دور الأعلام في معركة طوفان الأقصى؟
كتب / علاء كرم الله
لربما لم ينتبه الكثيرين بما فيهم المثقفين والمتعلمين ، هو أن المواطن العربي ، لازال اسير الأعلام الأمريكي والصهيوني والغربي بشكل عام ، من حيث يعلم أو لا يعلم! ، فلا زال الكثيرين يرون في الأخبار التي تنقلها الصحف الأمريكية والبريطانية والفرنسية ومحطات الأخبار الغربية بأنها أخبار موثقة ومسّلم بها! ، مهما كانت تلك الأخبار وما تحمل من نوايا سيئة وحتى وأن كانت اخبار مبركة! . وقد أنطلت على العالم الكثير الكثير من تلك الأخبار والحوادث التي كانت تبثها وتنقلها الصحف ومحطات الأعلام والأخبار الأمريكية تحديدا والغربية عموما! ، وخاصة أثناء الأزمات والحروب وكما يجري الآن في غزة! . وهنا لا بد من الأشارة بأن العراقيين لهم تجربتهم الخاصة والموجعة مع الأعلام الأمريكي! (فكم لفقت وكذبت أمريكا علينا وعلى العالم في أعلامها بحرب الكويت عام 1991 ، وكم فبركت من مشاهد وأفلام ونسجت من قصص لتشوه فيها صورة الجيش العراقي والجندي العراقي! ، كما تفعل الآن مع أبطال المقاومة في غزة! ، وغيرها من أكاذيب وكذلك قبل غزو العراق وبعد أحتلاله في 2003 ، وللأسف أننا والعالم أكتشفنا ذلك الكم الهائل من تلك الأكاذيب ولكن بعد فوات الآوان!!) . نعود الى صلب الموضوع ، ففي الحقيقة أن سبب ذلك يعود الى طبيعة الأنظمة العربية الحاكمة ودكتاتوريتها ، وأنغلاقها على المواطن ، وخاصة في مجال الأعلام! الذي يعتبر السلاح الفعال لدى كل الحكومات في العالم ، وتحديدا الحكومات الدكتاتورية! ، فهذه الحكومات تفرض على المواطن ، ما يجب أن يسمعه ويراه ، وما لا يجب سماعه ومشاهدته!! . فعدم حرية الأعلام وغياب الشفافية وصعوبة الوصول للحقيقة وعدم الوضوح والضبابية في سياسة الحكومات العربية عموما ، كانت ولازالت هي مشكلة الأعلام العربي منذ عقود وعقود! ، وأن الوصول الى الحقيقة ومحاولة معرفتها هو من أصعب الأمور لدى الأعلاميين والصحفيين في الوطن العربي! وبالتالي أن هذه الحالة دفعت المواطنين في العالم العربي تحديدا اللجوء والبحث عن المحطات والصحف الأجنبية والأعلام الغربي لمعرفة الأخبار بأعتبارها الأكثر مصداقية! ، بل وصار عند المواطن العربي ، يقين تام بأن ما تنقله تلك المحطات وشبكات الأخبار الأمريكية تحديدا والغربية عموما من أخبار!؟ ، هوعين الحقيقة وصحيح مائة في المائة ولا تشوبه شائبة!!؟. أن الفرق في الأعلام لدى الأنظمة الديمقراطية ومدى شفافيته أذا ما قورن ، بالأعلام في الأنظمة الدكتاتورية ، أنعكس بشكل كبيرعلى صورة ومشهد معركة الشرف التي تخوضها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ضد الأحتلال الأسرائيلي الصهيوني ، فرغم الهزيمة المنكرة التي ألحقها ابطال المقاومة (حماس والأقصى والجهاد الأسلامي) بالأسرائليين الصهاينة ، ألا ان الكثيرين لازالوا لا يصدقون ذلك!؟ ليس للأسباب التي ذكرناها آنفا فحسب ، بل وبسبب عدم وجود أية وسائل أعلامية تنقل المشاهدات والمواقف من أرض المعركة ألا ما ندر! ، كما حدث في بداية هجوم حماس وبقية فصائل المقاومة ، حيث كان لعنصر المفاجأة دوره الكبير في تحقيق النصر وتصوير عملية الأقتحام بشكل تفصيلي وواضح ، بدأ من أقتحام الجدار الفاصل لغزة ، حتى دخول المقاتلين الى عدد من المستوطنات والسيطرة عليها وقتل الجنود الأسرائليين . وسرعان ما أنتبه الأمريكان والعدو الصهيوني الى ذلك فعمدوا الى قصف أبراج الأتصالات في غزة مما أدى الى قطع (الأنترنيت) وباقي الأتصالات الأخرى ، فخلى الجو الأعلامي كاملا لأمريكا وأسرائيل ليلعبون ويتلاعبون به كيفما يشاؤون ، هنا يقلب الأسود الى أبيض وهنا يعمل عكس ذلك تماما وهكذا ، وبطريقة أثرت كثيرا على عقل وفكر المشاهد والمتلقي العربي والغربي على السواء! ، لا سيما أن مناظر القصف والأبادة الوحشية تركت أثارا سلبية على عقل المواطن العربي والغربي على السواء وفرضت السؤال :(من هو المنتصر في المعركة!؟ ، حيث حاول الأعلام الأمريكي والأسرائيلي حصر المعركة كلها بمشاهد القصف اليومية على غزة وقتل الناس هناك!) ، في حين أن هذه ليست ليست الحقيقة لأنها ليست أرض المعركة !؟ ، فصار من الصعب لدى البعض تصديق معجزة الأنتصار التي حققتها المقاومة الفلسطينية لحماس وبقية الفصائل الثورية ، وأنا أعذر المواطن العربي في ذلك! لأنه تعود على الأنكسار والخيبات والهزائم وسماع الأخبارالكاذبة من قبل حكوماته منذ نكبة فلسطين عام 1948 ولحد الان! . لذا على الدول العربية والأقليمية ان تلعب دورا كبيرا في تقوية الأعلام الحربي الفلسطيني ونقل حقيقة ما يجري في أرض المعركة ، وذلك عن طريق الأقمار الأصطناعية ، لا سيما أن الكثير من الدول العربية والأقليمية لديها أقمار صناعية يمكنها ان تلعب دورا فاعلا ، ضد الأعلام الأمريكي والصهيوني والغربي عموما ، ليس في موضوع أعادة شبكات الأتصال (الأنترنيت) فحسب ، بل وبنقل الكثير من مشاهد المعارك التي تجري في قطاع غزة .
فلربما لا يعلم الكثيرين من العرب والعالم أن عدد الخسائر لدى أبطال حماس وبقية الفصائل المقاومة ،لا تتعدى أصابع اليد الواحدة رغم مرور 25 يوم على المعركة! ، في حين وصل أعداد القتلى لدى الجيش الأسرائيلي الصهيوني بالمئات وأكثر من ذلك ، ناهيك عن أعداد الأسرى الذي تجاوز 500 أسير أعترفت بذلك أسرائيل نفسها ، بما فيهم ضباط وجنرالات كبارفي الجيش! . وعلى الرغم من المشكلة التي تواجهنا في ذلك وهو أن أغلب الدول العربية هي ( مطبعة مع أسرائيل ومكبلة بالكثير من الألتزامات في ذلك!) ، فلا تتجرأ ! أو حتى تحاول نشر ونقل أية صور عن الأنتصارات التي يحققها رجالات وأبطال المقاومة، ومع ذلك نشاهد بين فترة وأخرى مشاهد ولقطات عن تلك الأنتصارات . أن الأعلام الأمريكي والصهيوني الأسرائيلي يحاول التغطية على هزيمته بصور ومشاهدات القصف الوحشي اليومي الذي صار هو الطاغي على أجواء المعركة ! ، ولكن الكثيرين لا يعلمون أن هناك ضربات وضربات موجعة وأنتصارات تتحقق وهزائم منكرة للعدو الصهيوني الأسرائيلي في جبهة القتال الحقيقية ، والتي سببت لأمريكا وأسرائيل حرجا كبيرا ، حتى بدأت أمريكا تفكر بوساطة هذه الدولة وتلك! ، ليس من أجل أيقاف القصف الأسرائيلي كما تدعي إعلاميا! ، بل من أجل الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه!!. . أخيرا نقول على الرغم من محاولات التعتيم والتظليل الأعلامي الذي يقوم بها الأعلام الأمريكي والصهيوني الأسرائيلي للتغطية على هزيمته الكبيرة في 7 أكتوبر فأنها لا تغطي شمس وحقيقة النصر الذي حققته حماس وبقية رجالات المقامومة والذي صار حديث الأعداء قبل الأصدقاء. ولله الأمر من قبل ومن بعد.