الأعلام العراقي في ظل الأحتلال الأمريكي!
كتب / علاء كرم الله
أن هذا العالم كله بما يشهده من تقدم كبير وسريع في كل مجالات الحياة هو في حقيقة الأمرلا يخرج من قبضة الأعلام وسلطته ورحمته! ، ويمكن أعتبار الأعلام هو القوة الخفية الذي تسّير كل هذا العالم! . ولذا حرصت أمريكا والصهيونية العالمية ،على تشديد قبضتها وفرض سيطرتها على الأعلام وبالتالي يعني فرض سيطرتها على العالم! ، ويكفي أن نعرف أن 90% من الأعلام في العالم بكل فضائياته وأذاعاته وكل تفاصيله وتفرعاته هو تحت سيطرة أمريكا والصهيونية العالمية! وحتى يمكننا القول ، أن قوة أمريكا الحقيقية وسيطرتها ليس بالتقدم التكنلوجي والصواريخ والطائرات بقدر ما هو بسلاح الأعلام الجبار والقوي والرهيب! . ومن الطبيعي أن للأعلام القوي والممنهج والمدروس القدرة على قلب الكثير من الحقائق أو تزييفها أو تمييعها الى حد النسيان! وحسب ما يقتضيه الموقف ، فكم من حق أنقلب الى باطل وكم من باطل لبس ثوب الحق! ، وكم من حقوق طمست وضاعت وطواها النسيان بفعل الأعلام!. أن أحد مخاطر الأعلام هو تظليل المشاهد وأرباكه بشكل يفقد معه معرفة الحقيقة وأين هو الخطأ وأين الصواب! ، وكذلك يلعب الأعلام دورا خطيرا في نشر اليأس وزرعه في نفس المشاهد والمتلقي! . ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن الأعلام الأمريكي الممنهج الذي شنته وعبئته الأدارة الأمريكية قبل غزو العراق وأحتلاله ، كان له تأثير كبير في أرباك قيادة النظام السابق وأسقاطه ، حتى قبل دخول أية دبابة أمريكية أرض العراق! ، بعد أن أستطاع أن يعبأ الجماهير العراقية نفسيا ضد النظام السابق وأسقاطه وأنتضار المحتل الأمريكي (المخّلص والمنقذ!!) للعراق وشعبه ! ، هكذا سحر الأعلام الأمريكي العراقيين وخدعهم أكبر خدعة في التاريخ! ولات ساعة مندم . وبعد الأحتلال الأمريكي للعراق ودخوله الى المنطقة العربية بصورة أكبر وأقوى من السابق! ، يندر أن تجد هناك فضائية أعلامية محلية أوعربية أو أقليمية تخرج عن سطوة وقوة وأرادة الأعلام الأمريكي الذي يحمل كل مقاصد السوء!! ، وتعمل بأرادة ذاتية وبأستقلالية ، وأن وجدت مثل هذه الفضائيات فهي تعد على أصابع اليد فعلا!!. ونسأل هنا : هل أن عمل الأعلام هو في نقل الخبر بالصوت والصورة وعبر المراسلين ، أو أجراء اللقاءات مع المواطنين لتسليط الضوء على موضوع ما أو حدث معين أو حادثة وقعت هنا ومصيبة حلت هناك؟ ، الجواب المتوقع هو نعم! ، لأن هذه هي وسيلة الأعلام المعروفة ، ولكن لبعض القنوات الفضائية وأعلامها ، هدف رئيسي هو غير ذلك تماما؟! ، فهي تعمل لأخضاع المواطن لما يريد ذلك الأعلام توصيله ، من صورة أو مشهد أو حدث أو أية خبر!؟ . ونسأل هنا : هل خدم الأعلام العراقي بعد الأحتلال الأمريكي والبريطاني الغاصب بكل فضائياته ووسائله والبرامج التي يقدمها والأخبار التي يعلنها عبر الأخبار والتايتلات وأية وسيلة أخرى ، هل خدم العراق وشعبه وقضاياه بشكل أيجابي أم سلبي؟ ، وهل سلط الضوء على كل الأحداث التي جرت ووقعت بالعراق ، وتابعها بما تستحق ليضع المواطن بصورة الحدث فعلا بمهنية وأستقلالية وأرادة أعلامية ووطنية ؟ أم عمل على أجتزاء الخبر وأنتقائيته وحسب أجندة هذه الفضائية الأعلامية وتلك ؟ ، رغم أن غالبية الأخبار والوقائع والأحداث التي شهدها العراق لها أنعكاس كبير من جميع النواحي على وضعية المواطن العراقي؟ ، هذه الأسئلة تطرح نفسها على صورة المشهد الأعلامي بعموميته في العراق منذ 2003 ولحد الآن!؟ . أن الحقيقة التي يتفق عليها عموم العراقيين ، هي أن الأعلام العراقي ومنذ الأحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ولحد الآن ، ساهم بشكل كبير في تشويش فكر المواطن العراقي وتحطيم نفسيته الى حد الدمار! ، ومهما حاول المواطن الهروب من الأخبار، وعدم متابعتها ألا انه ومن حيث يعلم ولا يعلم ، يجد نفسه وهو في وسط تلك الأخبار والأحداث! ، التي تنقلها وتبثها الفضائيات ووسائل الأعلام ، حتى أمتلكه شعور من الأستسلام بأنه لا مهرب له منها! ، فقد أصبح أسير لتلك الفضائيات وذلك الأعلام!!؟؟. أن الأعلام الممنهج الذي رسمته الأدارة الأمريكية لمسار الأعلام العراقي منذ الأحتلال ولحد الآن ، هو ربط كل تفاصيل الحياة اليومية ومستقبل الوطن والمواطن بتلك الأخبار والتقارير! وأرتبط أحدهما بالآخر أرتباطا لا مفك ولا مفر منه! ، لا سيما وأن العراق بكل تفاصيله منذ الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاصب له يعتبر مادة أعلامية دسمة وكبيرة ومشهية للأعلام المحلي والعربي والأقليمي والدولي! ، ففي العراق دائما هناك حدث ومشكلة وأزمة ومصائب تتلوها مصائب وحوادث تجر ورائها حوادث! وهذا ما عشنا عليه خلال 20 سنة التي مضت وما عمل عليه الأعلام الأمريكي وما يعمل عليه بشكل ممنهج لحد الآن! ، حتى ضاع المواطن العراقي وتاهت عليه أبسط الأمور وصار يبحث عن الحقيقة المستورة والموصدة خلف ألف باب وباب!
فالمواطن يسمع عبر نشرات الأخبار أن هذا خطف وهذا قتل وهذا أنتحر وهذا سرق وهذا تم اصدار حكم أعدام عليه ، وهذا طبيب مقتول وهذه المستشفى تم الأعتداء على كادرها الطبي والخدمي ، وهذا مدير مدرسة قد تم وضع رأسه تحت ( قنادر)! ذووي أحد الطلاب الراسبين والفاشلين ، وهذا مدرس آخر قد تم سحله من البيت وتم الأعتداء عليه أمام عائلته وأمام الناس والعالم من قبل أهالي أحد الطلاب لأنه رسب في الأمتحان! ، وهذه فتاة أعتدت على ضابط يحمل مرسوم جمهوري أمام الناس بل امام العالم أجمع جهارا نهارا! ، وهذا عّنف زوجته ، وهذه قتلت زوجها ، وهذه قتلت طفلها و و و و وغيرها الكثير من الأخبار، فالأعلام يجعل المواطن العراقي يعيش في رعب دائم!! ، فدائما ما تكون الأخبار بهذا المستوى . ولكن هناك جانب آخر لابد أن نسأل عنه : هل يعقل أنه ليس في العراق ألا هذه الصور والمشاهد والأخبار والخوف والرعب والموت ؟ . لقد كشف الأعلام العربي في بطولة خليجي 25 التي جرت وقائعها في البصرة حقيقة الأعلام في العراق؟! ، عندما وجدوا أن هناك جوانب كثيرة مضيئة في الحياة العراقية! ، ولكن الأعلام العراقي لا يسلط عليها الأضواء أبدا بل يمر عليها وعلى أخبارها مرورا عابرا لا يلتفت ولا ينتبه أليه أحد!! ، حتى أن أحد الأعلاميين من سلطنة عمان أتهم الأعلام العراقي وبصوت عال ، بالقصور في ذلك ! بعدم نشرهم وأظهارهم الجوانب الأيجابية والمضيئة بالحياة العراقية!؟ . ما لمسه المواطن العراقي بعد 20 سنة من الأحتلال الأمريكي للعراق أن الكثير من الفضائيات الأعلامية المحلية والعربية والأقليمية ، تعمل بمهنية وأحترافية عالية ، ولكن ليس لخير العراق بل من أجل تدمير المواطن العراقي وتشويه صورته وصورة العراق أمام العالم !!، فهذه الفضائيات تحرص وتشدد وتؤكد على أظهار الجانب السلبي والمخيف في أخبارها الذي ينشر الرعب ويشيع اليأس في نفس المشاهد والمتلقي ، وعلى أظهار وجه وصورة الحدث من جانبه السلبي فقط وتكتفي بذلك!! ، ولكن دون متابعة الحدث ، وأظهار موقف الدولة وأجهزتها في كيفية معالجة الحدث وأحقاق الحق فيه في حال وجود معالجة!؟ ، أي أنها لا تظهر الجانب الأيجابي في معالجة الأحداث التي تقع بقصد واضح من هذه الفضائية وتلك !؟ ، (رغم أن الكثير من الفضائيات تحرص في عملها أن تكون قبل الحدث ومع الحدث وبعد الحدث!) ، ولكن الواقع ليس كذلك ! بل هي تكتفي بنقل الأحداث أثناء وقوعها فقط!؟ ، وهذا هو المطلوب من الأعلام وما لمسه المواطن العراقي ، فالأعلام وكأنه يتقصد بزرع الخوف واليأس والملل لدى المتلقي ، من خلال أظهار الجانب السلبي للأحداث فقط!؟ ، لا سيما أن هناك فضائيات ما أن تبدأ بسماع موسيقى بداية أخبارها ، تشعر وكأنك دخلت ساحة الحرب توا!! ، فينتابك شعور بالرعب والخوف والتوجس بأن هناك كم هائل من أخبار المصائب تنتظرنا!!؟ وفعلا تبدأ باخبار الموت والأنتحار والأختطاف والحرائق وعن تجار المخدرات وتجار الأعضاء البشرية ، وغيرها من الأخبار التي تثير الخوف والملل والرعب في النفس!. كما أن أظهار نصف الحقيقة من الحدث من قبل الفضائيات وأعلامها ، أدى الى تحطيم نفسية المواطن وإدخال اليأس أليه ، وصار عليه ان يتقبل الواقع مهما كان سيئا!؟. على سبيل المثال لا الحصر : في واقعة مدير المدرسة ذو السبعين عاما ، التي حدثت في بداية شهر مايس الماضي من هذه السنة والتي هزت أنسانية أي شخص يمتلك شيئا من الضمير! ، عندما تفاجأ هذا المدير بأقتحام المدرسة من قبل عدد من الأشخاص لذوي أحد الطلاب وأنهالوا عليه بالضرب هو وأحد المدرسين في المدرسة حتى وضعوا رأسه تحت أحذيتهم! ، وظهر في أعلام الفضائيات وهو في حال لا يحسد عليه ، ولا تقبلها الأنسانية ! ، بأعتباره مربي للأجيال ، فظهر وقد وضعت يده وعظم الترقوة في كتفه بالجبس ، بسبب كسور أصابته نتيجة الأعتداء عليه! ، وكذلك أظهر الأعلام زميله المدرس الآخر، الذي تم التجاوز عليه أيضا ، وكانت أثار الضرب العنيف قد وضحت على ظهره ، المؤلم في واقعة الأعتداء هو مناشدة مدير المدرسة لرئيس الوزراء ولوزير التربية مستنجدا بهم ، وهويبكي ويقول ( يصير أني مدير مدرسة صارلي 50 سنة بالتعليم وتلاميذي صاروا أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات وقادة عسكريين ، هيجي يصير بي)!! الى هنا تم نقل الواقعة بحقيقتها وتفاصيلها من قبل الفضائيات! . نأتي الى الموضوع المهم في صورة ومشهد ما وقع! ، ونسأل : ماذا جرى لهذا المدير وهل تم متابعته من قبل الأعلام والفضائيات؟ التي تدعي بأنها تتابع الحدث بعد وقوعه أيضا!؟ ، وهل سمع رئيس الوزراء ووزير التربية مناشدته وبكائه ؟؟ هنا يكمن دور الأعلام! ، وكيف تعامل مع الحدث ، بروح وطنية عراقية ، أم بقصد مغرض سيء؟ ونسأل أيضا: هل كانت هناك صعوبة في متابعة هذا الحدث الكبير والجلل؟؟!
نعم أقول كبير وجلل وعظيم ومصيبة المصائب لأنه لم يحدث في تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها سنة 1921 ، أن تعرض رجل التعليم والتربية الى مثل هذه الأهانة ، عندما يداس رأسه تحت قنادر وأحذية ذوي أحد الطلاب الفاشلين الكسالى ، وهو يصرخ ويناشد الجكومة ورئيسها والتربية ووزيرها ولا من مجيب!؟ ، أين الأعلام الوطني من ذلك؟ لماذا لم يتم متابعة الجزء الثاني من الحدث؟ بأعتبارها قضية رأي عام تمس روح التربية والتعليم وأحد أعلامها ! . ولو أفترضنا جدلا وأقول وأؤكد هنا ومن باب الأفتراض!!! (( حتى وأن أستمع السيد رئيس الحكومة أو السيد وزير التربية الى مناشدته ، وتم أنصافه وأعتقل المعتدين وتم تقديمهم للقضاء الذي أصدر الأحكام بحقهم ، السؤال: هل سيظهر الأعلام ذلك ، رغم أننا قلنا ذلك من باب الأفتراض!؟ ، أن اليقين الي صار لدى المواطن العراقي هو أن الأعلام لا يظهر ولا يتابع هذا الجزء الأيجابي الذي يتم فيه أنصاف المدير))؟؟؟ ، لأن المقصود من رسالة تلك الفضائيات وأعلامها !! ، هو الجزء الأول من الحدث فقط !؟ (صورة أقتحام المدرسة والأعتداء على المدير وعلى احد المدرسين ، والتي تمثل أهانة التعليم !!) ، فالرسالة الأعلامية المقصودة التي أريد أيصالها وصلت!! ، لكل العراقيين بما فيهم شريحة المعلمين والمدرسين وحتى أساتذة الجامعات ، وأنهم شاهدوا جزء واحدا منها هو الأعتداء والتجاوز على مدير المدرسة! ، فهنا تاتي تداعيات الحدث من خلال رسالة الأعلام السلبية والمغرضة! ، وهو أن بقية المدرسين والمعلمين وحتى أساتذة الجامعات ، وكأن لسان حال كل واحد منهم يقول : (أذا الأمور هيجي ، أني شعلية خلي ينجحون الكل ، حتى أغبى الأغبياء خلي ينجح! ، لكي لا يتعرضوا لنفس موقف زميلهم مدير المدرسة ، الذي وضعوا رأسه تحت الأحذية ، وأهين دون أن يأخذ حقه)!؟ . فنقول ، كم من حادثة مشابهة حدثت بالأعتداء على المعلمين والمدرسين والموظفين والأطباء ورجال المرور و و و و في بغداد وبقية المحافظات . السؤال : أين الجزء الثاني من الحدث ؟ وهل تم أنصاف من وقع عليهم الأعتداء ، وهل تم أخذ حقهم وعوقب المسيئين والمعتدين؟ ، وأين القانون والقضاء أمام كل هذا؟ والذي يهمنا في ذلك ، هل تابع الأعلام تلك الحوادث وأظهر لنا أنصاف من تم أنصافه وأخذ حقه؟؟ . أخيرا نقول: بهذه الصورة وهذه المشاهد أستطاع الأعلام وبقصد سيء ! أن يوصل رسالة الخوف والرعب والأنفلات واللاقانون ليس للعراقيين فحسب بل للعالم أجمع! ، وهذا هو الأعلام الممنهج والمسيطر عليه من قبل الأعلام الأمريكي ، والذي لعب الدور الأول والكبير في تدمير المواطن العراقي قبل تدمير الوطن!. ولله الأمر من قبل ومن بعد.