المستحدثات الإعلاميَّة الرقميَّة والتحوّلات الذكيَّة
كتب / د. محمد وليد صالح
إنَّ تحوّل الإعلام من النظم التقليدية نحو الرقمية، مستجيباً لتطورات العصر والنظم الذكية في وسائله وتطبيقاته كافة، يعدُّ مؤشرات تطور لهذا النظام في بنيته التحتية ومؤسساته وتشريعاته التي تواكب تطور الممارسة الإعلامية ومستحدثات المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصال وغيرهما.
لقد ساعد هذا الانفتاح على العالم في أوجه الحياة المتنوعة، على فتح الأجواء لاستضافة التجارب الإعلامية المتقدمة، وهذا ما يلحظه الجميع في قوة المدن الإعلامية الحرة المدعومة بالبنية التحتية المتطورة، والتشريعات المطلوبة لحرية عملها واحتضانها لمؤسسات إعلامية عالمية ضخمة ووفرت لها تسهيلات حرية حركتها مع توسيع مساحة عملها، يدعمها دستور الدولة وتشريعات الإعلام نفسه، فضلاً عن تجربة الصحافة المحلية والأجنبية والمحطات الإذاعية والتلفزيونية والمنصات الرقمية المختلفة، إذ وصفت دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها الدولة الأكثر استعداداً وتأهيلاً لصناعة الإعلام المعاصر بالمقاربة مع دول أخرى.
وكشف عن هذا الأنموذج الدكتور عباس مصطفى صادق في إمارة دبي بكتابه التاسع والموسوم (الإعلام الإماراتي: الوسائل والسمات العامة والمستجدات الرقمية)،لتجسيد ممارسته للعمل الإعلامي وتشخيص عناصر تطوره بواسطة اللقاءات والمؤتمرات والمحاضرات العلمية، والاطلاع على الدراسات والكتب والمقالات المختلفة المؤثرة في الإعلام الإماراتي، سواء أكانت الهيكلية منها أم التنظيمية أم الوظيفية أم التكنولوجية في الألفية الجديدة، التي شملت على إعادة الصياغة الشاملة للمؤسسات الإعلامية الرئيسة، تبعاً للتغيرات الرقمية في النظامين الإعلامي والاتصالي، والتطورات في مجال البث الفضائي.
ومرور العالم بتحولات هائلة بالإعلام وتكنولوجيا الاتصال والتغير الكبير في المفاهيم المتصلة بها، وأصبح عامة الناس مشتركين في هذه الصناعة المعقدة، وهذا تحدٍ كبيرٌ أمام الدولة وأفراد المجتمع، ما جعل الدول والحكومات والمؤسسات الإعلامية التقليدية، لا تملك الكثير من الخيارات لضبطه أو الحد من تأثيراته المختلفة، وكذلك تحديات تبني نظم الذكاء الاصطناعي وتطبيقات إنترنت الأشياء والسير في طريق الثورة الصناعية الرابعة، ما ينعكس على أداء مستويات صناعة الإعلام.
المدن الإعلامية الحرة وتطبيقات المنصات الإعلامية الرقمية منذ المحاولات الصحافية الميكانيكية المبكرة في الربع الأول، وبداية النصف الثاني من القرن الماضي، حتى صدور أول مطبوعة منتظمة، مروراً بتطور المطابع وأدوات النشر الحديثة في الإعلام الإماراتي الإذاعي والتلفزيوني، واستعراض معالم هذه المنظومة الإعلامية بأنها الأكثر تشابكية في مجال الإعلام في المنطقة، وتعد محوراً إقليمياً هاماً لوسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية.
ومن دواعي إنشاء المدن الإعلامية الحرة في إمارات دبي وأبو ظبي والفجيرة وعجمان ورأس الخيمة والشارقة، والتطورات التي حدثت فيها وسماتها وقوانين تأسيسها ومجالات عملها المختلفة، وتأثيراتها على المجال الاتصالي والمنظومة الإعلامية في المنطقة، وكذلك صناعة الرسوم المتحركة وتطور تجارب الإنتاج السينمائي المحلية ومنظومة دعمه، بالتسهيلات التي تقدمها الدولة للإنتاج السينمائي العالمي، وصولاً للتحوّلات الرقمية والذكية في المؤسسات الإعلامية الرئيسة وثم المنصات الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي الأكثر تأثيراً واستعمالاً.
فيما احتل توضيح وظائف أجهزة التنظيم والإشراف على قطاعي الإعلام والاتصال حيزاً واضحاً لأهمية دور المجلس الوطني بتنظيمهما، وعرض التطور التشريعي والتنظيمي، الذي استتبع التطور في الممارسة الإعلامية والتحديات القانونية المرتبطة بالبعد المعلوماتي والتكنولوجي التي تواجهها، ولاسيما الهوية الوطنية وتحديات التوطين في مجال الإعلام ومشاركة المرأة في صناعة الإعلام، وتحديات بناء دولة الإمارات العربية المتحدة، والتحديات المرتبطة بمواجهة التطرّف والعنف
والإرهاب.