حماسة صهيونية… لإنهاء “حماس” ما السيناريو المحتمل
كتب / دكتورة ميساء المصري
تهافت المحللون الصهيونيون في الكيان لوصف الهجوم المفاجئ لطوفان الأقصى، بأنه يشبه هجوم بيرل هاربر القاعدة الأمريكية في اليابان عام 1941، وهو حدث غير مجرى التأريخ وأرغم أمريكا على دخول الحرب العالمية الثانية في ذلك الوقت، فهل أن التأريخ سيعيد أحداثه بصورة أخرى؟
لا أحد ينكر ان طوفان الأقصى علامة فارقة في مسار العملية السياسية والعسكرية في الإقليم بل هو باب أعلن من خلاله الحرب المفتوحة في المنطقة.
دعونا لا نتساءل كثيرا كيف بدأت عملية الطوفان المباغتة والسرية، وهل كانت مخابراتية ام بتكتيك مخفي، والنتيجة جاءت بإسقاط أسطورية جيش الكيان ومنظومته العسكرية والدفاعية. وإسقاط مروع لنتنياهو وحكومته أمام شعبه والمجتمع الدولي، فمع كل حدث سياسي مهول هنالك دائما روايات مختلفة لكن الأسئلة تكون أكثر طرحا .
….وهنا نطرح نظريات عدة
أولها أن الشاباك الذي وقف بجانب المتظاهرين ضد نتنياهو له مآرب في تحقيق مصلحته من إسقاط نتنياهو.. كذلك الموساد الذي يرعاه جهاز CIA له مصالح أخرى بمعاقبة نتنياهو بعد مواقفه الأخيرة من قضية أوكرانيا ،وتناقل الكثير من الأنباء حول السلاح الأوكراني وتهريبه ، وتداخل الأخبار كذلك حول تغاضى نتنياهو عن أن المخابرات المصرية أبلغته بعملية يخطط لها حماس قبل أيام، وقام نتنياهو برمي حجر المسؤولية ودحرج العاقبة على الشاباك والموساد والإستخبارات العسكرية والجيش وتنصل من أي مسؤولية ليرد الصاع صاعين مما يخلق أزمة ثقة في محيطه الحكومي والأمني .
ولكنه بالمقابل عمل على إستغلال ذلك لإيجاد مبرر لإبادة جماعية يرتكبها في غزة وتحويلها إلى موقف سيارات حسب ادعاءه بعد صعوبة توطين الغزاويين في صحراء سيناء .
من ناحية أخرى لا ننسى رعب نتنياهو من إستثمارات الغاز الطبيعي التي يراهن عليها عالميا والخوف المتصاعد من إستهداف المنشآت الخاصة بها مما يعني فشلا مضاعفا له.
ورغم الحماسة الصهيونية للحرب والتي تصدر عن زعامة غاضبة، إلا أن الطوفان أعاد حماس والمقاومة الفلسطينية من جديد إلى البطولة الأسطورية مهما نسجت الروايات الصهيونية حول إرهاب حماس ووصفهم بداعش وتلفيق صور وفيديوهات مغرضة لدعم هذا الإدعاء الكاذب الذي ينوون إستخدامه كشريعة دولية لجرائمهم …رغم أن المقاومة أعادت الروح للشعوب العربية بمكاسب لم تحققها الجيوش العربية مجتمعة
طوال عقود، وبعملية لا تحتمل الخطأ خلطت الأوراق والحسابات عربيا ودوليا، وجعلت نتنياهو ينجرف بشكل شخصي وإنتقامي إلى التهديد بالحل الصفري في غزة .
ورقة الأسرى والرهائن هي الورقة الموجعة لنتنياهو، فهو بين سيناريوهات أحلاها مر ، وتخلي حكومة نتنياهو عن الرهائن سيكون كارثة داخليا وينعكس على الرأي العام في الكيان ،كذلك عملية تبيض سجون الأسرى الفلسطينيين أمر سابق لآونه من ناحية حماس، وحديث البعض عن بروتوكول هانيبل جريمة لن يسامحه عليها الشعب الصهيوني ويخلق أزمة فعلية مروعة تدفع نتنياهو إلى التفكير بلا عقلانية .
أما فيما يخص الحرب البرية مع القطاع فهو إنتحار عسكري، وحرب الشوارع في فيتنام غزة، مقاتلوا حماس هم الأكثر إستعداد لها .
إذ يخطط الكيان لجعل الإجتياح جزئي وغير كامل أو عبر تقسيم القطاع إلى 3 أقسام أو أراضي زراعية أو سكانية أو عبر تشكيل حزام أمنى حولهم وتحويل المنطقة إلى كانتونات معزولة ، وهنا ضربا من الجنون ان يشكل نتنياهو تحالفات دوليا بقيادته. في المنطقة.
ووقتها قد تفتح جبهات أخرى كما يحدث في الشمال ويتم توحيد المساحات وقد يتم الحديث عن
تدخل أمريكي أو إنخراط مباشر أو بالوكالة مع الجبهات السورية واللبنانية. ولا نغفل عن وجود القوات الأمريكية في دول العراق والجوار.
النزاع الراهن في الإقليم تتجاذبه عده أطراف، روسيا وايران، وأمريكا، والصين، وتركيا، والكيان الصهيوني ،والإتحاد الأوروبي سواء فوق الطاولة أو تحتها ،وللجميع أبعاد غير ممكنة التوقع قابلة لجلب قوى مختلفة للحرب بطرق عدة وكلها تحت شعار أزمة وجودية.
المعسكر الأمريكي يناقض نفسه بفتح جبهات أخرى جديدة في الشرق الأوسط والمناورة بالقضية الأوكرانية ثم الإسرائيلية وتحييد القوى مع روسيا والصين الذين بدورهما يحققا نصرا بتأجيج النزاع في الإقليم ، فروسيا تتفرد في محيط البحر الأسود والصين تتابع التأزيم الأمريكي وتعطل الممر الإقتصادي الذي يربط الكيان بالخليج وأوروبا.
أما تركيا فستمر بمرحلة مزعزعة فيما يخص نزاعها مع حزب الPKK وشمال سوريا .
وفي إيران تتناقض التكهنات حول المصلحة العقائدية والتمدد الإقليمي والسيطرة على قوى مختلفة وخلايا نائمة في عدة دول وتنوع الجبهات في العراق واليمن، وسوريا ولبنان وغيرها .
فالتهديد بالمشاركة جاء من كل الجبهات في حال الإجتياح البري، سواء الحوثي أو حزب الله أو الميليشيات في العراق ويبقى السؤال كيف ومتى ولماذا؟ في وضع إقليمي مضطرب للغاية وعنف عشوائي قد يتفجر إلى ما هو أكبر بكثير.
الخلاصة أن نزاع معسكرات دولية عدة لها القدرة على تحريك الأوضاع الداخلية في الشرق الأوسط وتغيير وجه الإقليم والواقع الجيوسياسي وزوال أنظمة وحكام وحدود، و تناحر وتعامي دولي لتشريع ما هو غير شرعي وقبوله، ولا يبقى للشرعية الدولية أي وزن أو معنى ..
وبأيدي دولية وعربيصهيونية ….