
الرسوم الجمركية الأمريكية.. أزمة عالمية أم فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد؟
المعلومة/تقرير..
تُعد السياسات الاقتصادية الأمريكية ذات تأثير بالغ على الاقتصاد العالمي، إذ أن الإجراءات مثل فرض الرسوم الجمركية بشكل واسع، تُهدد استقرار النظام التجاري الدولي، وقد تدفع بالعالم نحو أزمة اقتصادية خانقة. هذا النهج، الذي يغفل أهمية التعاون الاقتصادي بين الدول، يُلقي بأعباء ثقيلة على كاهل الدول النامية والاقتصادات الضعيفة، مما يزيد من معدلات الفقر والبطالة. ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن هذه السياسات الأحادية تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية، وتحمل في طياتها مخاطر جسيمة قد تطال الجميع.
* التداعيات السلبية على الاقتصاد العالمي
وبخصوص هذه الموضوع, حذّر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، من التداعيات السلبية التي قد تواجه الاقتصاد العالمي نتيجة الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على أغلب دول العالم، مؤكداً أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى حالة من الركود وتفاقم معدلات التضخم.
وقال المشهداني في تصريح لوكالة /المعلومة /، إن "الدولة الأكثر تضرراً من هذه الرسوم ستكون الصين، كونها المصدّر الأول إلى السوق الأمريكية، حيث تجاوزت صادراتها 500 مليار دولار سنوياً"، مبيناً أن "فرض هذه الرسوم سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، وبالتالي انخفاض الطلب عليها، مما يدفع المصانع إلى تقليص الإنتاج، وهو ما يفاقم من مستويات التضخم ويؤثر على سلاسة الحركة الاقتصادية عالمياً".
وأضاف أن "الولايات المتحدة بهذا القرار تنتهك الاتفاقيات التجارية الدولية، ما قد يدفع العديد من الدول إلى اتخاذ إجراءات مضادة"، مشيراً إلى أن "هذه السياسات لن تحقق أهدافها الاقتصادية، بل ستنعكس سلباً على الاقتصاد الأمريكي نفسه، لاسيما وأن إدارة ترامب لم تدرس القرار بشكل معمق قبل اتخاذه".
ولفت المشهداني إلى أن "استمرار هذا النهج الحمائي سيساهم في تعقيد العلاقات التجارية الدولية، ويضعف ثقة المستثمرين بالأسواق الامريكية، مما يجعل واشنطن أمام أزمة اقتصادية حقيقية خلال السنوات المقبلة".
*اثار الرسوم الجمركية على العراق
وفي حين, اكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن العراق سيكون من أبرز المتضررين إذا شملت هذه الرسوم صادراته النفطية، نظراً لاعتماده الكبير على الإيرادات النفطية.
وقال المرسومي في تصريح لـ/المعلومة /، إن "الاقتصاد العراقي يُعد هشّاً بسبب اعتماده بنسبة تفوق 90% على تصدير النفط الخام، وأي رسوم جمركية تفرضها الولايات المتحدة على وارداتها من النفط العراقي ستؤدي إلى تراجع كبير في الإيرادات المالية، مما ينعكس سلباً على الموازنة العامة للبلاد."
وأضاف أن "هناك عوامل أخرى قد تسهم في انخفاض أسعار النفط العالمية، مثل احتمال استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، وتراجع التوترات الجيوسياسية، لاسيما الحرب الروسية - الأوكرانية، وهو ما يزيد من الضغوط على السوق النفطية".
وأوضح المرسومي أن "أي انخفاض في أسعار النفط سيضع الحكومة العراقية أمام أزمة مالية حادة، فكل تراجع بمقدار دولار واحد في سعر برميل النفط يعني خسارة تقدر بمليار دولار سنوياً، وإذا انخفض السعر بعشرة دولارات فستخسر البلاد نحو 10 مليارات دولار سنوياً."
وأشار إلى أن "الخطوة الأمريكية تتعارض مع مبادئ النظام الرأسمالي الذي يقوم على حرية التجارة وتقليل العوائق الجمركية"، محذراً من أن "هذا التصعيد قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ما سينعكس سلباً على الدول النامية والريعية مثل العراق".
* السياسات الاقتصادية الأمريكية
تُبرز الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة ضعفًا جوهريًا في النظام الاقتصادي العالمي الحالي، حيث تظهر استطاعة اقتصادية واحدة على التأثير بشكل كبير، بل ومدمر، على اقتصادات أخرى. يُثير هذا التقرير تساؤلاتٍ جوهرية حول ضرورة إعادة النظر في آليات التعاون الاقتصادي الدولي، وإيجاد طرقٍ أكثر فعالية لمنع مثل هذه السياسات الأحادية الجانب، التي تُهدد بزعزعة الاستقرار العالمي.انتهى 25ز