الرئيس الأمريكي يعترف: حماس أفشلت جميع مخططاتنا ومشاريعنا
كتب / د. حامد أبو العز
في لحظة مهمة وفارقة في تاريخ الولايات المتحدة أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنّ حماس أفشلت المخطط الأمريكي في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية. حيث أشار بايدن في تصريحات أدلى بها خلال حفل لجمع التبرعات لحملته الانتخابية بأنّ أحد أسباب تحرك حماس تجاه إسرائيل، هو أنهم كانوا يعلمون أنني كنت على وشك الجلوس مع السعوديين لحثهم على الاعتراف بإسرائيل.
إذا ما أردنا تحليل تصريحات بايدن بشكل منطقي فعلينا القول بأن لهجة التهديد والوعيد تغيرت إلى لهجة الاعتراف بالهزيمة. فبعد التهديد باقتلاع حماس من غزة بشكل نهائي وبعد التهديد بتصفية قادة حماس جميعاً وبعد إرسال حاملات الطائرات الأمريكية إلى قبالة سواحل فلسطين وبعد خط الإمداد الجوي الذي وفرته الولايات المتحدة لإسرائيل لإمدادها بالذخائر الحربية، يعترف جو بايدن بأنهم تعرضوا للخسارة على أيدي مقاتلي حماس. لهذه التصريحات نتائج هامة للغاية يمكن اختصارها بالتالي:
أولا: إن الاعتراف بهزيمة مشروع التطبيع يعني بأن السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط تنحصر في خدمة المصالح الإسرائيلية وبأنّ أي تحرك أمريكي يجب قرأته في هذا السياق وحسب. لقد أثبتت الولايات المتحدة لجميع العالم بأنه غير معنية إلا بأمن إسرائيل ولذلك فهي تسخر جميع مقدراتها العسكرية والدبلوماسية والسياسية والاقتصادية في خدمة إسرائيل. وعلى الرغم من أن الهدف الرئيسي لحماس من عملية طوفان الأقصى هو وقف العدوان على قطاع غزة والقدس والضفة الغربية إلا أنها نجحت في تحقيق أهداف ثانوية كتعطيل المسار التطبيعي العربي الإسرائيلي.
ثانياً: هذا اعتراف بتوسيع دائرة الهزائم والخاسرين من عملية طوفان الأقصى. تلقى مقاتلو حماس الأبطال بعض الانتقادات من المتصهينين حول العملية التاريخية وجاء تصريح بايدن ليقول لهؤلاء بأن دائرة الخاسرين لا تقتصر على إسرائيل بل هي تشمل الولايات المتحدة كذلك. الولايات المتحدة التي يصفونها بأنها القوة الأعظم في العالم تم تحطيم أسطورتها بواسطة بنادق بدائية يمتلكها مقاتلو القسام.
ثالثاً: لقد ضربت حماس الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي في مقتل. إذ من المعروف بأنّ المرشحين والرؤساء الأمريكيين يبنون بعض حملاتهم الانتخابية على تقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل تماماً كما فعل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وغيره من المرشحين. ومن المعلوم كذلك بأنّ هناك تسابق بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي حول تقديم الدعم لإسرائيل ولذلك فإنّ محاولة بايدن تعويض تراجع شعبيته عبر تحقيق صفقة تطبيع تاريخية مع السعودية ذهبت أدراج الرياح.
رابعاً: لقد أظهرت حماس عبر عملية طوفان الأقصى بأنّ الولايات المتحدة لا توفر جهداً ولا مشروعاً في سبيل تقديم الدعم لإسرائيل ولذلك فهي لم تفشل الجانب العسكري من الدعم وحسب بل وأفشلت الجانب الإعلامي والجانب الدبلوماسي والسياسي وعلينا نحن العرب والمسلمون أن نتعلم من هذا الدرس. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً اقتصادية على العراق لثنيه عن الدعم السياسي لفلسطين والشعب الفلسطيني. وتتخذ الولايات المتحدة من الأموال العراقية المتحصلة من بيع النفط التي تتواجد في الخزانة الأمريكية كعامل ضغط إذ رهنت السفيرة الأمريكية في العراق إمداد البنك المركزي العراقي بالدولار بتغيير الموقف العراقي الرسمي من الحرب على غزة. وهنا علينا أن جميعاً أن نتعلم من مدرسة حماس بألا نرضخ لهذه الابتزازات خصوصا بأن موقف رئيس الوزراء والمسؤولين العراقيين يعتبر ثابت ومبدئي في دعم القضية الفلسطينية.
ختاماً، يبدو بأنه مع مرور الأيام بدأ يظهر جوانب أخرى غير الجوانب العسكرية لطوفان الأقصى. حيث أظهرت هذه العملية الفريدة من نوعها قدرة الشعب الفلسطيني وحماس ليس فقط على إلحاق الهزيمة بإسرائيل بل أظهرت انتصار حماس على الولايات المتحدة كذلك. ولا ينحصر هذا الانتصار على تخريب مشروع التطبيع السعودي الإسرائيلي بل يتعداه إلى القدرة على تغير مجرى الانتخابات الأمريكية ودفع الرئيس الأمريكي إلى الشكوى والاعتراف بأن حماس عطلت مشاريعه في الشرق الأوسط.