
إيلون ماسك في مرمى الاحتجاجات… وترامب يصرّ على المضيّ قدماً
المعلومة / بغداد..
في تصعيد غير مسبوق للاحتجاجات ضد الإدارة الأمريكية، اجتاحت مظاهرات حاشدة شوارع واشنطن ومدن أمريكية وأوروبية أخرى، رفضاً صريحاً لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره إيلون ماسك.
وتأتي هذه الاحتجاجات في ظل حالة من الاستقطاب السياسي والغضب الشعبي المتصاعد، إذ اعتبر المحتجون أن السياسات الحالية تشكل تهديداً مباشراً للديمقراطية وتضر بمصالح المواطنين على كافة الأصعدة.
وبدأت الأحداث في العاصمة واشنطن حيث توافد الآلاف من المواطنين إلى شارع كونيتيكت باتجاه وسط المدينة، حاملين لافتات تحمل شعارات مثل “لا ملوك في الولايات المتحدة” و”ارفعوا أيديكم”.
وتزامنت هذه التحركات مع تجمعات ضخمة قرب النصب التذكاري، حيث أكد المنظمون أن ما يقرب من 1200 مظاهرة قد نُظّمت في أنحاء الولايات المتحدة بمشاركة حوالي 150 منظمة حقوقية ومدنية، مما يمثل أكبر تحرك شعبي ضد إدارة ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض.
ولم يقتصر الغضب على الأراضي الأمريكية فحسب، بل امتد إلى القارات الأخرى؛ ففي باريس وبرلين ولندن ولشبونة خرج المواطنون، بمن فيهم الأمريكيون المقيمون في الخارج، للتعبير عن رفضهم لما وصفوه بأنه “تجاوز خطير” في استخدام السلطة ففي فرانكفورت، نظمت منظمة “الديمقراطيون في الخارج” احتجاجاً رافعه شعارات تطالب باستقالة ترامب، فيما شهدت برلين مظاهرة أمام معرض لشركة تسلا، حيث انتقد المتظاهرون ماسك بشكل علني، مما أبرز الانقسام بين من يؤيدون السياسات الحالية ومن يرون أنها تهدد المبادئ الديمقراطية.
ومن بين النقاط الرئيسية التي أثارت استياء المتظاهرين كان قرار ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية شاملة، إذ اعتبر الكثيرون أن هذه الإجراءات ستلحق أضراراً بالغة بالاقتصاد الوطني والعالمي، فقد أدت هذه الرسوم إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، مما دفع بمجموعة من القطاعات الاقتصادية، وخاصة المزارعين وأصحاب الأعمال الصغيرة، إلى التعبير عن مخاوفهم من تداعيات اقتصادية سلبية على حياتهم اليومية. وفي هذا السياق، صرح واين هوفمان، المدير المالي المتقاعد من ولاية نيوجيرسي، بأن استخدام ترامب الواسع للرسوم الجمركية “سيكلف الكثير من الوظائف وسيتسبب في خسائر فادحة للطبقة المتوسطة”.
وعلى الصعيد الداخلي، وصف الديمقراطيون سياسات ترامب بأنها خيانة للوطن، معتبرين أن القرارات الصادرة عن البيت الأبيض تستهدف مصالح النخب الاقتصادية على حساب الشعب.
وأشار رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إلى أن تمرير قوانين الميزانية الأخيرة جاء بمثابة “خضوع تام لأصحاب المليارات”، مما يعكس انحياز السياسات لصالح قلة دون غيرهم.
وفي تصريحات صحفية منفصلة، أكد ترامب بأن “سياساتي لن تتغير أبدًا”، مما زاد من حدة التوتر السياسي في البلاد.
وتأتي هذه الاحتجاجات في ظل موجة من الاستقطاب السياسي العميق، حيث يرى معارضو ترامب أن الإدارة تسعى إلى تركيز السلطة التنفيذية على حساب السلطات التشريعية والقضائية، في محاولة لإعادة تشكيل النظام السياسي الأمريكي وفق رؤية محافظة متشددة.
وقد أدت هذه السياسات إلى تصاعد الانتقادات من قبل عدد من الجهات الحقوقية والمدنية، التي تحذر من أن هذه التحركات قد تضع أسساً لتراجع الديمقراطية وتهديد الحريات العامة.
وفي المدن الأوروبية، كان الغضب أكثر وضوحاً بين الأمريكيين المقيمين هناك، الذين نظموا احتجاجات تضامنية تعكس استياءً عالمياً من السياسات الأمريكية، ففي لندن، توافد مئات المتظاهرين إلى ميدان ترافالغار، حيث تم تبادل الشعارات التي تدعو إلى إنهاء “السيطرة الاستبدادية” على مؤسسات الدولة، وفي برلين، رُصد تواجد لجماعات ناشطة قامت برفع لافتات تنتقد ماسك بشكل مباشر، معتبرين أن تدخلاته في السياسات الأمريكية تُزيد من حالة عدم الاستقرار داخل وخارج البلاد.
وبجانب الاحتجاجات الجماهيرية، شهدت الفترة الأخيرة تصاعداً في الدعوات القضائية التي تستهدف بعض قرارات الإدارة، إذ تتهمها جماعات حقوقية بتجاوزات دستورية، مثل محاولة طرد الموظفين الحكوميين وترحيل المهاجرين بطرق غير قانونية.
وفي هذا السياق، انتشرت تصريحات مؤيدة للمعارضة بأن “توسيع صلاحيات الرئاسة ليس مجرد خطوة إدارية بل هو هجوم على مبادئ الديمقراطية الأساسية”.
وفي خضم هذا الزخم الشعبي، يبقى السؤال قائماً حول كيفية استجابة البيت الأبيض لهذه الاحتجاجات المتصاعدة، وما إذا كانت الضغوط الشعبية ستدفع الإدارة إلى إعادة النظر في سياساتها المثيرة للجدل.
وبينما يستمر الشعب الأمريكي في التعبير عن غضبه من خلال الشوارع والميادين، يبدو أن الأفق السياسي للولايات المتحدة يلوح في الأفق بمزيد من التوترات والتحولات، قد تؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي في السنوات القادمة.انتهى 25/س