سوريا بين فكي العصابات والهيمنة الدولية: هل يتهاوى حكم التشدد؟
المعلومة / خاص ...
شهدت سوريا منذ اندلاع الثورة عام 2011 تحولات جذرية، إذ تحولت الساحة السورية إلى ملعب مفتوح لقوى دولية وإقليمية تتصارع على النفوذ، وسط غياب مشروع وطني جامع ينقذ البلاد من الفوضى. في هذا السياق، برزت “هيئة النصرة” بقيادة أبو محمد الجولاني كواحدة من أبرز الجماعت التي سيطرت على سوريا، وسط تساؤلات حول مستقبل هذه الإدارة ودورها في المخططات الأمريكية والتركية في المنطقة.
الجولاني وإدارة العصابات: دعم خارجي وتمكين داخلي
منذ تحول جبهة النصرة إلى هيئة تحرير الشام، عمل الجولاني على ترسيخ قبضته في إدلب، متبنياً خطاباً براغماتياً يسعى إلى تقديم الهيئة كقوة معتدلة قادرة على إدارة المناطق المحررة، ولكن، خلف هذا القناع يكمن نظام يعتمد على ممارسات العصابات من قمع، واحتكار الموارد، وتصفية المعارضين، مما يحوّل إدلب إلى إمارة أشبه بما رأيناه في نماذج حكم طالبان أو داعش.
الدعم التركي للهيئة يبدو جلياً في ظل وجود تفاهمات ضمنية بين الطرفين، حيث تسعى أنقرة إلى استخدام الهيئة كأداة لحماية مصالحها في شمال سوريا، بينما تتغاضى القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، عن تجاوزات الجولاني، ربما كجزء من استراتيجية طويلة الأمد لإعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة
هل يتهاوى حكم الهياكل الإسلامية المتشددة؟
رغم سيطرة هيئة تحرير الشام على سوريا ، إلا أن حكمها يواجه تحديات حقيقية قد تؤدي إلى انهياره على المدى البعيد.
من أبرز هذه التحديات
السخط الشعبي: تصاعد الغضب الشعبي في سوريا نتيجة الأوضاع المعيشية الكارثية، وازدياد القمع والممارسات التعسفية من قبل الهيئة.
التناقضات الداخلية: انشقاقات مستمرة داخل صفوف الهيئة، بسبب التفاوت بين القادة الميدانيين وتوجهات الجولاني البراغماتية
الضغوط الدولية: رغم التواطؤ الظاهر، إلا أن مصالح القوى الكبرى قد تتغير، مما قد يؤدي إلى التخلي عن دعم النصرة عند انتفاء الحاجة إليها.
لماذا هذا التواطؤ الدولي؟
التواطؤ الدولي مع هيئة تحرير الشام وغيرها من الفصائل المتشددة في سوريا ليس جديداً، فالقوى الكبرى تتعامل مع الملف السوري بناءً على مصالحها الخاصة، فيما يغض المجتمع الدولي الطرف متذرعاً بعدم وجود بدائل >
مستقبل سوريا في ظل هذه التوازنات
استمرار إدارة العصابات في سوريا بدعم خارجي يضع مستقبل سوريا في حالة من الضبابيةن فبقاء الجولاني وحكمه المتشدد يعني إدامة الأزمة واستمرار معاناة الشعب السوري، ومع ذلك، فإن ديناميكيات المنطقة تُشير إلى أن هذا الحكم لن يدوم طويلاً، خاصة في ظل التحديات الداخلية والخارجية المتزايدة..
سوريا اليوم بحاجة إلى مشروع وطني جامع يعيد للسوريين سيادتهم على أرضهم بعيداً عن نفوذ القوى المتشددة والمصالح الدولية المتشابكة، ولكن، حتى ذلك الحين، ستبقى البلاد عالقة في دوامة الصراعات التي تُغذيها مصالح الخارج وصراعات الداخل.انتهى / 25