edition
Almaalouma
  • أخبار
  • مقالات
  • إنفوجرافيك
  • فيديو
  • كاريكاتير
  • تقارير
  • ترجمة
  1. الرئيسية
  2. مقالات
  3. حين لا تكفي النوايا : القوة كشرط لحماية الحق وبناء الدولة .؟
طه حسن
طه حسن
مقالات

حين لا تكفي النوايا : القوة كشرط لحماية الحق وبناء الدولة .؟

  • اليوم 18:08

كتب / طه حسن الأركوازي ||

ليست المُعضلة في العراق اليوم نقص الشعارات أو غياب الخطاب الأخلاقي ، فالنوايا الحسنة حاضرة في كثير من الخطب والبرامج والوعود ، بل تكمن الإشكالية الأعمق في الفجوة الواسعة بين الحق بوصفه قيمة معنوية ، والقوة بوصفها أداة تنفيذ وحماية ، فالتجربة السياسية المعاصرة في العراق كما في غيره أثبتت أن الحق الذي لا يستند إلى قوةٍ تحميه يبقى هشاً ، قابلًا للتأويل والتجاوز ، بل ويُستعمل أحياناً كزينة لغوية في المناسبات ، لا كقاعدة حاكمة لصناعة القرار .

في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، لا يُنظر إلى القوة بوصفها نقيضاً للأخلاق ، بل بأعتبارها الإطار الذي يمنح القيم قابليتها للحياة ، وتشير دراسات صادرة عن مؤسسات بحثية رصينة مثل معهد “بروكينغز” و”مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” إلى أن الدول الخارجة من النزاعات أو التحولات العميقة ، حين تكتفي بالخطاب القيمي دون بناء أدوات قوة مؤسسية ، سرعان ما تعود إلى دوامة الاضطراب وضعف السيادة ، وتآكل الثقة بين الدولة والمجتمع ، وهذه الخلاصة لا تُقال للتبرير أو الإدانة ، بل للفهم الواقعي لمسار الدول في مراحلها الانتقالية .

“العراق” ، بعد أكثر من عقدين على التغيير السياسي ، ما زال يعيش هذا التناقض ، فالحقوق الدستورية واضحة ، والنصوص القانونية موجودة ، والبرامج الحكومية تعلن أهدافاً طموحة في الإصلاح والتنمية وحماية السيادة ، لكن الإشكال يكمن في غياب القوة المؤسسية القادرة على تحويل هذه النصوص إلى واقع فعلي . القوة هنا لا تعني العنف أو القسر ، بل تعني دولة قادرة على فرض القانون بعدالة ، وحماية القرار الوطني ، وإدارة الموارد ، وضبط الأداء الإداري والاقتصادي بمعايير مهنية .

تؤكد تقارير “البنك الدولي و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” أن الدول التي عانت من أنقسامات داخلية حادة ، مثل “كولومبيا أو البوسنة والهرسك” ، لم تبدأ مسار التعافي الحقيقي إلا عندما أنتقلت من مرحلة “إدارة التوازنات الهشة” إلى مرحلة “بناء مؤسسات قوية محايدة” قادرة على تطبيق القانون دون أنتقائية ، وحماية الحقوق دون تمييز ، في هذه التجارب ، لم يكن الخطاب الأخلاقي كافياً ،

بل كان لابد من قوة الدولة بوصفها مرجعية نهائية ، تُنهي منطق النفوذ الموازي ، وتعيد الاعتبار للشرعية الرسمية .

في الحالة “العراقية” كثيراً ما يُرفع شعار “الحق” في مواجهة الأزمات السياسية أو الاقتصادية أو السيادية ، لكن هذا الحق يبقى مُعلقاً ما لم يُدعم بقوة القرار ، ووحدة الرؤية ، وقدرة الدولة على تنفيذ ما تقرره ، فالقرارات المصيرية ، كما تُظهر التجارب الدولية ، لا تُصنع بالنوايا وحدها ، بل بأمتلاك أدوات التأثير مثل “مؤسسات فاعلة ، إدارة كفوءة ، أقتصاد منتج ، وسياسة خارجية تعرف كيف تحمي المصالح لا كيف تكتفي بتسجيل المواقف” .

من المهم الإشارة هنا إلى أن بناء القوة لا يعني إقصاء الشراكة السياسية أو تجاهل التعددية ، بل على العكس ، يعني تنظيمها ضمن إطار الدولة لا خارجها ، فالدول التي نجحت في تجاوز مراحلها الحرجة ، مثل “إسبانيا” بعد الانتقال الديمقراطي أو “تشيلي” بعد الحكم العسكري ، لم تفعل ذلك عبر تهميش القوى السياسية ، بل عبر إخضاع الجميع لقواعد مؤسسية واضحة ، حيث يصبح الحق مصوناً بالقانون ، والقانون محمياً بقوة الدولة لا بقوة الجماعات أو التوازنات المؤقتة .

الرسالة التي يمكن توجيهها اليوم بنبرة ناصحة ومسؤولة إلى الطبقة السياسية العراقية ، هي أن الدفاع عن الحق يبدأ ببناء القوة التي تحميه ،

قوة الدولة لا قوة الأحزاب أو الأفراد ،قوة المؤسسات لا قوة الشعارات ، فأستمرار الفصل بين الحق والقوة يعني بقاء الدولة في حالة “اللا حسم”، حيث تُعلن المبادئ لكن لا تُنفذ ، وتُرفع الأهداف لكن لا تُحقق ، وتُدار الأزمات بدل أن تُحل .

أخيراً وليس آخراً .. إن العراق يمتلك من الإمكانات البشرية والاقتصادية ما يؤهله لبناء هذه القوة المؤسسية ، لكنه يحتاج إلى قرار سياسي واعٍ يدرك أن الحق بلا أدوات حماية يتحول إلى عبء رمزي ، لا إلى مشروع وطني ، فالقوة حين تُبنى على أسس قانونية وأخلاقية ، لا تُهدد الحق ، بل تمنحه أنيابه المشروعة في عالم لا يعترف إلا بمن يعرف كيف يحمي خياراته .

وفي لحظة إقليمية ودولية شديدة التعقيد ، يصبح هذا الإدراك ضرورة لا ترفاً ، فالدول لا تُحترم بنواياها فقط ، بل بقدرتها على تحويل هذه النوايا إلى سياسات نافذة ، وقرارات محترمة ، وواقع يشعر به المواطن قبل أن يقرأه في البيانات ، هنا فقط يخرج الحق من كونه قصيدة تُتلى في المناسبات ، ليصبح قاعدة حاكمة لمسار الدولة ومُستقبلها …!

الأكثر متابعة

الكل
كركوك تسجل أعلى كمية أمطار خلال الـ12 ساعة الماضية

كركوك تسجل أعلى كمية أمطار خلال الـ12 ساعة الماضية

  • محلي
  • 13 كانون الأول
وكالة الاستخبارات تفتح باب التطوع على ملاكها بصفة شرطي عقد

وكالة الاستخبارات تفتح باب التطوع على ملاكها بصفة...

  • محلي
  • 14 كانون الأول
محافظة بغداد تمدد فترة استلام معاملات الفائزين بالتعيين إلى الأحد المقبل

محافظة بغداد تمدد فترة استلام معاملات الفائزين...

  • محلي
  • 14 كانون الأول
مسؤول سابق: واردات سد الموصل منخفضة والعراق بحاجة إلى سدود حصاد

مسؤول سابق: واردات سد الموصل منخفضة والعراق بحاجة...

  • محلي
  • 13 كانون الأول
نقل مياه الخليج الى وسط العراق..ممكن وعملي ويغنينا عن التوسل بتركيا..!
مقالات

نقل مياه الخليج الى وسط العراق..ممكن وعملي ويغنينا عن التوسل...

الدولة لا تُدار من جيب موظفيها..!
مقالات

الدولة لا تُدار من جيب موظفيها..!

حين تغيب المهنية… من يحمي الحقيقة؟
مقالات

حين تغيب المهنية… من يحمي الحقيقة؟

متى ينتهي الحظر الأوروبي عن الطائر الأخضر؟
مقالات

متى ينتهي الحظر الأوروبي عن الطائر الأخضر؟

Almaalouma

المعلومة: وكالة اخبارية عامة مستقلة، تتميز بالجرأة والموضوعية والمهنية والتوازن،شعارها، خبر ﻻ يحتاج توثيقا، لدقة وتنوع مصادرها الخاصة وانتشار شبكة مراسليها

الأقسام

  • ترندات
  • أخبار
  • مقالات وكتاب
  • فيديو
  • كاريكاتير

روابط مهمة

  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اتصل بنا

تابعونا