edition
Almaalouma
  • أخبار
  • مقالات
  • إنفوجرافيك
  • فيديو
  • كاريكاتير
  • تقارير
  • ترجمة
  1. الرئيسية
  2. مقالات
  3. التطبيع من النافذة
التطبيع من النافذة
مقالات

التطبيع من النافذة

  • 22 تشرين الثاني 16:22

كتب / أمال لعروسي

لم يعد التطبيع في العالم العربي مجرد خطوة سياسية تعلن عبر اتفاقات او لقاءات دبلوماسية بل تحّول إلى عملية أعمق تستهدف البنية التحتية للوعي الجماعيّ العام…
وبعض الأنظمة التي تتجه اليوم نحو التطبيع لم تعد تراهن على الخطاب الرسمي وحده بل انتقلت إلى مرحلة إعادة هندسة المخيال الجمعي عبر تفكيك الرموز التاريخية و إعادة تركيب معاني جديدة للصراع، و هذا المسار لا ينطلق من ميدان السياسة بل من ميدان الإدراك من الصورة ، من الخطاب، من اللغة ، من إعادة تعريف الضحية و إعادة تلميع الجلاد .
والخطوة الأولى في هذه العملية هي إنتاج ثوابت مختلقة وسرديات منظمة تصور الفلسطيني كعبء و القضية كمصدر إعاقة للتنمية و الاستقرار .


ويتم ذلك عبر تضخيم بعض الظواهر او عزلها عن سياقها، ثم تقديم الفلسطيني كفاعل عنيف و شيطاني بطبيعته، و ليس كشعب يواجه بنية استعمارية مفروضة عليه منذ عقود.
ولقد بدأ ذلك على نحو ما إثر نكبة 1948 بتحميل الفلسطينيين مسؤولية التغلغل اليهودي، ثم تفجر بصورة أكثر وضوحا بعد ذلك خصوصا إثر اغتيال يوسف السباعي في قبرص في 1978 حيث حُمّلت القيادة الفلسطينية زورا مسؤولية عدم التجاوب مع عروض السلام، و ذلك في إطار تبرير الاستسلام العربي للمطالب الصهيونية.
وركزت الثوابت الوهمية و السردية المختلقة على قلب الاعتبارات السياسية، لكي تتحول المقاومة من حق قانوني مثبت في القانون الدولي إلى تهديد للأمن، و يتحول الاحتلال من عدوان مستمر إلى أمر واقع يمكن التكيف معه …

وبالتوازي جري تبييض صورة شخصيات من الكيان عبر استضافتهم في منابر ترفيهية و ثقافية و إنسانية، في محاولة لإضفاء طابع عادي و محايد على وجودهم، و هذا ليس ترفا إعلاميا بل خطوة محسوبة لكسر الحاجز النفسي لدى الجمهور، وهو عمل بالغت بعض الفضائيات العربية في ممارسته.
وهكذا أصبح الآخر لا يتم تقديمه كعدو أبدا بل كجار محتمل و كشريك اقتصادي أو كشخص عادي لا علاقة له بمؤسسة الاحتلال، وهكذا يتم تذويب رمزية الصراع تدريجيا هكذا يصبح الوعي نفسه هو ساحة الاشتباك.
من هنا بدأ التطبيع الحقيقيي من إعادة تعريف معاني الخير و الشر الحق و الباطل و نقل الصراع من كونه صراعا تحرريا إلى كونه ملفا سياسيا يمكن التفاوض عليه.
وعندما تنجح هذه العملية و يتقبل الجمهور الخطاب الجديد يصبح التوقيع على الاتفاقيات مجرد خطوة تقنية في نهاية الطريق لا صدمة سياسية..
من هنا ندرك أن التصدي لهذه الموجة لا يكون بالشعارات الوطنية و لا بالمواقف الاخلاقية المجردة بل بالتحليل الجيوسياسي الرصين المجتهد الذي يكشف ان عمليات شيطنة الفلسطيني ليست معطًى ثقافيا بل أداة لتبرير انخراط الأنظمة في ترتيبات اقليمية جديدة، في حين أن التطبيع لا يقدم لهذه الأنظمة أمنا و لا يوفر لها وزنا إقليميا بل يدمجها في منظومة تعتمد على مركز قوة واحد، و تجردها من اوراق الضغط .
وتجارب اوسلو ، كامب ديفيد ، وادي عربة كلها تثبت ان التطبيع لم يوقف الاستيطان و لم يخفف التوتر و لم يعزز استقلال أي دولة دخلت في منظومته بل حدث العكس تماما ….. توسع الاستيطان وتقلص هامش السيادة و فقدت تلك الدول القدرة على المناورة أمام الضغط الأمريكي و الإسرائيلي.
. إن الطرح القائل بان التطبيع حتمية أو ضرورة جيوسياسية ليس سوى إعادة تدوير لفكرة العجز و محاولة لإقناع الجمهور بان الأنظمة غير قادرة على حماية مصالحها بدون الالتحاق بمحور الاحتلال.
لكن الحقائق الجيوسياسية تظهر إن القوة الإقليمية تصنع عبر استقلال القرار الوطني وبناء شبكات تعاونٍ متعددة الاتجاهات لا عبر الارتماء في تبعية استراتيجية، لان الدول التي حافظت على مبادئها و بقيت خارج دوائر التطبيع لم تفقد مكانتها بل عززت رصيدها الدبلوماسي و اكتسبت موقعا تفاوضيا أقوى.
ومن زاوية استشرافية، فإن مستقبل المنطقة لن تحدده الاتفاقيات بقدر ما ستحدده قدرة الشعوب على مقاومة إعادة تشكيل وعيها، والأنظمة المطبعة قد تنجح في التحكم في الإعلام لكن الذاكرة السياسية العربية أثبتت، حتّى الآن، أنها عصية على المسح او النسيان، و أكدت أن فهم طبيعة الصراع وارتباطه بالسيادة و العدالة والتاريخ جعل من الوعي العام حصنا صعب الاختراق.
واذا صمد هذا الوعي فلن تتمكن أي عملية تطبيع من التحول إلى مسار اجتماعي مستقر مهما توفر لها من دعم خارجي او داخلي.
ختاما، المعركة في جوهرها ليست معركة حدود بل معركة مفاهيم وسرديات… هي صراع حول تعريف العدالة، حول معنى الكرامة السياسية وحول شرعية الحق نفسه … ولهذا فان مواجهة موجة التطبيع الجديدة تتطلب عملا فكريا وإعلاميا يكشف أدوات الهندسة الناعمة التي تستهدف الوعي.

والمطلوب ليس خطبا عاطفية وبلاغيات وطنية بل خطاب يستند، في وقت واحد وبدون أن يتجاهل منطق القوة، إلى الشرعية الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها ويستلهم تجارب التاريخ النضالية والرؤية الجيوسياسية التي تؤكد إن التحرر والاستقلال ليسا عبئا بل هما الشرطان الوحيدان لبناء نفوذ حقيقي في عالم مضطرب .

الأكثر متابعة

الكل
الباراستن جهاز استخباري كردي بولاء بارزاني  !!

الباراستن جهاز استخباري كردي بولاء بارزاني  !!

  • 24 آذار 2024
سعد جاسم الكعبي

عندما تكون الحكومة “محتالة” .. مشروع “داري” أنموذجا!!

  • 17 آذار 2024
أبن الشاه يتوسل بإسرائيل !

أبن الشاه يتوسل بإسرائيل !

  • 1 أيار 2023
أنماط الأحزاب السياسيَّة

أنماط الأحزاب السياسيَّة

  • 27 آذار 2024
الفساد الناعم في المصارف العراقية
مقالات

الفساد الناعم في المصارف العراقية

الحكومة العراقية القادمة…بين التحديات والفرص..!
مقالات

الحكومة العراقية القادمة…بين التحديات والفرص..!

المالكي.. خيار الشورى أم خيار المرحلة؟!
مقالات

المالكي.. خيار الشورى أم خيار المرحلة؟!

لماذا يتكرّر الفشل في العراق رغم تغيّر الحكومات .؟!
مقالات

لماذا يتكرّر الفشل في العراق رغم تغيّر الحكومات .؟!

Almaalouma

المعلومة: وكالة اخبارية عامة مستقلة، تتميز بالجرأة والموضوعية والمهنية والتوازن،شعارها، خبر ﻻ يحتاج توثيقا، لدقة وتنوع مصادرها الخاصة وانتشار شبكة مراسليها

الأقسام

  • ترندات
  • أخبار
  • مقالات وكتاب
  • فيديو
  • كاريكاتير

روابط مهمة

  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اتصل بنا

تابعونا