ملاحظات أولية على التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات رقم 12 لسنة 2018
كتب / وليد كاصد الزيدي ..
بعد أن أنهى مجلس النواب قراءته الأولى لتعديل قانون مجالس المحافظات رقم 12 لسنة 2018 يوم 13-2-2023 ، وإضطر الى تأجيل القراءة الثانية له بعد الإعتراضات الواسعة التي واجهته ، نقدم هذه الملاحظات حول التعديل:
– ان «مقترح القانون دمج قانون انتخابات مجالس المحافظات وقانون انتخابات مجلس النواب ، في قانون واحد، على الرغم من اختلاف مهام وصلاحيات المجلسين ، في حين أن القانون يشمل المحافظات غير المنتظمة في إقليم – أي 15 محافظة – أما محافظات إقليم كوردستان فلديها قانون انتخابات خاص بها.
– نص التعديل في المادة (1) : على : ” تستبدل عبارة ( مجالس المحافظات) بعبارة (مجلس النواب ومجالس المحافظات) أينما وردت في القانون. وهذا سيحدث كثير من اللبس والخلط لدى التعامل مع القانون”. إذ من بين الإبهام الذي سيظهر لدى دمج القانونين هي مواعيد اجراء الانتخابات على سبيل المثال ، فقد نصت المادة ( 4): تعدل المادة (٦) من القانون، لتقرأ بالشكل الآتي:
” أولا : تُجرى الانتخابات للدورات الجديدة لمجلس النواب ومجالس المحافظات قبل (٤٥) يوماً من تاريخ انتهاء الدورات التي سبقتها”، في حين أن انتخابات مجالس المحافظات لم تجرِ منذ أكثر من خمس سنوات ، أما انتخابات مجلس النواب فسيكون موعد استحقاقها بعد أكثر من سنتين !
– نصت المادة ( 5/ فقرة ثانيا/ ب) على : ” للقوائم الانتخابية تخصيص نسبة لا تزيد على ( ٢٠ % ) من عدد المرشحين لشرائح المجتمع من حملة شهادة الدبلوم أو الإعدادية أو ما يعادلهما” ، وهنا أيضا يبرز الخلل في دمج القانونين، فمؤهل عضو مجلس النواب ينبغي الا يقل عن شهادة البكالوريوس لأن مهام المجلس تتركز في التشريع والرقابة ، أما مجالس المحافظات فهي مجالس خدمية لابأس في أن يمتلك المرشح فيها شهادة أدنى من البكالوريوس.علمًا أن السماح لــــــ ٢٠ % من المرشحين بامتلاك شهادات ادنى من البكالوريوس كانت قد أُدخلت عنوة لدى تشريع قانون انتخابات مجلس النواب في عام 2018 ، من أجل تسهيل مشاركة سياسيين بعينهم في الانتخابات وهو ما حدث في حينه !
– نصت المادة ( 5/ رابعاً) : ” أن يكون مرشح مجلس النواب من أبناء المحافظة أو مقيماً فيها” .ولَم يحدد المشرع معيار تحقق الإقامة وما هي المدة بالسنوات مثلما حدده في مرشح مجلس المحافطة في نفس القانون!
– نصت المادة (7) على ان تعدل المادة (١٦) من القانون بالشكل الآتي :
– أولاً : تعتمد المفوضية أجهزة تسريع النتائج الالكترونية ، وتجري عملية العد والفرز اليدوي لأوراق الاقتراع ولجميع المحطات في نفس محطات الاقتراع وحال انتهاء العد والفرز الالكتروني وفي حالة عدم تطابق نتائج العد والفرز الالكتروني مع نتائج العد والفرز اليدوي تعتمد النتائج على أساس العد والفرز اليدوي .ولعل هذا التعديل سيجعل من أجهزة العد والفرز شكلية ، لأن نتائج العد في الاجهزة الالكترونية تختلف عن النتائج المتمخضة عن العد البشري لأسباب لا يتسع المجال لذكرها هنا ، ومن ثم سيكون العد والفرز اليدوي هو المعّول عليه ، مما سيزيد من إحتمالات التلاعب والتزوير.
– نصت نفس المادة في الفقرة عاشراً : “على المفوضية وبالتنسيق مع وزارة الداخلية العمل على الاستفادة من بيانات البطاقة الوطنية ودراسة إمكانية اعتمادها مع البطاقة الالكترونية البايومترية ، على أن يتم العمل على تسريع تسجيل الناخبين ولكلا البطاقتين وأن تباشر الحكومة الإجراءات الكفيلة بتحقيق نسب انجاز متقدمة للبطاقتين”. ولعل هذا النص لا حاجة الى ادراجه في القانون لأن قاعدة بيانات البطاقة الوطنية مختلفة تماماً عن قاعدة بيانات سحل الناخبين ولا يمكن عمل مطابقة matching أو إستبيان بينهما ، علمًا أن عددًا كبيرًا من العراقيين لم يحصلوا على بطاقة وطنية داخل العراق لغاية الان ، ناهيك عن الملايين المقيمين في الخارج والمهجرين في الداخل.
– نصت المادة 10 من التعديل في الفقرة ثانياً : “يصوت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البايومترية حصرا”، والجميع يعلم ان عمليات التلاعب والتزوير جرت في اغلبها في انتخابات 2018 في انتخابات الخارج والمهجرين . كيف ستتمكن المفوضية من إكمال عمليات تسجيل بايومتري للمقيمين في الخارج في هذه الظروف ؟ علماً جاء النص مطلقاً ، فهل يشمل إنتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب معاً ، وهو ما لايمكن تحقيقه مطلقًا.
المادة (11) : تعدل المادة (٤٨) من القانون ، لتقرأ بالشكل الآتي :
– ” أ : تعتمد البطاقة المحدثة بايومتريا ( طويلة الأمد ) وثيقة رسمية “. السؤوال : ما هو الجانب الإيجابي الذي سيضاف الى العملية الانتخابية بإعتماد هذا النص ؟ هو ليس إلا استشراف للعزوف عن التسجيل من قبل الناخبين ، مما ستُعد أداة ضغط على المواطن للتسجيل وبعكسه لن تقبل معاملاته في مؤسسات الدولة، وهو إجراء مخالف لحرية الأفراد الواردة في الدستور العراقي والقانون.
– نصت المادة (22 / ثانيا) من القانون قبل تعديله على ان تكون الدائرة الانتخابية في انتخابات مجالس المحافظات هي المحافظة ، وطالما أن تعديل القانون نص في المادة (1) على ” تستبدل عبارة ( مجالس المحافظات ) بعبارة ( مجلس النواب ومجالس المحافظات ) أينما وردت في القانون ” ، لذا فإنّ تّوجه المشرع يفصح عن أن الدائرة ستكون بمستوى محافظة بدلًا من 83 دائرة وسطية كما تك العمل بهفي انتخابات مجلس النواب الأخيرة ، والنظام سيكون التمثيل النسبي بصيغة سانت ليغو وبقاسم 1.7 ، وهو ما كانت قد رفضته الجماهير في تظاهرات 2019 عندما تضمنه قانون مجالس المحافظات رقم 12 لسنة 2018، وكأنك يا بو زيد ما غزيت !!
ألغى التعديل في (المادة 14/أولاً) قانون مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020 ، ولم يجد بدائل لأغلب نصوص هذا القانون ! فكيف ستُجرى هذه الانتخابات التي تعد هي الأهم في العراق بدون نصوص قانونية مكتملة ؟
على الرغم من أن الاسباب الموجبة للقانون أشارت الى أن التعديلات جاءت بناءاً على قرارات صادرة عن المحكمة الاتحادية، ولكننا نجدها لا تلبي تلك القرارات ، ولاسيما من بينها قرار صادر بشأن زيادة مقاعد الايزيديين ، على سبيل المثال ، وفقاً لقرار المحكمة الاتحادية رقم 43 لسنة 2022 .
لقد تعالت الأصوات خلال الأيام التي أعقبت القراءة الأولى للقانون في مجلس النواب ، ولعلنا اليوم بحاجة الى أصوات مناهضة تقف بالضد من إنجاز القراءة الثانية المؤجلة للقانون المُعدل ، ومن ثم إصداره بهذه النصوص المتخبطة التي نستشف منها بأن من قام بصياغته لا علاقة له بالإنتخابات البتة، وقد يكون من السياسيين أو الإداريين.
المدير العام الأسبق للعمليات في مفوضية الانتخابات