الحرب الإعلامية وفن خداع و إغتصاب العقول
كتب / احمد الشويلي
قد يتصور القارئ الكريم ان الحرب الإعلامية أو حرب (تغييب وأغتصاب العقول) فن جديد ظهر على الساحة أواسط القرن الماضي نتيجة الاساليب والالاعيب التي كان يتبعها وزير الدعاية النازية الالماني (جوزيف غوبلز) صاحب مقولة إكذب إكذب حتى يُصدقك الآخرون.والذي استطاع فعلاً خداع العالم بخباثته وشيطنته معتمداً على وئد الحقيقة وتغييب العقل الجمعي وإغتصابه، إلا أنه لم يكن أول من فعل ذلك، بل فعلها قبله إبليس بالآف السنين حين خدع النبي ادم عليه السلام قائلاً ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلاَّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) . ومن هنا بدأ فن الإعلام المخادع، والذي يعتمد على عنصرين مهمين هما الكذب وقلب الحقائق، ولقد نقل لنا القرآن الكريم صور عديدة عن هذه الحرب اللعينة، حينما كُذبت الانبياء من قبل أقوامهم الذين اتهموهم بشتى أنواع التهم الزائفة مابين سحر وجنون وهَجّر وغيرها من الإتهامات والخدع، تماماً كما حصل مع نبينا محمد صل الله عليه وآله. حتى وصل الامر إلى إستنكار أهل الشام حين سمعوا خبر إستشهاد أمير المؤمنين علي عليه السلام في المسجد فقالوا قولتهم الشهيرة ( أوكان عليّ يُصلي ؟ ) ناهيك عن صفين وتحكيمها ومصاحفها التي مازال المسلمين يعانون من خدعتها، وكيف تم إغتصاب العقل الجمعي فيها من قبل بن العاص لعنه الله ، والتاريخ مليء بهكذا أخبار وحوادث وشواهد كان للإعلام المخادع السطوة والسيطرة والمُكنة في تغييب الحقيقة فيها وليّ عُنقها، أما اليوم وبعد أن دخلنا عصر التكنلوجيا والثورة المعلوماتية وتحول الحياة إلى مسرح أبطاله الإعلام المرئي والمسموع ودخول عنصر ثالث هو الأخطر من بين الجميع ألا وهو برامج التواصل الإجتماعي و التي تستهدف كافة الفئات العمرية وتتربص بهم الشر حيث تكمن خطورتها كونها قد دخلت في كل زوايا الحياة واستطاعت أن تخترق كل الخصوصيات بعيون ترى وآذان تسمع، وعليه فقد أصبح لشيطان الإعلام المُكنة والسيطرة الكاملة في تسويق الأكاذب والخدع وإيصالها الى الجميع وكأنها حقائق مسلمٌ بها ولا لبس فيها ولا غبار عليها. والانكى من كل ذلك دخول العالم اليوم إلى فضاء الذكاء الصناعي، والذي بإمكانه فعل المعجزات من الخدع وإغتصاب العقل الجمعي، وللهروب من غول هذا الإعلام وأساليبه الشيطانية المخادعة فقد أصبح لزاماً علينا مواكبة هذه السرعة الجنونية في عالم التكنلوجيا، وذلك بإستخدام أساليب متطورة كاعداد الكوادر القادرة على إستيعاب هذه النقلات النوعية في مجال تكنلوجيا المعلومات وإعتماد المصداقية كطريقة في نقل المعلومة الصحيحة إلى المتلقي بإسلوب بسيط وجذاب خالٍ من التعقيدات، وهذا لن يتأتى إلا بإعداد الكوادر المتخصصة في هذا المجال، وكذلك تسليط الضوء على أساليب العدو وطرق خداعه الرأي العام، ويقيناً كل ذلك يحتاج الى تضافر جهود الجميع من أجل الوصول إلى تلك النتيجة التي نستطيع من خلالها التصدي لإعلام الشيطان وإظهار الحقيقة من خلال إعلام حر نزيه صادق في التعامل مع الاحداث. وواهم من ظن أن بن العاص وغوبلز والصحاف ابو العلوج قد هلكوا وأصبحوا في خبر كان…فهؤلاءوأضرابهم قد أسسوا لمدارس يُدرس فيها نهج شيطان الخداع واغتصاب العقل الجمعي وهذا ما نراه واضحاً جلياً في الغرب المتصهين وإعلامهم الاعور الذي لا يرى حتى نصف الحقائق.