فلسطين الجيدة بين الخدعة والحقيقة
كتب / أ.د عامر حسن فياض
هناك حقائق لا يمكن تجاهلها مهما كابر تحالف الغرب الاطلسي تفيد بأن إسرائيل أصبحت عبئاً على وجودها، فالانقسامية العمودية والافقية داخل الكيان الاسرائيلي تسري سريان السرطان في الجسد. وهذا الكيان السرطاني الذي يقتضي الإزالة عند من يخاصمه أصبح كياناً مزعجاً حتى عند الأشرار،الذين ناصروه بعد أن حلت رغبات شخص نتنياهو
لتكون محتوى استراتيجية غير واضحة وغير موحدة لدى هذا الكيان، وبعد التأكد من أن الولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت حليفا غير موثوق به، حتى عند ثلة حكومة الحرب الصهيونية داخل اسرائيل.
وإن كانت العدمية الأخلاقية سمة بارزة في قائمة السمات الشريرة للغرب الرأسمالي المتوحش، فإن الإدارات الأمريكية المتوالية وخاصة إدارة بايدن فشلت في الحفاظ على الجزء القليل الباقي من القيم الامريكية الديمقراطية، رغم الخلاف اللفظي بين تل ابيب التي تطالب بعدوان إبادة وسخة في غزة وبين الولايات المتحدة الامريكية التي تطالب بعدوان إبادة (نظيفة) في غزة !
ان حقيقة الخلاف بين تل ابيب وواشنطن هي ليست غير لعبة اختلاف في توزيع الادوار بغية كسب الوقت لهما للاستمرار في ممارسة القتل، بهدف إنجاز الإبادتين الوسخة والنظيفة معاً وتضييع الوقت على المقاومة المستمرة في التقاتل، من اجل التحرر من آخر الاحتلالات التي يشهدها عالمنا.
نعم أن واشنطن تبيع الكلام لإضاعة الوقت وإفساح المجال أمام الكيان الصهيوني لمواصلة عدوانه المسنود بلا إنقطاع من قبل الغرب الامريكي الاوروبي الرأسمالي المتوحش، ضمن ألاعيب أولها لعبة الهدن المؤقتة ثم مواصلة الإبادة بين الهدن، بدلاً من إيقاف الحرب ووقف العدوان ! ولعبة الدعوة اللفظية الامريكية لحل الدولتين الاولى هي القائمة فعلاً والثانية، هي التي ستقوم قولاً! زيادة عن لعبة أنسنة التعامل مع فلسطين، بقذف المساعدات من الجو، بدلاً من إيصالها عن طريق المعابر! ولعبة التخفيف من قساوة العدوان، بدلاً من إيقافه وضمان منع مواصلته ومعاودته!.
إنَّ المحدد المهم عند نتنياهو هو الاستمرار في السلطة، مهما كانت النتائج فهو لا ينوي وقف العدوان لأسباب شخصية خاصة به أكثر من كونها أسباب خدمة للكيان الصهيوني.
والمفاوضات التي يشارك بها أكثر من وفد اسرائيلي مفاوض، ينبغي ألا تصل عنده لوقف الحرب العدوانية على غزة، لأن المهم عنده عدوان مستدام على غزة، حتى بعد فض قضية تبادل الأسرى.
إن عجلة المفاوضات تتحرك لا للتقدم بل للمراوحة فقط.
وهذه المراوحة تهدف اللعب على الوقت لتسويف القضية وإيقاع المقاومة بفخ المناورة الصهيوأمركية، عن طريق لعبة مفاوضات من أجل مفاوضات وكل الاختلاف بين إدارة نتنياهو وإدارة بايدن هي – كما قلنا- إن الأولى تريد استمرار العدوان بالإبادة الوسخة، وإن الثانية تريد استمرار العدوان بالإبادة (النظيفة)!.
وفي سياق لعبة المفاوضات من أجل المفاوضات، يحاول التحالف الصهيوامريكي إعادة هندسة المجتمع الفلسطيني عن طريق سلاح المساعدات لخلق فجوة بين المقاومة، وحاضنتها الشعبية في غزة والضفة، إضافة إلى جعل غزة غير قابلة للحياة، تمهيداً للتهجير خصوصا بعد أن فشل هذا التحالف في كسب عشائر غزة وواجهاتها الاجتماعية، الذين رفضوا الوقوع في فخ القطيعة بين المقاومة وحواضنها الشعبية.
ولذلك ذهبوا في ألاعيبهم إلى فكرة تجديد السلطة والمساعدات الانسانية، وإخلاء رفح دون إبادة جماعية، وإنشاء لسان إنقاذ بحري لأهل غزة، من أجل لعبة فلسطين الجيدة الجديدة!.
إن حقيقة لعبة فلسطين الجيدة عند التحالف العالمي الصهيوامريكي، وأتباعه قادة العرب المستعربة والمتأسلمة هي فلسطين بلا مقاومة!، وفلسطين السلطة بلا سلطة ولا حول ولا قوة!، وفلسطين المسألة الانسانية وليس فلسطين القضية التحريرية الوطنية!
وفلسطين الذكرى للماضي وللحاضر وللمستقبل! وإذا كان ذلك أمراً ينطلي على النعاج المستعربة والخِراف المتأسلمة في بلاد العرب والمسلمين، الذين لا يمكن ان يتحولوا إلى نمور وأسود، فإن كل تلك الترهات لشيطنة المقاومة، ورحمنة الكيان الصهيوني بسموم فعلية وعسل لفظي عن فلسطين الجيدة الجديدة، لا تمنع من سقوط اسرائيل كوطن آمن لليهود وكقاعدة متقدمة للاستعمار العالمي القديم والجديد، لأن اليوم التالي لغزة وفلسطين الجيدة الجديدة، سيبدأ عند فرض وقف العدوان بالمقاومة وانسحاب جيش الاحتلال من غزة، وعودة النازحين إلى أراضيهم وديارهم في غزة وفتح المعابر وإدخال المساعدات والضمانات، بإعادة الإعمار، وتلك الأهداف، لا بد أن تكون الإطار العام، لإتمام صفقة تبادل الأسرى، وبعد ذلك فإن اليوم التالي وفلسطين الجيدة، سيكونان حقيقة فلسطينية بإمتياز أي ليست حقيقة أمريكية ولا إسرائيلية ولا عربية ايضا، واللاعب الأساسي في اليوم التالي ولفلسطين الجيدة، هو فقط الشعب الفلسطيني كل الشعب ومقاومته بكل فصائلها وتلك هي القيادة الحقيقية المتجددة لدولة فلسطين المستقبلية.
وتلك الحقيقة هي المدماك الراسخ لمسار فلسطين القادمة بعيداً عن كل الذين تسلحوا بالخذلان وتلبسو الجبن في بلاد العرب والمسلمين من القوالين بأن القضية الفلسطينية لا تعنينني!
إن انتصار التواضع الفلسطيني المقاوم وهزيمة الغطرسة الصهيونية العالمية قادةً واتباعًا، تعني انتصار الانسان في العالم والعكس صحيح، أي أن عدم الانتصار هنا يعني خسارة الإنسان في العالم.