
من أماكن إصلاح إلى مراكز إدمان.. المخدرات تغزو السجون العراقية
المعلومة / بغداد..
لم تعد السجون العراقية مجرد أماكن لاحتجاز المجرمين وإعادة تأهيلهم، بل تحولت إلى بؤر خصبة لتعاطي المخدرات وترويجها، ما جعلها مصدر تهديد حقيقي للمجتمع، فلم تعد المخدرات مقتصرة على الأوساط الإجرامية، بل باتت تنتشر داخل السجون بين مختلف الفئات، حتى بين السجناء الذين دخلوا السجن بتهم بسيطة، لينتهي بهم الأمر مدمنين أو حتى تجارًا داخل السجون.
ولم يتوقف الأمر عند التعاطي فقط، بل أصبحت السجون أسواقًا نشطة لتجارة المخدرات فبعض السجناء الذين بدأوا كمستهلكين تحولوا إلى تجار، مستغلين بيئة السجن المغلقة لبيع المخدرات وتوزيعها على النزلاء.
وتتم هذه التجارة غير المشروعة غالبًا بتواطؤ بعض العناصر الفاسدة داخل إدارات السجون، أو عبر تهريب المخدرات بطرق مبتكرة من الخارج، ما يعكس ضعف الرقابة الأمنية داخل المؤسسات الإصلاحية.
رئيس لجنة المخدرات والمؤثرات العقلية النيابية، عدنان برهان الجحيشي، أكد أن السجون العراقية أصبحت بيئة خصبة لتعاطي المخدرات والإدمان عليها، بل وتحولت إلى ساحة لتجارتها.
وقال الجحيشي، في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن “العديد من السجناء، حتى أولئك الذين دخلوا السجون بتهم بسيطة لا تتعلق بالمخدرات، ينتهي بهم الأمر إلى تعاطيها والإدمان عليها، فيما يتحول بعضهم إلى تجار داخل السجون”.
كما وصف أوضاع السجون بالمأساوية، مشيرًا إلى أنها “تشكل خطرًا حقيقيًا على المجتمع العراقي وتمثل إساءة كبيرة بحقه”، داعيًا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات جادة لمعالجة هذه الظاهرة.
من جانبه، أقر وزير العدل خالد شواني بوجود ظاهرة انتشار تجارة المخدرات داخل السجون العراقية، لكنه وصف السيطرة عليها بأنها “مستحيلة”، ما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه الجهات المختصة في الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
ويشكل انتشار المخدرات داخل السجون تهديدًا حقيقيًا للمجتمع العراقي، إذ إن السجين الذي يخرج بعد قضاء محكوميته لا يعود فردًا صالحًا، بل قد يكون قد تحول إلى مدمن أو تاجر مخدرات، مما يؤدي إلى زيادة انتشار الظاهرة في المجتمع، كما أن ضعف الرقابة داخل السجون يسهم في جعلها بيئة غير آمنة، حيث تزداد حالات العنف والابتزاز بين السجناء بسبب تجارة المخدرات.
وفي ظل تفاقم هذه الظاهرة، يتطلب الأمر تدخلاً عاجلاً من الجهات الأمنية والقضائية والصحية لوضع حد لانتشار المخدرات داخل السجون.
ويشدد الخبراء على ضرورة تعزيز الرقابة داخل السجون، وتشديد الإجراءات لمنع تهريب المخدرات، إضافة إلى تطوير برامج تأهيلية وعلاجية لمساعدة المدمنين على الإقلاع عن المخدرات وإعادة دمجهم في المجتمع.
أصبحت السجون العراقية، التي يُفترض أن تكون مراكز إصلاح وتأهيل، بيئة خصبة لتعاطي المخدرات وترويجها، مما يشكل خطرًا متزايدًا على المجتمع ككل.
ومع إقرار المسؤولين بصعوبة السيطرة على الظاهرة، فإن معالجة هذه المشكلة تتطلب استراتيجية شاملة تشمل تشديد الرقابة، ومكافحة الفساد داخل إدارات السجون، إلى جانب تعزيز برامج التأهيل وإعادة الإدماج، حتى لا تبقى السجون مصنعًا لإنتاج مجرمين أكثر خطورة بدلًا من إصلاحهم.انتهى 25/س