محافظات الجنوب كيف تتخلص من واقعها البائس ؟
كتب / خالد الطائي
تغيير واقع محافظات الجنوب ، هو أمر مهم ليس لسكان هذه المحافظات الذي عانت طويلا من التأخر والفقر و الإهمال ونقص الإعمار وسوء الخدمات ورداءة البنى التحتية وغياب المشاريع الإنتاجية : الصناعية والزراعية والسياحية ، التي تحرك الواقع الاقتصادي و توفر فرص العمل للعاطلين فحسب ، بل ولواقع البلد أيضا ، لأن أبناء هذه المحافظات يشكلون الجزء الأكبر من الجمهور المعارض والمطالب بالحقوق .
هذا بالتحديد ملخص ما أراد الكاتب باسم محمد حبيب أن يوصله من مقالات عدة نشرها في صحف مختلفة في السنوات الماضية ، ثم قام بجمعها في مؤلف خاص حتى يكون صداه أكبر وتأثيره أقوى ، وهو كتيب صغير عنوانه : ( الجنوب العراقي بين التأخر الاقتصادي والاجتماعي والإهمال السياسي )، صدر مؤخرا عن دار الحداثة في بغداد ،إذ مثل محاولة أخرى من الكاتب للفت الانتباه لواقع محافظات الجنوب التي مازالت تعاني من الإهمال والتجاهل من الطبقة السياسية ، على الرغم من مرور 18 سنة على العملية السياسية الحالية ، إذ مازالت مشكلاتها بعيدة عن رصدهم واهتمامهم، لاسيما مشكلتي الفقر التي تعاني منه نسبة كبيرة من سكان هذه المحافظات، والبطالة التي يعاني منها قسم كبير من شبابها ، ولا يخفى على أي مطلع أن هذان العاملان هما من العوامل التي تحرك أي مجتمع ، فما بالك بمجتمع يعاني من ظروف صعبة ومشكلات عدة كالمجتمع في جنوب العراق ، فكان أن باتت هذه المحافظات غير مستقرة ليس فقط بسبب اضطرار شبابها للمطالبة بحقوق هذه المحافظات فضلا عن إصلاح الوضع العام للبلاد ، بل وانسياح ذلك إلى الواقع الاجتماعيأيضا بكل أقسامه وتمظهراته ، ليس كعرض جانبي لظروفها وأحوالها المضطربة فقط ، بل وكعمل مباشر من بعض الجهات من داخل الوسط السياسي أم من خارجه بعد أن وجدت أن ظروف هذه المحافظات مناسبة جدا لتكون محركا لإضطرابات تخدمها كورقة سياسية أو كعامل ضغط على خصومها ومنافسيها السياسيين، ولا نريد أن ندخل في عرض ما أتبعته هذه الجهات من أساليب لتحقيق أهدافها أو ما اعتمدته من وسائل لتمرير مخططاتها ، فهي أمور تحتاج إلى دراسات خاصة وإستقصاءات دقيقة ، لكن من الضروري الإشارة لها ، ليس من أجل الحث على الإهتمام بها و دراستها فقط ، بل و لتكون دافعا آخر من أجل تخليص هذه المحافظات من وضعها السيء و واقعها الشاذ .
وفي الختام ، من الواجب القول أن أمرا كهذا ليس مطلبا خاصا بل مطلبا عاما ، لأنه يفيد البلد ككل ، ويخدم أبناؤه جميعا ، ومن ثم لا مناص من التركيز عليه والإهتمام به ، ليس من طرف الناس المعنيين فقط ، بل والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين بمختلف مشاربهم وتواجهاتهم، فهو واجب وطني وأخلاقي وإنساني .