مجرم الأمس نجم اليوم.. حين تعفو العواصم ولا تغفر الذاكرة

المعلومة / خاص..
من قوائم الإرهاب إلى مقاعد الشرف، يُعاد رسم ملامح الشرق الأوسط بألوان رمادية لا تميّز بين مجرم ومحاور، بين قاتل ومكرَّم. هكذا تتقاطع الخطوط الحمراء عندما يصبح الجولاني – قائد “هيئة تحرير الشام” المدرجة على لوائح الإرهاب – ضيفاً مقبولاً في بعض الأروقة الدبلوماسية، يتلقى دعوات لحضور قممٍ كانت بالأمس القريب مغلقة في وجهه، بل وتُمنح له بطاقات VIP وكأن الماضي قد غُسل بماء زمزم.
تميم العرّاب
في الكواليس، يظهر دور أمير قطر، تميم بن حمد، أشبه بدور العرّاب الذي يُعيد توزيع الأوراق في لعبة النفوذ ، بعلاقات معقّدة بين واشنطن وأنقرة، وبين ضغوطات الداخل وسيناريوهات الخارج، يبرع تميم في تطبيع الشخوص لا السياسات، وتحويل الإرهابيين السابقين إلى فاعلين سياسيين تحت لافتة “المصالح الإقليمية”.
ما بين بوكا وبغداد
ومن سجن بوكا إلى قمة بغداد حيث يُستقبل الجولاني في كواليس اللقاءات، تختلط الحفاوة بالحنّاء، وتُفرَش السجادات الحمراء لمن كانت أيديهم مضرجة بدماء الأمس. إنه زمن الواقعية السياسية، أو ما يسمى “البراغماتية الدموية”.
السوداني في الهامش

• 

 

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي حاول إعادة العراق إلى واجهة الفعل العربي، يجد نفسه الآن محاطاً بلعبة أكبر منه، فقرارات التجميل السياسي تُصنع خارج أسوار بغداد، وربما في مكاتب تبعد آلاف الأميال. وفي هذا المشهد، السوداني ليس أكثر من حجر صغير في رقعة شطرنج دولية، يحرّكه الآخرون نحو الهزيمة الحتمية
وفي الشأن العراقي الداخلي 
كشف عضو مجلس النواب عن الإطار التنسيقي، مختار الموسوي، اليوم الاثنين، عن جمع 58 توقيعاً نيابياً لرفض دعوة الحكومة للجولاني للمشاركة في القمة العربية المرتقبة في بغداد، مطالباً بإلغائها احتراماً لدماء شهداء الإرهاب.
وقال الموسوي في تصريح لوكالة / المعلومة/، إن "النواب وقّعوا على مذكرة تطالب الحكومة بإلغاء دعوة الجولاني وعدم السماح له بدخول الأراضي العراقية، إكراماً لضحايا الإرهاب من أبناء الشعب العراقي”، مضيفاً أن "دعوة الجولاني تمثل استفزازاً لمشاعر ذوي الشهداء واستهانة واضحة بتضحيات العراقيين".
وأشار إلى أن "الدعوة أثارت موجة غضب شعبي وسياسي عارم، ويتوجب على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الإنصات لهذا الرفض الواسع وسحب الدعوة بشكل فوري".
وفي السياسة القذرة، لا أحد يبقى "إرهابياً" إلى الأبد، ولا أحد يُمنح البراءة لوجه الله. وحدها المصالح هي التي تكتب الروايات، تعيد صياغة الأدوار، وتمنح الغفران لمن يخدم أجندتها. لكن الذاكرة الشعبية لا تنسى، وإن غفرت العواصم. انتهى  / 25