
برلمان الصفقات.. كيف تحول مجلس النواب إلى أداة للفساد وتمرير القوانين بلا شرعية
المعلومة / خاص..
في مشهد يعكس حجم التدهور السياسي والفساد التشريعي في العراق، يستمر البرلمان العراقي في تمرير القوانين بطريقة تفتقر إلى أبسط مقومات الشرعية الدستورية.
ففي وقت يُفترض فيه أن يكون البرلمان صوت الشعب والمدافع عن حقوقه، تحوّل إلى ساحة صفقات ومساومات سياسية، حيث يتم تمرير قوانين “بسلة واحدة” لا تخدم سوى مصالح الكتل والأحزاب النافذة، بينما تبقى مصالح الشعب آخر ما يُؤخذ بالحسبان.
التصويت دون نصاب: خرق واضح للدستور
من أخطر ما يُسجل على هذا البرلمان هو تمرير قوانين مصيرية دون تحقيق النصاب القانوني المطلوب، في تجاوز صارخ للدستور والنظام الداخلي للمجلس. المثال الصارخ على ذلك هو التصويت الأخير على اعتبار قضاء “حلبجة” محافظة عراقية تاسعة عشر، والذي جرى في جلسة لم يكتمل فيها النصاب، وسط غياب واضح لأي رقابة أو اعتراض جدي من الداخل البرلماني.
قوانين “السلة الواحدة”: تقاسم المصالح لا خدمة الوطن
ظاهرة “السلة الواحدة” أصبحت ممارسة معتادة، حيث تُدمج عدة قوانين مثيرة للجدل في صفقة واحدة، ليتم تمريرها جميعاً دفعة واحدة، دون نقاش كافٍ أو دراسة مستفيضة، وذلك مقابل تبادل المنافع السياسية بين الكتل.
هذه المنهجية لا تُعبّر عن عمل برلماني رشيد، بل عن سوق سياسي تُباع فيه القوانين وتشترى حسب المصالح.
-
برلمان الصفقات.. كيف تحول مجلس النواب إلى أداة للفساد وتمرير القوانين بلا شرعية
غياب الرقابة: لا استجوابات ولا استضافات
منذ بداية الدورة الحالية، لم يُسجَّل أي استجواب حقيقي لأي مسؤول تنفيذي، ولا حتى استضافة مؤثرة يمكن أن تُحاسب المسؤولين عن الانهيار في الخدمات أو الفساد المستشري. وكأن البرلمان قرر بإجماع غير معلن أن يتخلى عن دوره الرقابي بالكامل، مكتفياً برواتب وامتيازات خيالية تُثقل كاهل الموازنة العامة.
برلمان الامتيازات لا التشريع
بات واضحاً أن أغلب تحركات البرلمان الحالي تنبع من رغبة في الحفاظ على الامتيازات، سواء كانت رواتب أو مخصصات أو أراضٍ أو نفوذ. المواطن العراقي لم يجنِ شيئاً من هذا البرلمان سوى المزيد من الفقر، الخدمات المتردية، والانقسام السياسي، في حين تتوسع مصالح النواب وأحزابهم.
ومنذ عام 2003 وحتى اليوم، لم يُسجَّل تدهور في أداء البرلمان العراقي كما هو الحال في الدورة الحالية ، برلمان لا يحترم النصاب، لا يمارس الرقابة، لا يُشّرع بما يخدم الوطن، ويقايض القوانين في مزادات السياسة.
هو برلمان الامتيازات لا برلمان الدولة. وإذا استمر هذا النهج، فإن الثقة المفقودة بين المواطن ومؤسسات الدولة ستتعمق أكثر، ما يهدد ما تبقى من شرعية النظام السياسي برمّته.
وفي هذا الصدد
كشف رئيس كتلة “تصميم” النيابية، لوكالةً / المعلومة /، إن “جلسة يوم أمس، التي تم خلالها التصويت على عدد من القوانين، من بينها قانون استحداث محافظة حلبجة كمحافظة رقم 19 في العراق، شابها الكثير من الشكوك، أبرزها عدم التأكد من اكتمال النصاب القانوني”.
وأضاف أن “الشك الأكبر يتمثل في عدم إعلان رئيس مجلس النواب عن عدد المصوتين على تلك القوانين، ما يثير الريبة حول شرعية التصويت والإجراءات المتبعة خلال الجلسة”.
وأشار الفايز إلى أن “عدداً من الكتل السياسية بدأت فعلياً بتحركات قانونية لإقامة دعاوى ضد المشهداني، بسبب مخالفته للضوابط القانونية والنظام الداخلي في إدارة الجلسة”.انتهى/25