
عائدات النفط المهرب.. أربيل تسدد ديونها وبغداد تتحمل الخسائر
المعلومة / بغداد ..
لا تزال قضية تهريب النفط من إقليم كردستان تمثل إحدى أبرز المشكلات التي تعمق الخلافات بين بغداد وأربيل فعلى الرغم من الاتفاقيات التي تلزم الإقليم بتسليم الإيرادات النفطية إلى الحكومة الاتحادية، تؤكد تقارير عديدة استمرار عمليات التهريب عبر قنوات غير رسمية، حيث يتم تصدير النفط إلى جهات خارجية بطرق غير قانونية.
المشكلة لا تقتصر فقط على التهريب، بل تمتد إلى استخدام أربيل للعائدات الناتجة عن هذه العمليات في تسديد ديونها للشركات الأجنبية، وهو ما يعد خرقًا للاتفاقات المالية بين الطرفين.
ترى الحكومة الاتحادية أن هذه الأموال كان من المفترض أن تدخل إلى خزينة الدولة، حيث إنها الجهة المسؤولة عن إدارة الثروات الوطنية وفق الدستور. إلا أن إقليم كردستان يستغل تلك العائدات لصالح التزاماته المالية الخاصة، متجاهلًا التزاماته تجاه الدولة العراقية ككل.
هذه الممارسات أدت إلى فقدان الحكومة الاتحادية لموارد مالية هامة، مما فاقم العجز المالي وزاد من تعقيد الموازنة العامة.
في هذا السياق، يقول عضو لجنة الاستثمار النيابية محمد الزيادي في تصريح لوكالة / المعلومة / إن “الحكومة الاتحادية مسؤولة عن الحفاظ على المال العام والحد من هدره، سواء على مستوى الإقليم أو المؤسسات أو المواطنين”، مشيرًا إلى أن “الإقليم جزء من الدولة، والحكومة الاتحادية هي الجهة المسؤولة أمام مجلس النواب عن إدارة الأموال العامة”.
وأضاف أن “الحكومة بعد إرسالها تعديل قانون الموازنة إلى مجلس النواب، ترى في ذلك حلًا مؤقتًا لعبور الأزمة بين المركز والإقليم، وليس حلًا نهائيًا أو مستدامًا”.
وشدد على أن “الديون المترتبة بذمة الإقليم يجب أن تُسترجع إلى الحكومة الاتحادية”، مؤكدًا أن “هذا الأمر لا يمكن التخاذل فيه أو السكوت عنه”.
إحدى القضايا الأكثر إثارة للجدل في هذا الملف هي الديون المستحقة على إقليم كردستان لصالح الشركات الأجنبية فمنذ سنوات، أبرمت حكومة الإقليم عقودًا مع شركات نفطية دون الرجوع إلى بغداد، ورغم أن هذه الديون تُقدَّر بمليارات الدولارات، فإن الحكومة الاتحادية ترفض تحمّل أي مسؤولية عنها، مؤكدة أنها لم تكن طرفًا في هذه العقود.
وتحاول أربيل تصوير الأزمة على أنها استهداف للشعب الكردي، في حين تؤكد الحكومة الاتحادية أن القضية تتعلق بالالتزام بالقانون والشفافية المالية، وليس بخلافات سياسية أو قومية.
وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي إبراهيم السراج، في تصريح لوكالة / المعلومة /، إن “إقليم كردستان يسعى للحصول على حقوقه المالية دون الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه، وهو ما يضر بالمحافظات المنتجة للنفط التي تعاني من التهميش والفقر”.
وأشار إلى أن “الطبقة السياسية لم تتعامل مع أزمات الإقليم وفق منظور وطني ورؤية تتماشى مع الدستور والقوانين النافذة، مما أدى إلى استمرار الخلافات بين بغداد وأربيل”.
وأوضح أن “الحكومة الاتحادية غير مسؤولة عن الديون المترتبة على الإقليم لصالح الشركات الأجنبية، خاصة أن تلك العقود أبرمتها حكومة كردستان دون توقيع الحكومة المركزية، وبالتالي لا يمكن تحميل بغداد تبعاتها المالية”.
وأضاف أن “عمليات تهريب النفط في الإقليم لا تزال مستمرة، بينما تحاول أربيل إطالة أمد الأزمة للاستفادة من العائدات غير المشروعة، بدلًا من الالتزام بالقوانين والتفاهمات مع بغداد”.
وأكد أن “حكومة الإقليم تسعى إلى تصوير الأزمة على أنها استهداف سياسي، في حين أن المسألة تتعلق بضرورة الشفافية والالتزام بالقوانين، بدلًا من اللجوء إلى حملات التسقيط ضد شخصيات سياسية ووطنية”.
وشدد على “ضرورة التزام الإقليم بالاتفاقية الموقعة مع بغداد، كما التزمت الحكومة المركزية بتوفير حقوق الإقليم وصرف رواتب موظفيه”، مشيرًا إلى أن “أربيل مطالبة بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية التي تصل إلى أربعة تريليونات دينار وفق الاتفاقيات المبرمة”.
ولفت إلى أن “حكومة الإقليم تحاول الاستقواء بالدعم الأمريكي واستخدام وسائل الإعلام في حملات ضغط، بدلًا من البحث عن حلول واقعية للأزمة”، مؤكدًا أن “حل الخلافات يتطلب التزامًا واضحًا بالاتفاقيات والقوانين النافذة”.
إن استمرار عمليات التهريب، وعدم التزام إقليم كردستان بتسليم الإيرادات النفطية إلى الحكومة الاتحادية، يزيدان من تعقيد الأزمة المالية في العراق، ويؤثران بشكل مباشر على العلاقة بين بغداد وأربيل.
ويبقى الحل الوحيد، في ظل هذه المعطيات، هو الالتزام الكامل بالاتفاقيات والقوانين النافذة، وإيجاد آليات واضحة تضمن السيطرة على الموارد النفطية وإدارتها بشكل عادل يحقق مصلحة جميع العراقيين.انتهى 25/س