" رسمنة الجندر بالهوية الوطنية"
كتب / ماجد الشويلي....
أقامت المستشارية الثقافية لرئاسة الوزراء وبرعاية رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني المؤتمر العلمي المتخصص في الهوية الوطنية ، بغية البحث في بيان الهوية الوطنية الكبرى الجامعة للشعب العراقي ، وبيان مواطن التزاحم بينها وبين الهويات الفرعية التي بدأت بالصعود وشكلت عامل تحد لها بزعم القائمين على اقامة هذا المؤتمر.
ولست أدري أهذا المؤتمر شكاية من الديمقراطية التي وجدت فيها الهويات الفرعية متنفسا للتعبير عن وجودها ؟
أم هو محاولة لالغاء كل الانتماءات الاخرى وصهرها على نحو الارغام في بوتقة مصطنعة واحدة.
فما نعرفه عن الديمقراطية أنها حرية التعبير والانتماء على الصعيد العقائدي والفكري .
كما نصت المادة 42 من الدستور العراقي
((لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة )).
وليس من حق احد بالضرورة أن يفرض على الآخر التخلي عن منظومته الفكرية او العقائدية أو انتمائه العرقي.
كما لاينبغي بحال من الاحوال اعتبار هذه الحريات آنفة الذكر تهديدا للهوية الوطنية.
واذا كان الدستور الذي توافق عليه العراقيون يقر في المادة (2)
أولا: ((الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع)).
فلماذا يصدَّر الدين على أنه تهديد وتشتيت للهوية الوطنية ؟
واذا كانت المادة (3) من الدستور
((العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب))،
فكيف يتم النظر لهذه الانتماءات على أنها انتماءات فرعية تمنع من الوصول الى تحقيق هوية جامعة للشعب العراقي.
ولم يلتفت القائمون على هذا المؤتمر وغيرهم من المتباكين على الهوية الجامعة لهذا البلد والساعين لبلورة هوية مشتركة بزعمهم أن مانسبته أكثر من 96% من الشعب العراقي هم مسلمون . هذه الهوية الابرز لهذا الشعب وهي صبغة وصياغة ربانية
((مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ ))78 الحج
ومن المستحيل ان نجد هوية أخرى جامعة لهذا الشعب أشمل وأوسع من هذه الهوية .
ومع ذلك واذا كان ولابد من وجود هوية جامعة فهي الهوية الوطنية والتي ينبغي أن ينظر فيها
أولا الى الوطن بوصفه وعاء يستوعب كل الانتماءات وليس له أن يلغيها.
وأن المواطنة ماهي الا منظومة من الحقوق والواجبات يتلزم بها كل من اكتنفته جغرافية هذا الوطن وفقاً للقانون . (بلا تعقيد ولا فلسفة زائدة).
أما الأمر الآخر والذي أثار استغرابنا بشدة هو محاولة اقحام (الجندر) في الهوية الوطنية .
نعم فهمنا أن يتحدث الدكتور خالد عبد الاله عن تعدد الهوية الوطنية
وتفهمنا أن يتكلم الدكتور سعد سلوم
حول الهوية في المجتمع التعددي
لكن ماعلاقة (الجندر ) بالهوية الوطنية حتى تتحدث الدكتوره الهام مكي عن الجندر وبناء الهوية الوطنية؟!
لماذا الجندر دون غيره؟
لماذا لانتحدث عن القانون وبناء الهوية الوطنية؟
لماذا لايتم الحديث عن العلم وبناء الهوية الوطنية؟
لماذا لانتحدث عن أثر الدين والاخلاق في بناء الهوية الوطنية؟
لماذا ولماذا الخ…
يبدو أن الأمر مريب ، نعم وكل مايتعلق بالجندر مريب وخطر على هوية هذا البلد !!
والملفت أن هذا المؤتمر واقحام الجندر فيه تزامن مع استضافة رئيس الوزراء لمجموعة من الفنانين. ولابأس بهذا الامر. الا أن الغريب فيه ان استضافتهم لم تقتصر على الحفاوة والتقدير، بل تخطت ذلك الى الغناء في ذلك اللقاء ولعلها سابقة لم تقم بها رئاسة الوزراء من قبل.
ناهيك عن مصافحة الفنانات التي قد تكون لها تخريجة شرعية.
لكن كيف والحكومة محسوبة بشكل وآخر على الاطار التنسيقي (الاسلامي)
لا بل (المقاوم)؟
فأي رسالة أرادت المستشارية الثقافية أن تبعثها للشعب العراقي
وأية اشارات أرسلتها لغيره.
هذا ما لم نقف عليه.!