منطق النظام الاردني لتبرير مشاركته بصد الهجوم عن الكيان.. تحت المجهر
كتب / فؤاد البطاينة
شكلت مشاركة النظام الأردني في صد الهجوم الإيراني على الكيان الغاصب لأرضنا ومقدساتنا والفاتك بشعبنا الأعزل تحت الإحتلال، جدلية في منطقه الذي ارتكز عليه في تبرير هذه المشاركة القائمة على ضرورة مواجهة اختراقات أجوائنا. مع العلم بانعدام وجود جدلية دولية أو قانونية حول مشروعية الهجوم الإيراني كرد على هجوم صهيوني يقع في صميم مفهوم الارهاب، حيث جاء هذا الرد مستنداً على حق الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يشكل جزءا أساسيا من القانون الدولي. وأقول..
نظراً لعدم وجود مصلحة لنا وللقضية الفلسطينية في اعتراض المسيرات والصواريخ الإيرانية وإسقاطها على أراضينا وفوق رؤوسنا بدلا من سقوطها على أهدافها في الكيان، ومع الأخذ بالإعتبار إخطار إيران لنا سلفاً عن الهجوم كي نتخذ إجراءات السلامة، ورغم العرف المتبع في إطار القانون الدولي بأن الأسلحة المارة ترانزيت في الأجواء وقت الحروب لا تعتبر معادية للدول التي تمر فيها، وأمام ما مثلته هذه المشاركة من طعنة في صميم العقيدة القتالية لجيشنا العربي الأردني المصطفوي بجعله يقاتل مع جيش العدو أو يقاتل لحماية كيانه المحتل لأرضنا ومقدساتنا وأقصانا، ورغم الظرف المؤلم الذي تأتي فيه هذه المشاركة من حيث استمرار الكيان بارتكاب المحارق والمجازر ضد أهلنا في غزة، وما رافق المشاركة من استباحة اجنبية لأجوائنا وأراضينا من أجل الدفاع عن الكيان لا عن أجوائنا، فإننا نحتسب ما جرى في سياق اعتبارهم الأردن امتداداً جغرافيا استراتيجيا للكيان. ولكن…
ولكن هناك ما هو أعظم في الإستنتاج لو مررنا أو عندما نمر في تجربة مقابلة. وهي إذا ما قام الكيان بالهجوم على ايران مستخدما الأجواء الأردنية لنرى إن كان النظام سيتخذ نفس السياسة والمنطق الذي يدعيه ويهاجم المقذوفات الصهيونية المارة فوق الاراضي الأردنية، ويطلب أو يسمح بنفس الوقت وبالمثل لقوات إيرانية وعربية ومسلمة صديقة أن تدخل الأراضي والاجواء الأردنية لمساعدته كما فعل في حالة الهجوم الإيراني.
فإن لم يفعل ذلك، فعندها لا يمكن لي كأردني وكعربي وكمسلم أن أسميه مجرد انحياز للكيان أو مجرد استخدام للمجال الجغرافي الأردني ضد دولة اسلامية في نزاع سياسي أو مسلح. بل يصبح الأمر بمثابة شراكة عسكرية استراتيجية أردنية مع الكيان الارهابي الغاصب فرضها النظام الأردني على جيشنا الأردني المصطفوي وعلى الشعب الأردني العروبي.
وهذا يعني أنه لو كانت تجربتنا مع الكيان الصهيوني ذاتها مع دولة عربية أو اسلامية أخرى غير إيران سيكون الموقف الأردني هو ذاته. وعلى كل الأحوال، فإن المشاركة الاردنية التي نتحدث عنها ليست أخطر ولا أكثر دلالة على هذه الشراكة الاستراتيجية من الموقف الأردني من مسألة الوقوف مع الكيان بوقت شدة أهلنا في غزة بتزويده باحتياجاته الغذائية والحياتية والخدماتية وبجعل الاردن جسرا عبور للكيان لتمكينه من توفير وحشد كل طاقات البشرية والمادية للصمود والقتال والذبح في غزة رغم أن النظام يعلم يقيناً بأن هذا الكيان يحاصر أهلنا ويموتون جوعاً في غزة ويمنع الغير بما فيه الأردن من إدخال أي من أساسيات الحياه إليها.
وفي الختام، نحن الأردنيين لسنا دعاة ضجيج ولا من سبرنا أن نناضل بالتهم والإتهامات ولا التجارة بالدنية والقضية للوصولية. وتاريخنا كان يفتقد لقلة القلة من الأردنيين الخونة لدينهم ولتراب الأردن وشعبه ولتراب ودماء شهداء فلسطين مقابل السعي للحصول على مركز حكومي أو منفعة. ولا أتردد هنا عن إبداء الرضى على ما استمعت اليه مؤخراً في كثير من الحوارات الدولية لوزير خارجيتنا الأستاذ الصفدي والتي أرى فيها شجاعة وخروجا على مألوف غير مريح .
ولكنا دعاة حرية وتحرر وتحرير، نصر على أن نبقى عرباً وأن يكون نظامنا شبيها بنا ويعبر عن إرادتنا وعن رأينا العام المتبلور. ونصر على أولوية سيادتنا على أرضنا ومجالنا، ومصالحنا العليا وأن يُدرك نظامنا بأنِ الكيان الصهيوني هو المُستهدف لكل هذا وهو تناقضنا الأساسي. ومعاداة العدو أسلم بكثير من صداقته. وأن القضية الفلسطينية قضية أردنية وولدت هكذا، والمشروع الصهيوني يستهدف الأردن والاردنيين كما يستهدف فلسطين والفلسطينيين بالكم والنوع والطبيعة. ونصر لذلك على أن تكون فلسطين وقضيتها بوصلتنا ومنطلقنا في سياستنا الخارجية وعلاقاتنا الدولية.