الدولة العراقية بين صناعة القرار ورد الاعتبار ولغة الاعتذار
كتب / ابراهيم المحجوب
تمتلك كل دوله في العالم حدود لها مرسومة وفق اتفاقات دولية وتعتبر هذه الحدود خط احمر لكل دول الجوار الملاصق لها ولا يمكن المساس بها او تجاوزها الا وفق بروتوكولات رسمية معترف بها في كل دول العالم وتعتبر سيادة هذه الدولة شيء مهمه مقدس لدى ابناء الشعب الذي يعيش فيها ومن هذا المنطلق جاءت تسمية السيادة الدولية على اعتبار ان لتلك الدولة كيان وسيادة خاص بها وان الحكومة التي تمثلها هي صاحبو القرار الوحيد في رسم السياسات الخارجية لتلك الدولة ولكن ما نلاحظه اليوم وخاصة بعد ان انفراد القرار الامريكي عن كفة ميزان العالم وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي اصبحت الكثير من الدول تعاني من الهيمنة والغطرسة الأمريكية والتي صنعت للبلدان التي كانت تعتبرها معارضة لافكارها الرأسمالية حكومات ضعيفة وهزيلة تحاول من خلالها السيطرة على ثروات وموارد تلك الدول وكذلك رسم الخطوط العريضة لسياسة حكومة تلك الدول وهذا يعتبر نوع من الخذلان بالنسبة للشعوب التي تعيش بأراضي هذه الدول…
ان تقرير المصير ورسم السياستين الداخلية والخارجية لكل دولة يجب ان يمر من مبدأ التكافئ مع الدول الاخرى بعيدا عن مفهوم القوة والضعف وبعيدا عن كل الطرق التي تؤدي الى فرض ارادات وتدخلات خارجية…
لقد عاش العراق هذه المأساة منذ اكثر من عقدين من الزمن وبعد التغيير الذي حصل عام 2003… حيث استطاعت الولايات المتحدة الامريكية التدخل المباشر في رسم السياسة الداخلية والخارجية للعراق. وبأعذار ناتجة عن ردود افعال انتقامية هي من قام بصناعتها لأضعاف نظام ومفهوم الدولة وتحويلها الى كيان ضعيف يحتاج دوما الى قوة كبيرة يلوذ بحمايتها ولايمكن الاستغناء عنها…
لقد قامت كل الحكومات الأمريكيّة المتعاقبة وخاصة بعد غياب القطب الاخر برسم سياسة غطرسة وعنجهية مستخدمةًّ قوتها المفرطة لفرض ارادتها على الواقع العراقي بدأً من تشكيل اكبر سفارة في العالم داخل العراق يتجاوز عدد موظفيها الحد المعقول لمصطلح السلك الدبلوماسي حيث تجاوز الخمسة آلاف موظف يحملون جوازات سفر دبلوماسية اضافة الى اضعاف هذا العدد من الذين يحملون صفة مدربين عسكريين ويمتلكون قواعد عسكريّة خاصة بهم…وقد اصبحت هذه القواعد مقرات لانطلاق الطيارات المسيرة والصواريخ لتصفية حسابات البيت الابيض مع كل الدول التي تناهض السياسة الامريكية في الشرق الاوسط
واصبحت بالمقابل كل الحكومات العراقية المنتخبة تعاني من ضغوطات شعبية بإخراج هذه القوات من العراق ولكن اللاعب الامريكي مازال يمارس لعبة التهديد والتخويف للحكومة العراقية من عدم قدرتها للدفاع عن نفسها من مخاطر عدو قادم يزعزع نظام الحكم في العراق…
لقد اصبح النظام السياسي في العراق اليوم عاجز امام تصرفات السياسة الامريكية ويعاني من سياسة عدم اتخاذ القرار السياسي وكذلك عاجز عن حماية السيادة العراقية رغم توفر كل الإمكانيّات المطلوبة والتي ينقصها اتخاذ القرار الصحيح دوماً…وبالنهاية فان تلك التصرفات السلبية انعكست على رسم السياسة الداخلية للدولة العراقية واصبحت هناك جهات وافراد من الداخل والخارج يقومون بفرض ارادتهم على القرار السياسي العراقي….
فهل تستطيع الحكومة العراقية الحالية اقناع الجانب الامريكي بذلك ام اننا سوف نمر بأزمات مستقبلية اخرى سببها الاحتلال الامريكي للعراق ومارافقه من شوائب سلبية عديدة…