علماء يوضحون مدى ارتباط الذكاء بالثراء
المعلومة/ بغداد...
منذ بعض الوقت، كان لدى السويد جيش يشكلّه المجندون وقبل التسجيل في الجيش، كان يجب على المجنّدين السويديين اجتياز اختبارات رياضية لمستوى الذكاء. وهكذا، ظهرت بيانات 59387 رجلا في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في أيدي العلماء. ثم حصل الباحثون على بيانات من مكتب الضرائب السويدي حول متوسط الراتب السنوي لهؤلاء الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و 45 عامًا عندما كانوا في معظم الوظائف المهنية. فقارن العلماء بين هذه وتلك البيانات.
اتضحت صورة غريبة: حتى نقطة معيّنة، كان الذكاء العالي مرتبطا مباشرة بالأرباح العالية. ولكن في القمة - بين 5% من ذوي الأرباح العالية جدا- لم يعتمد فائض الدخل على حدة الذكاء (على الرغم من أن ذكاء هذه المجموعة ظل أعلى من المتوسط).
وأوضح الباحثون أنه "بعد الحد الأدنى للراتب السنوي البالغ 60 ألف يورو، لا يوجد فرق كبير في القدرات العقلية، على الرغم من اختلاف مستويات الدخل بشكل كبير". ومن بين 1% من الأثرياء سُجّل انخفاض طفيف في الذكاء، على الرغم من أن هذه المجموعة من الناس تكسب ضعف ما يكسبه أقرب منافسيها من دخل.
وتتوافق هذه الدراسة مع بيانات واردة من دراسات أخرى، لم تجد عددا كبيرا من الـ(آينشتاين)ات في "الطابق العلوي". فوفقا لدراسة علماء الاقتصاد في جامعة لوزان، فإن متوسط معدل الذكاء لمدير متوسط في شركة كبيرة يبلغ 111 نقطة. ويعتبر هذا المؤشر أعلى من المتوسط، ولكنه ليس بارزا. وعلى سبيل المثال، فإن بيل غيتس وستيف هوكينغ امتلكا مستويات ذكاء أعلى من 140. وسجلت الممثلة نيكول كيدمان أكثر من 130 نقطة.
ووجدت دراسة أجرتها جامعة "أكسفورد" أنه إذا تم تقسيم المجتمع بأكمله إلى 100 مجموعة، حيث الأول هو الأحمق الكامل والـ100 هو العبقري، فإن الرئيس التنفيذي المتوسط لشركة كبيرة سيحتل المرتبة الـ83.
فما الذي تفتقده لتصبح مليارديرا؟
وكيف نفسر هذا التناقض؟ وقدّم العلماء عدة إجابات على هذا السؤال.
التفسير الأول: من الممكن تماما أن يتصرف الأذكى مثل القرد من حكاية معروفة حيث يمكنه التحدث، لكنه صامت حتى لا يتم إجباره على العمل. وبمعنى آخر، لا يرغب المواطنون الأكثر تقدّما في كسب المزيد، لأن لديهم بالفعل ما يكفي من كل شيء. فلماذا يجب أن يتحملوا العبء الإضافي؟ ومعنى أسلوب الحياة هذا هو إيجاد توازن بين العمل والترفيه، وبين الحياة الشخصية والاجتماعية. لذا فإن عدم تألق العقل في قمة هرم النجاح يمكن تعويضه بطموحات كبيرة.
والتفسير الآخر هو أن العقل وحده لا يكفي لتطويرعمل تجاري ناجح للغاية. والمطلوب وجود الذكاء العاطفي. هذا ما يسمى بالكاريزما. وعلى سبيل المثال فإن الصفات القيادية والعاطفة والقدرة على تكوين فريق من حوله هذا ما يجعل إيلون ماسك متميزا والذي ، دون أن يكون عبقريا، أحدث ثورة في ريادة الأعمال التكنولوجية.
والتفسير الثالث هو موارد الأسرة - هذه هي المكافأة التي يمكن أن تعوض نقص القدرات. ولا يتعلق الأمر بالوراثة كثيرا (على الرغم من أن الذكاء غالبا ما ينتقل من الآباء إلى الأطفال)، ولكن يتعلق بالفوائد التي تأتي من النمو في بيئة اجتماعية جيدة. وعلى سبيل المثال، يعتقد بعض علماء النفس أن الاختلاف في النجاح التعليمي للطلاب يكمن بنسبة 30% في القدرات العقلية و20 % في موارد الوالديْن.
وعامل آخر لا ينبغي الاستهانة به هو الحظ. وفي بعض الأحيان يكون التواجد في المكان المناسب وفي الوقت المناسب أكثر أهمية بكثير من القدرة على إدراك ماهية عامل الحلقة الإقليدية (ليفهم ذلك علماء الرياضيات، لكن البقية لا ينبغي الضغط على أدمغتهم).
وبشكل عام، حتى لو لم تمنحك الطبيعة عقلا متميزا، يمكنك تعويض هذا النقص بالحافز العالي والعمل الجاد والاجتهاد والصفات القيادية. وهذا يكفي تماما للصعود إلى أعلى درجات الهرم الاجتماعي. انتهى 25ن