أميركا.. خطوة إلى الوراء في الشرق الأوسط
كتب / محمد شريف أبو ميسم
يبدو أن سياسة رئيس وزراء دولة الاحتلال باتت عبئا على ادارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن»، إذ إن الاعتداءات المتواصلة على المدنيين وبشاعة الجرائم التي ترتكب، ألجمت أفواه الداعمين لدولة الاحتلال وناقلت الرأي العام العالمي
لتكون الحكومة الأمريكية موضع اتهام بوصفها أول الداعمين لجرائم الابادات الجماعية والتطهير العرقي، في وقت تتراجع فيه شعبية الرئيس «جو بايدن» مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، وتخسر فيه الولايات المتحدة حربها بالوكالة في أوكرانيا، وتجد نفسها في موقف مرتبك في باب المندب مع علو كعب المقاومة اليمنية، ويصاب مشروعها الشرق الأوسطي بالشلل جراء عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة.
وعلى وفق هذه المعطيات، وفي ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز وتزايد الطلب عالميا، لم يتبقَ للحكومة الأمريكية وهي بصدد المضي في مشروع الشرق الأوسط الكبير القائم على فكرة الاحتوء الاقتصادي، إلا أن تبعث برسائل تعلن فيها صراحة رغبتها في عدم توسع رقعة الحرب خارج حدود قطاع غزة، خشية انجرارها لحرب قد لا تنتهي وهي بصدد اداء واجبها في الدفاع عن دولة الاحتلال ازاء توجيهات الدولة العميقة، التي تدير وتصنع القرار في الولايات المتحدة وجزء كبير من مناطق العالم، وبالتالي فإن احتمالات ضياع نحو عشرين عاما من التمهيد والتأسيس لبيئات جاذبة لرساميل العولمة في هذه المنطقة، وضياع نحو ثمانية تريليونات دولار كانت قد أنفقت على هذا المشروع، يعد أمرا واردا في حالة اتساع رقعة الحرب.
لذا فإن ما كشف عنه السفير الإيراني لدى دمشق حسين أكبري، لم يكن أمرا مفاجئا أو غير متوقع بحسب ما عرف عن السياسة الأمريكية القائمة على تكتيكات العصى والجزرة بحسب مقتضيات المرحلة الستراتيجية، فقد أعلن أكبري «أن واشنطن راسلت طهران لحل المشكلة في المنطقة برمتها وليس بشكل جزئي، وأن وفدا خليجيا حمل الرسالة إلى طهران قبل أيام».
ومع ان مسؤولين ايرانيين قد نفوا ما ورد على لسان السفير، الا ان سياقات الأحداث تؤشر إلى غير ذلك في ظل احتمالات اتساع رقعة الحرب جراء جنون «نتنياهو»، الذي يبحث عن أي شكل من أشكال النصر ليرد به الاعتبار لدولة الاحتلال في المنطقة، ما قد يدفع بالأحداث للخروج عن مساراتها التي قد تطيح بالمشروع الشرق أوسطي، في وقت سيزداد فيه التمدد الصيني ويعلو كعب مجموعة «بريكس».
ومن هنا كانت الخطوة إلى الوراء أمام ضغط هذه المعطيات، وكان لا بد من تخفيف الاحتقان ولو بانسحاب حاملة الطائرات (جيرالد آر. فورد) إلى قاعدتها الأصلية في الولايات المتحدة، بعد أن لوّحت بقدومها إلى شرق المتوسط للمساهمة في ما يسمى بالردع الإقليمي، وليس من المستبعد أن تفتح باب الحوار مع المتصدين لوجودها في هذه المنطقة.