متبنّيات امريكا: دولة الخلافة الإسلامية (داعش) ودولة الخلافة النازية (إسرائيل)!!
كتب / السفير الدكتور جواد الهنداوي
كلاهما (داعش واسرائيل) وجهان لعُملة واحدة سُبِكتْ بمصانع الصهيونية والإمبريالية، وكُتِبَ ان تكون بلداننا ومنطقتنا سوقاً لتداولها، رغم انها عُملة حرام دينياً وساقطة اخلاقياً، ومثلما اندثر الوجه الاول من العُملة (داعش) سيندثر او سيزول وجهها الآخر (اسرائيل).
انها مسألة وقت ،ولكن وقت بثمن، والثمن هو الصبر ودماء شهداء المجاز ،التي تُرتكب كل يوم، ومنذ سبعة شهور، وآخرها مجزرة النصيرات في وسط رفح غزّة، قبل ثلاثة ايام .
يحسبون امريكا واسرائيل بأنهم حققّوا في النصيرات انتصاراً، وما انجزوا الاّ خزياً وعاراً، قتلوا وجروا من الأطفال والعوائل الفلسطينية بالمئات، وقتلوا من أسراهم ،وفقدوا من جندهم و مرتزقتهم ، ليحرروا اربعة إسرائيل، و استغلوا غدراً ومكراً قوافل المساعدات الإنسانية، كلجوء عصابات الإجرام والمافيا وباكو حرام وداعش إلى طرق ووسائل الإرهاب. عملية النصيرات شهادة اخرى على الشراكة الأمريكية -الاسرائيلية في كل المجازر التي ارتكبت بحق الأطفال الأبرياء في غزّة وفي الضفة، شهادة اخرى على كذب ونفاق الرئيس بايدن. والعَجبْ، هو تبادل التهاني بين الرئيس بايدن ونتنياهو ،بمناسبة تحرير الاسرى الأربع، ونجاح المهّمة .
أعودُ إلى العنوان ،بعد المقدمة المختصرة، والتي فرضتها مجزرة النصيرات ،و ضرورة تبيان وهم الانتصار المزعوم ،لنتساءل ما العلاقة بين دولة الخلافة الإسلامية (داعش)، ودولة الخلافة النازية (إسرائيل)؟
العلاقة او المقاربة تكمنُ في فرقٍ كبير، وهذا الفرق الكبير هو ان دولة الخلافة الاسلامية تُنسبْ إلى عصابة، إلى منظمة ارهابية، اسمها داعش، ودولة الخلافة النازية تُنسبْ إلى “دولة ” مُعترف بها و عضو في الامم المتحدة وهي “اسرائيل”، واكثر من هذا وذاك، اعتبروها من صنعها، بانها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وجيشها اكثر جيوش المنطقة أخلاقاً والتزاماً.
هي (واقصد إسرائيل) دولة الخلافة النازية ،مع سبق الإصرار ، سواء كان التشبيه ، في المعنى الايجابي او في المعنى السلبي! ماذا أعني في ذلك؟
التشبيه في المعنى الايجابي ينصرف إلى ان اغلب الاسرائليين هم ابناء و احفاد اليهود الذين قتلوا على يد النازيّة، وكان عليهم ان يكونوا اكثر الناس حرصاً على منع تكرار مثل ما تعرضوا اليه ،لاسيما و ان اجدادهم والذين نجوا من محارق النازية التجأوا إلى الدول العربية و الإسلامية التي احتضنتهم و كرّمت بعضهم بهوية المواطنة، ولكن للأسف، الذي حصل هو خلاف وعكس المتوقع و المطلوب انسانياً و حضارياً .
والتشبيه بالمعنى السلبي يسمح لنا بالاستنتاج بأنَّ الاسرائلين أصيبوا بداء “العنف يولّد العنف”، فهم، وهذه الحالة وفي إسرائيل يمثلون فعلاً “دولة الخلافة النازية”.
وليس جزافاً او من دون حق ،صدحت تصريحات لكثير من رؤساء دول ومسؤولين سياسين تقارن او تشّبه ما يقوم به قادة اسرائيل في غزّة بما قام به هتلر والنازية.
لم ندّعْ زوراً و بهتاناً على رعاية امريكا لدولة الخلافة الإسلامية (داعش)، لم يبقْ شك او ترّددْ، بفضل توارد المعلومات والتصريحات الأمريكية، على أمريكيّة هذه الرعاية. ارادت امريكا استخدام داعش والفتنة الطائفية للأنقضاض على حركات المقاومة ضّدَ اسرائيل في المنطقة وتقويض الدول او الأنظمة السياسية الداعمة لهذه الحركات، وفي مقدمة هذه الدول العراق وسوريّة ولبنان، وكذلك تشويه صورة الإسلام.
كان الهدف من بشاعة المجازر والتفننّ الداعشي في وسائل القتل والذبح والحرق والطمّر للأحياء هو نقل صورة مشّوه للعالم عن مسلمي المنطقة ،وقدرتهم على ارتكاب اللامعقول، كي يقارن العالم بينهم وبين “إسرائيل، واحة الحضارة والديمقراطية في المنطقة” وتبيان مقدار الخطر الذي يهّدد اسرائيل، وتبرير الدعم الأمريكي والأوربي المُطلق لاسرائيل!
ولكن، سرعان ما ظهر الحق واندحر الباطل، ولم يُصاب الرأي العام الدولي بميكروبات داعش عن ابناء المنطقة وحضاراتهم ودياناتهم، والفضل يعود إلى ادراك الشعوب بأنَّ داعش هي صناعة صهيونية وبرعاية أمريكيه- غربية، وبأنَّ احتضار داعش والإرهاب كان على يد وتضحيات ابناء المنطقة، وفي مقدمتهم ابناء العراق وسوريّة ولبنان.
دولة الخلافة الإسلامية، تسميّة مُظلِّة ،حيث لا دولة ولا خلافة ولا إسلام ، ولكن نسبوها إلى مجرم حقيقي وراعي حقيقي.
دولة الخلافة النازية ،تسميّة صحيحة و واقعية حيث دولة (إسرائيل)، و خلافة لحكمٍ نازي سادَ ومضى ويتجدد اليوم في غزّة، وبمشاركة ورعاية أمريكية.