطنين على المولدات الاهلية.
وفي كل صيف يشهد العراق أزمة في ملف الكهرباء وتزويد المواطنين بالكميات المطلوبة لمواجهة درجات الحرارة المرتفعة.
وسرعان ما شهدت منظمة الكهرباء في العراق نقصا حادا في تجهيز المواطنين مع ارتفاع درجات الحرارة على العكس من تصريحات المسؤولين حول الجاهزية التامة لفصل الصيف.
وطالبت عددا من محافظات الوسط والجنوب، وزارة الكهرباء بتحسين ساعات تجهيزها وصيانة محطاتها وتحسين خطوطها الإنتاجية.
وأعلنت لجنة الطاقة في مجلس محافظة ذي قار، الشروع بحملة صيانة كبرى لتحسين واقع منظومة الكهرباء في المحافظة.
وقال رئيس لجنة الطاقة، عمار الركابي، لوكالة /المعلومة/، ان "شركات مختصة ستباشر بحملات كبرى لصيانة المحطات الكهربائية وخطوط الإنتاج والتوزيع في محافظة ذي قار، مشيرا الى الاتفاق على زيادة حصة المحافظة من الطاقة الكهربائية من 1700 ميغاواط إلى 1850 ميغاواط وخلال اليومين المقبلين".
والتقى وفد من مجلس محافظة ذي قار برئاسة رئيس المجلس عبد الباقي العمري، يوم امس السبت، بوزير الكهرباء زياد علي فاضل في بغداد، وتم الاتفاق على زيادة حصة المحافظة من الطاقة الكهربائية كونها من اعلى مناطق العالم ارتفاعا بدرجات الحرارة.
وأشار الركابي، الى ان " هناك مقترح لإنشاء محطة كهرباء جديدة بسعة 3000 ميغاواط في محافظة ذي قار".
الى ذلك، أعلن نائب رئيس فريق الجهد الخدمي والهندسي ووكيل وزارة الكهرباء نزار التميمي، المباشرة بـ23 مشروعا لفك الاختناقات الكهربائية في محافظة المثنى للمساهمة في تحسين قطاع الكهرباء في المحافظة.
وذكر التميمي في بيان للجهد الخدمي، تلقته وكالة /المعلومة/، أن "محافظة المثنى باشرت بـ23 مشروعا لفك الاختناقات الكهربائية في المحافظة تنفيذا لتوجيهات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
وأضاف، ان "هذه المشاريع ستسهم بتحسين قطاع الكهرباء في المحافظة وزيادة ساعات التجهيز للمواطنين".
واشار الى انه "سيتم نصب اكثر من 150 محولة كهربائية كمرحلة أولى اضافة للأعمدة والأسلاك في عدد من مناطق المحافظة".
ولتفادي ازمة الحر دعت وزارة البيئة الى اتباع بعض النصائح الهامة للوقاية من جفاف الجلد وحروق الشمس خلال الأيام الحارة، مشددة على ضرورة ارتداء ملابس فاتحة اللون وخفيفة، تغطي الجسم بشكل جيد.
وأشارت في بيان تلقته وكالة /المعلومة/، الى استخدام كريم واقي من الشمس بدرجة وقائية عالية تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال الفترة الزمنية الأكثر حرارة شرب الكمية الكافية من الماء للحفاظ على الترطيب".
وأكدت على ضرورة تجنب الخروج خارج المنزل في فترات النهار الأكثر حرارة وارتداء النظارات الشمسية والقبعات وحمل المضلات المطرية التي تساعد من تقليل تاثير ارتفاع الحرارة".
وبينت ان "هذه الإرشادات يمكن أن تساعد في الوقاية من آثار الشمس الضارة".
ونصحت "عدم الهدر في استخدام المياه والطاقة الكهربائية لان الهدر سيلحق الضرر والنقص عند الآخرين، وزيادة التشجير والمساحات الخضراء المستدامة".
وادت الحرارة الشديدة وانقطاع التيار الكهربائي الى موت منتسبين اثنين من القوات الأمنية في الانبار وفي بغداد، مما زاد السخط الشعبي على القائمين على هذا الملف.
ودخلت الطاقة الكهربائية العراق عام 1917، واستمر تطورها بالتوازي مع الثورة النفطية، حتى نقلت الحكومة العراقية عام 1955 ملكية شركة كهرباء بغداد إلى دائرة حكومية سميت مصلحة كهرباء بغداد.
استمر تطور الطاقة الكهربائية في العراق حتى وصل إلى 9496 ميغاواط قبيل حرب الخليج الثانية عندها كان عدد سكان العراق حوالي 18 مليون نسمة ما يعني أن نحو 90% من سكان العراق حصلوا على الكهرباء .
خلال حرب الخليج الثانية دمرت نحو 92٪ من مرتكزات شبكة الكهرباء العراقية بفعل الضربات الجوية والصاروخية حتى فقدت أكثر من 8585 ميغاواط، وانخفض إنتاج الطاقة إلى (1598) ميغاواط فقط عام 1991.
خلال غزو العراق عام 2003 تعرضت محطات توليد الكهرباء لقصف مباشر من القوات الأمريكية ما أدى إلى انخفاض إنتاج الطاقة الكهربائية إلى نحو 20٪ فقط من القدرة الأصلية للمحطات الكهربائية العراقية، ونتيجة لذلك، لا تصل الكهرباء في منازل بغداد سوى 3-5 ساعات فقط يوميا.
في حزيران 2008 قالت وزارة الكهرباء العراقية إن هناك فجوة كبيرة بين استهلاك الكهرباء وإنتاجها في البلاد، إذ يبلغ الطلب 10500 م
وفي تشرين الثاني 2019، ذكرت وزارة الكهرباء العراقية، أن العراق ينتج 19.5 غيغاوات من الكهرباء سنويا، فيما يحتاج إلى 26.5 غيغاوات، حيث يعوض الفارق باستيراد 7 غيغاوات من إيران.
ولتوفير الكهرباء على مدار 24 ساعة قالت الوزارة في تصريحات للمتحدث باسمها أحمد العبادي في حزيران 2021 إن العراق بحاجة إلى 27 ألف ميغاوات من الطاقة، لتوفير الكهرباء على مدار 24 ساعة للمواطنين.
وأشار العبادي إلى أن العراق يحتاج إلى 70 مليون متر مكعب من الغاز لرفع إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 22 ألف ميغاوات، ويستورد 20 مليون متر مكعب منها من إيران. كما يستورد العراق 1200 ميغاوات من الطاقة الكهربائية من إيران، في حين يحتاج إلى 27 ألف ميغاوات لتوفير الطاقة الكهربائية 24 ساعة يومياً، حيث أن حجم الحاجة المحلية للكهرباء وصلت عام 2023 إلى 35 ألف ميغاوات بحسب وزارة الكهرباء العراقية.
منذ العام 2003 سمع العراقيون عشرات الوعود الحكومية بإنهاء الأزمة حيث أكد نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني في عام 2012، بأن العراق سيصل إلى مرحلة الاكتفاء الكامل من الكهرباء، بل أنه قد "يصدرها إلى الأسواق المجاورة".
لكن لم يلمس العراقيون أي أثر لتلك الوعود حتى الآن رغم عشرات العقود التي وقعت مع شركات عالمية للطاقة.
وفي أيار 2008 وقع العراق عقدا بقيمة 179 مليون يورو مع جنرال إلكتريك لشراء ثمانية مولدات تعمل بالغاز الطبيعي سيركب معظمها في العاصمة بغداد، وفي حزيران 2008 وقع العراق عقدا مع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية لإقامة ثلاث محطات كهرباء كبيرة بقيمة 480 مليون دولار، وفي تموز 2010 وقع وزير الكهرباء العراقي بالوكالة حسين الشهرستاني عقداً مع شركة الستوم الفرنسية لإنشاء محطة بخارية لإنتاج الطاقة الكهربائية بطاقة 1200 ميغاواط وإعادة تأهيل محطة أخرى.
اما في تشرين الثاني 2017 وقعت حكومة حيدر العبادي مع شركة (ايه.بي.بي) السويدية لتنفيذ مشاريع لنقل الطاقة الكهربائية لصالح وزارة الكهرباء مقدرا قيمة العقد بنحو 500 مليون دولار، وفي أيار 2018 وقعت وزارة الكهرباء العراقية اتفاقات مع شركتي جنرال إلكتريك وسيمنس بشأن صفقات محتملة لتطوير البنية التحتية للكهرباء، بسعة تجهيز تصل إلى 11 ميغاواط وبتكلفة 15 مليار دولار.
وفي أيلول 2019 وقعت وزارة النفط العراقية عقداً مع شركة "توتال إينرجي" الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار، لتنفيذ أربعة مشاريع في مجال الغاز والطاقة الكهربائية، وفي تموز 2020 وقعت وزارة الكهرباء العراقية، عقدا مع ائتلاف شركات تقوده "سكاتك" النرويجية لإنتاج 525 ميغاوات كهرباء من الطاقة الشمسية بقيمة ٥٠٠ مليون دولار.
وفي تموز 2020 وقع العراق عقدا مع شركة "أبوظبي لطاقة المستقبل" لبناء 5 محطات للطاقة الشمسية لإنتاج ألفي ميغاوات من الكهرباء، وفي آب 2021 وقع العراق اتفاقا مع شركة "باور تشاينا" الصينية، لإنشاء محطات طاقة شمسية بسعة 2000 ميغاواط، وفي أيار 2021 وقّعت وزارة النفط العراقية، عقدا مع شركة "توتال إينيرجيز" الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار، لتنفيذ أربعة مشاريع في مجال الغاز والطاقة الكهربائية، ووقع العراق في آذار 2023 3 عقود مع شركة سيمنز الألمانية لتأهيل ثلاث محطات للطاقة الكهربائية، وفي تموز 2023 أطلق العراق وشركة توتال إنرجي مشروعاً بقيمة 10 مليارات دولار يهدف خصوصاً لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ومن الغاز المحترق في الحقول النفطية، بهدف تحديث قطاع الكهرباء الذي يشهد أزمة متفاقمة.
وكل هذا الذي جرى للعراق في ملف الكهرباء، الا ان الحكومة العراقية عاجزة على اتخاذ أي اجراء بحق القائمين على هذا الملف، ليكون البرلمان صاحب المبادرة باستضافة وزير الكهرباء في مجلس النواب.انتهى/25ق