قرار تجميد الأموال وشرعنة خيانة المقاومة..!

لم يكن قرار تجميد أموال حزب الله وأنصار الله في العراق خطوة عابرة، ولا إجراءً إداريا يقع ضمن روتين النشرات الرسمية، لانه بساطة إعلان سياسي كامل الأركان، يحمل في طياته رسائل أبعد من الالتزامات الدولية المزعومة التي تستخدم اليوم كغطاء لقرارات تكتب في بغداد وتصاغ في واشنطن وتُوقَّع تحت ضغط موازين القوى.

القرار بدا وكأنه تصفية حسابات مع رمزية المقاومة أكثر مما هو معالجة قانونية، فالجماعات التي يستهدف اسمها وتاريخها اليوم هي ذاتها التي كانت تقدم سابقا بوصفها سدا أمام المشروع التكفيري، وركنا من أركان ردع التغول الصهيوني وهيمنته على  الإقليم،ما يوحي بأن  حسابات البعض تغيرت، والاصطفافات تبدلت، ليظهر أن المعايير لا تحدّد بالدماء التي بذلت، بل بمن يملك حق الفيتو في اللحظة السياسية.

المبررات التي رافقت قرار ما يسمى بمحاربة التمويل غير المشروع، و الالتزام بالمعايير الدولية وحماية النظام المصرفي ،تبدو أشبه بـأغطية ناعمة لعملية جراحية مؤلمة تهدف لفصل العراق عن محيطه المقاوم وربطه بمحور يريد منه دورًا وظيفيا لا أكثر ،وهنا تكمن الدوافع الحقيقية التي يمكن تأشيرها بدقة ودوافعها الخفية انطلاقا من إرضاء القوى التي ترى في المقاومة خطرًا على خرائط نفوذها، وتسعى لضمان بقاء العراق ساحة آمنة للمصالح الصهيو- امريكية  دون أي صوت يعطل، أو قوّة تزعج.

وهكذا وفي معرض تحديد شدة المخاطر ،فأن الخطر الاكبر  ليس في القرار نفسه فقط، بل في السياق الذي يجري بناؤه وهو  تحويل المقاومة من عنوان حماية إلى ملف تفرض  عليه التهم، لخلق بيئة سياسية تقترب تدريجيًا من تطبيع صامت مع كل ما كانت بغداد تعلن رفضه لسنوات.

وبذلك يتحول هكذا قرار إلى ما هو أخطر من ورقة حكومية باعتباره خطوة تمهيدية بغطاء مشرعن في طريق طويل يراد منه خفض رأس المقاومة، وخلق بيئة عراقية لا مكان فيها لأي مشروع عابر للحدود لا يمر عبر البوابة الأميركية.

باختصارتجميد الأموال ليس إجراءً… بل إشارة ،وما بين السطور، تكتب قصة الضغط، والوصاية، وامتحان العواصم في لحظة يرهن فيها مستقبل هوية العراق ودوره الذي يراد له ان يكون دورا هامشيا يسمع ويطيع وينفذ ما يملئ عليه بلا تردد ، وبمعنى اخر يرتبط بالاجراءات عراقيا فعلى الفعاليات السياسية الوطنية ان يكون لها رأي وقرار يدين الفعل ويمحو اثاره ،مع عقوبة توازي فداحة الجرم الذي ارتكبه من ذهب باتجاه عملية بيع حقيره ،

تنكرت لدماء الشهداء الابرار من ابناء المقاومة اللبنانية واليمنية ،فالمواقع التي يريد البعض الحفاظ عليها او الوصول اليها لا تساوي قطرة دم واحدة اريقت في سبيل الحرية والانعتاق ،وحفظ كرامة هذه الامة المبتلاة بالانتهازيين والعملاء والمأجورين ومن يدفعون بهم للواجهة ببضعة وعود تسلخهم من ارتباطهم وتجعل منهم مجرد ادوات رخيصة في مشروع شيطاني يفضي بهم الى الندامة والخسران ..