الوجود الأمريكي في العراق.. بين انسحاب مؤجل ومحاولات فرض الهيمنة الإقليمية
المعلومة / بغداد ..
تشهد الساحة السياسية والأمنية العراقية جدلًا مستمرًا بشأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق وهو ملف شائك طالما ارتبط بالعلاقات الثنائية بين البلدين.
ورغم الاتفاقات التي جرى التوصل إليها بين الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية بشأن جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية إلا أن الواقع يعكس محاولات أمريكية للبقاء أطول فترة ممكنة تحت ذرائع متعددة أبرزها التوترات الإقليمية والأزمة السورية.
وعلى الرغم من التزام الولايات المتحدة في العديد من المناسبات بسحب قواتها القتالية من العراق إلا أن التحركات الميدانية تشير إلى وجود نوايا مغايرة إذ تقوم القوات الأمريكية بنشر أرتال عسكرية وإعادة توزيع قواتها في قواعد جديدة، بعضها تم إنشاؤه حديثًا في مناطق استراتيجية داخل العراق.
وتلعب الأزمة السورية دورًا محوريًا في محاولات الولايات المتحدة تبرير وجودها في المنطقة بما في ذلك العراق فالحدود العراقية السورية تعتبر إحدى النقاط الساخنة التي تستخدمها واشنطن لتبرير عملياتها العسكرية في إطار مكافحة الإرهاب وتأمين الاستقرار الإقليمي.
وحول الموضوع يقول القيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر اللامي في تصريح لوكالة / المعلومة / إن " الحشد الشعبي جزءًا مهمًا من القوة الأمنية العراقية بفضل تصويت البرلمان عليه، مشددًا على أنه صمام أمان لوحدة العراق أرضًا وشعبًا".
وأضاف أن " العراق لن يسمح بأي تدخل خارجي أو داخلي يمس بهذه المؤسسة التي أثبتت أهميتها في الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها".
وأشار إلى أن " المقاومة الوطنية لعبت دورًا بارزًا في حماية العراق خلال السنوات الماضية، خاصة في الحرب ضد تنظيم القاعدة وبقايا النظام السابق، وصولاً إلى مواجهة الاحتلال الأميركي بالإضافة إلى التصدي لتنظيم داعش"، مؤكدًا أن " من يريد الحديث مع المقاومة عليه أن يفعل ذلك باحترام وتقدير لدورها الوطني".
أوضح أن " الولايات المتحدة تحاول إيجاد المبررات للبقاء في البلاد والمنطقة وعودها بشأن الانسحاب غير صادقة، داعيا إلى ضرورة توخي الحذر في التعامل معها وأن على جميع القوى العراقية التكاتف لإخراج القوات الأميركية من البلاد".
واكد أن " امريكا كانت صاحبة اليد الكبرى فيما حدث في سوريا"، مشيرًا إلى " تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي أكد فيها أن إدارة أوباما كانت وراء إدخال تنظيم داعش إلى العراق وسوريا".
وأضاف أن أميركا " تعمل على وضع العراقيل أمام الكثير من القضايا السورية مما يتطلب موقفًا موحدًا لمواجهتها".
ومن جهته أكد السياسي المستقل عباس المالكي في تصريح لوكالة / المعلومة / إن " هناك أرتالًا أمريكية منتشرة في عدة مدن عراقية وهو ما يعكس إصرار الإدارة الأمريكية على البقاء في المنطقة التي أصبحت ساحة صراع إقليمي".
وأوضح أن " الإدارة الأمريكية تسعى لتوسيع وجودها في العراق والمنطقة بشكل عام، ما يتطلب من الحكومة العراقية الدخول في مفاوضات مع الجانب الأمريكي لوضع إطار أو اتفاقية تنظم هذا التواجد"، محذرا أن " استمرار غياب مثل هذه الاتفاقية قد يُبقي العراق تحت هيمنة القرار الأمريكي".
وأضاف أن " القوى الشيعية المتمثلة بالإطار التنسيقي طالبت سابقًا بانسحاب القوات الأمريكية من العراق بينما رفضت أطراف عراقية أخرى هذا المطلب ودعت إلى بقاء القوات الأمريكية، معتبرة أن وجودها ضروري لدعم استقرار العراق".
وبيّن أن " هناك انقسامات داخلية بين القوى السياسية العراقية حيث يرى بعض الساسة غير المنتمين للطيف الشيعي والمتمثلين بالسنة والاكراد أن مغادرة القوات الأمريكية قد تؤثر سلبًا على الوضع العام في البلاد".
وأشار إلى أن " الإدارة الأمريكية استغلت هذا الانقسام الداخلي معتبرة أن الأطراف الشيعية لا تمثل جميع العراقيين، وبالتالي لا يمكن فرض قرار الانسحاب في ظل غياب توافق وطني حوله".
ولفت المالكي إلى أن " التحديات الإقليمية المتزايدة وتحديدًا مع احتمال عودة دونالد ترامب إلى الحكم قد تُعقد المشهد أكثر"، مشددًا على " ضرورة وجود حراك سياسي عراقي لتوضيح العلاقة مع الإدارة الأمريكية وإعادة صياغتها بما يخدم مصالح العراق".
وعلى المستوى العراقي، تواجه هذه التحركات رفضًا واسعًا من قبل العديد من القوى السياسية والفصائل التي ترى في استمرار الوجود الأمريكي انتهاكًا للسيادة الوطنية كما أبدى البرلمان العراقي في وقت سابق موقفًا حاسمًا بضرورة وضع حد لوجود القوات الأجنبية وتنفيذ الجدول الزمني للانسحاب.
ومع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية لإخراج القوات الأجنبية، يظل مستقبل هذا الملف مرهونًا بقدرة الحكومة العراقية على فرض سيادتها وتنفيذ الاتفاقات المبرمة في ظل التحديات التي تواجهها على الصعيدين الداخلي والإقليمي.انتهى 25/س