أخلاقيات الإعلام
كتب / جمعة سلمان
الإعلام الوسيلة الاكثر اتساعاً وانتشاراً وخطورة لما لها من اهمية تعكس حالة التطور والتقدم وحالة التخلف
والتراجع، ولأن أدوات الإعلام لا حصر لها، لما لها من علاقة واسعة ومباشرة مع الناس وأن الذين يمتهنونها بكفائة وقدرة قادرين على تكوين رأي عام، بل هؤلاء الذين يجيدون الحرفة بالإيجاب والسلب قادرين على التأثير في سلوك الرأي العام. ويستخدم الإعلاميين كل الادوات الميسرة في تلك الصناعة ومنها التلفزيون والإذاعة والصحافة ، والإعلام عبر تاريخه يصنع الوعي ويصنع الجهل ويستخدم الادوات التقليدية وغير التقليدية. والناس ذات الناس تشعر بالمتعة بالإعلام القديم او المعاصر ومن الإعلام القديم نموذج المذياع الذي كان يسمى الشيطان، وكانت فيه حرمة لدى رجل الدين، كما ظهور التلفاز، الراديو خلق متعة وثقافة ووعي وبات الناس بعد المذياع غير ماقبله، وتطور الحال بظهور التلفاز والسينما والمسرح والصحافة واصبح الاعلام جزء اساسي من حياة المجتمع، ومنذ ذلك الحين كان الاعلام يزداد تفاعلاً مع الرأي العام . وكان دور الاعلإمي كما اي صاحب مهنة يجيدها ولكن قد لا يجيد اخلاقياتها، فهنالك الإعلامي المنافق والمهادن والمنحاز والمبتز وهنالك الاعلإمي المهني والمتجرد والصادق، والإعلامي الناجح لايعبر عن عواطفه ولا يحلل بمزاجه انما هو أمين على نقل الخبر وللآخرين حق ابداء الرأي، فالاعلامي لا يحيط بكل أدوات المعرفة والعلوم، المهم في الاعلامي ان يحدد اهتمامات الناس وحاجاتهم الضرورية ومن ثم يحدد نوع الخطاب الذي يناسب رغبات الناس واتجاهاتهم، ولكن تبقى الازدواجية و المزاج هي من اكبر التحديات التي تصنع الازمة بين الاعلام والناس كما ازمة الثقة بين الاعلام ومؤسسات الدولة، فكلاهما حذر من الاخر وخاصة الدوائر الامنية والعسكرية، ويرتبط الاعلام بالعسكر ارتباط وثيق واصبح فاعلاً في صناعة الامن والفوضى، وانعكس الاعلام الأمني والعسكري في العقود الاخيرة بحالة الحرب والاستنزاف وكان اعلاماً متأرجحاً في تعبئة الناس او نقل الخبر، ولم يكن الاعلام بمستوى عقول الناس، وقد استمر الإعلام يعاني وخاصة بعد حرب تحرير الكويت وما رافقها من دمار واسع وحصار قاسي وانقطاع عن تقنية الاقمار والصحون التي غابت عن العراقيين حتى حرب اسقاط الديكتاتورية، والانتقالة التاريخية الى الديمقراطية والحريات، بعدها واجه الاعلام ازمة ظهور الانترنت والتواصل الاجتماعي وحالة الفوضى العارمة في المؤسسات والافراد ومنها المؤسسة العسكرية والامنية في مواجهة الارهاب الدولي في العراق والتي افرزت ممارسات وتصرفات خاطئة مارسها العسكر في الاعلام ومنها التصريحات غير المرخصة والتي تتعلق بأمن المؤسسات، ناهيك عن الاخطاء باختيار شخصيات اعلامية امنية رفيعة سببت ارباك للدولة، وكذلك ابراز النشاطات الشخصية التي يظهرها بعض العسكر ودون احترام للسرية والموافقات الاصولية التي تمنع العسكري من التصريح او الظهور العلني. ان اختراع الانترنت ووسائل التواصل هي من ساهمت بهذة الخروقات ولكن إجراءات الردع تمنع الجانب السلبي من هذا الاعلام الذي كان يصنع الخبر ويرسم نتائجة، ولم يكن للجمهور علاقة في صناعة الخبر او الحدث كما في (إعلام التواصل الاجتماعي) ومع التقدم اصبح الإعلام جزء من حياة الناس فيخرج منه الإعلام الايجابي والإعلام السلبي. وقد شهد الاعلام تطوراً سريعاً جعل الإعلامي بقوة السياسي ورجل السلطة بل تفوق واصبح لوبي اكثر تنمراً وابتزازاً من السياسي، ولم يكن الاعلام او الاعلاميين فيما مضى مشكلة او أزمة لدى المواطن، بعكس مايمثله رجل السياسة والدين والسلطة والقبيلة من جدلية القبول والرفض، والتي لا تنطبق على الاعلامي كونه غير مشمول بهذه الجدلية ولكن ومع تطور تقنيات الاعلام والانتشار الواسع للبث الفضائي والانترنت ظهر اشخاص بلباس الإعلام وهم يمثلون اجندة فئوية وحزبية وشخصية ساهمت بالاعلام السلبي الذي اخذ يتوسع بتقنية الانترنت ومن خلال برامج سياسية ورياضية وفنية ودينية واسوء مافي هذه البرامج اشاعة روح الكراهية واعتماد سلوكيات التنمر والانحياز والمحابات والتسويف والتسفيه والتهديد والوعيد والدعاية والابتزاز وفيها غاب الاعلام الايجابي الذي يساهم في تطوير قدرات الناس وقدرات الدولة في محاربة الظواهر السلبية التي انهكت المجتمع واصبحت اكثر خطراً من الدكتاتورية.في الدول الشمولية والديمقراطية تخصص ساعات من البث التلفزيوني لتوعية المواطن فيما يخص التنمية وكيفية تطور التعليم والصحة والصناعة والزراعة والسياحة والسكن وكذلك هنالك برامج توعية وحسب الفئات العمرية يتعلم فيها الاعراف والتقاليد والاخلاق وبما يعكس ثقافة مجتمع، ومنها سلوك الشرطي والعامل والطالب والطبيب والتاجر في عمله وبيته والاماكن العامة ، ان فشل التعليم وعدم ايجاد بدائل حقيقية عن ذلك الفشل ، هو الذي اوجد الجهل ومعه عشرات الالوف من التلاميذ المتسربين والمنخرطين في المجتمع وبما يشكل تهديد لحياة الناس ومستقبل البلد . ان الجيل غير المتعلم والجاهل بندقية دائمة بيد شيخ العشيرة وشيخ الدين يستخدمها متى شاء وفي اي مكان شاء ولكن عندما تتحرر البندقية من عبودية هولاء فسوف تصبح بندقية وطن تزرع الامن والسلام والخير والرفاه في كل ارض العراق