
التصعيد في البحر الأحمر: واشنطن بين الحسابات المعقدة والمخاوف الاستراتيجية
المعلومة/ تقرير..
تواجه الإدارة الأمريكية تحديات متزايدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتداخل الأزمات الأمنية والاقتصادية في البحر الأحمر مع تصاعد التوترات مع إيران.
فمع استمرار هجمات حركة أنصار الله اليمنية على السفن التجارية، تجد واشنطن نفسها أمام مأزق استراتيجي، إذ لم تفلح ضرباتها العسكرية الأخيرة في تأمين الملاحة الدولية أو طمأنة شركات الشحن الكبرى، التي لا تزال تتجنب المرور عبر المنطقة مفضلةً الالتفاف حول أفريقيا، رغم ارتفاع التكلفة والمدة الزمنية.
وفي موازاة ذلك، تستمر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصعيد خطابها ضد إيران، ملوحةً بخيار الحرب، إلا أن العديد من الخبراء يرون أن هذا التهديد يندرج في إطار الحرب النفسية أكثر من كونه مؤشراً حقيقياً على تصعيد عسكري وشيك، خاصة في ظل امتلاك إيران قدرات صاروخية متطورة تجعل أي مواجهة محفوفة بالمخاطر وغير محسوبة العواقب.
*تداعيات الأزمة في البحر الأحمر
كشفت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير لها اليوم السبت، أن هجمات حركة أنصار الله اليمنية أربكت حسابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية قلقة بشأن استئناف الملاحة البحرية العالمية في البحر الأحمر.
وذكر التقرير، الذي ترجمته وكالة /المعلومة/، أن "ترامب، عندما أمر بشن ضربات عسكرية نهاية الأسبوع الماضي ضد حركة أنصار الله في اليمن، أكد أن هجمات الحركة على الشحن التجاري في البحر الأحمر أضرَّت بالتجارة العالمية، ومع ذلك لا تزال سفن الشحن، وخصوصًا تلك المرتبطة بالكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، تتجنب دخول المنطقة".
وأضاف التقرير أن "عودة شركات الشحن إلى البحر الأحمر وقناة السويس قد تستغرق أشهرًا عديدة، إذ أن شركات النقل البحري تجنبت المنطقة لأكثر من عام، مرسلةً سفنها حول الطرف الجنوبي لأفريقيا للوصول من آسيا إلى أوروبا، وهي رحلة تستغرق حوالي 3500 ميل بحري و10 أيام إضافية".
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات مسؤولين تنفيذيين في قطاع الشحن البحري، الذين أكدوا أنهم "لا يخططون للعودة إلى البحر الأحمر حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل في الشرق الأوسط يشمل حركة أنصار الله في اليمن".
*التصعيد مع إيران بين الحرب النفسية والواقع الميداني
في سياق متصل، أكد الخبير الأمني هشام الدراجي، اليوم الأحد، أن التهديدات التي يطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن شن حرب مدمرة ضد إيران تندرج ضمن الخطاب الإعلامي الدعائي والحرب النفسية، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية لا ترغب في إشعال حرب، لأنها لا تخدم مصالح واشنطن أو حلفائها في المنطقة.
وقال الدراجي، في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن "إيران تمتلك قدرات صاروخية متطورة تمكّنها من استهداف القواعد والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ما يجعل أي مواجهة عسكرية محفوفة بالمخاطر".
أما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، فقد أشار الدراجي إلى أن "مطالبة ترامب بعقد اتفاق جديد تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية، خاصة وأن الاتفاق النووي السابق تم توقيعه برعاية الأمم المتحدة وقوى دولية كبرى"، معتبرًا أن "الحديث عن اتفاق بديل غير مقبول لدى الجانب الإيراني، خصوصًا في ظل العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن".
* الضغط العسكري والاقتصادي
ويتضح أن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تواجه اختبارًا صعبًا، حيث لم تحقق استراتيجيات الضغط العسكري والاقتصادي الأهداف المرجوة. فبينما تتفاقم المخاوف من استمرار التهديدات الأمنية في البحر الأحمر، يبقى الملف الإيراني نقطة اشتعال دائمة، مما يعزز حالة عدم الاستقرار في المنطقة. وفي ظل هذا الواقع، تظل خيارات واشنطن محدودة، بين مواصلة الضغوط دون تحقيق نتائج حاسمة، أو الدخول في مواجهة عسكرية لا تبدو في صالحها أو صالح حلفائها.انتهى٢٥ز