قلق أمريكي في الشرق الأوسط
كتب / محمد شريف أبو ميسم
لا يمكن لأي مراقب أن يتجاهل ما أسست له الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في العقدين الأخيرين، ويبدو من شكل هذا التأسيس أن ثمة مشروعا كبيرا للهيمنة على المنطقة، ومحاولات لعزل غرمائها الدوليين عنها الا في سيقات الشراكة الاقتصادية والمصالح المتبادلة.
وقد شهد هذا التأسيس مراحل ( صدمات التحول في دول النظم الشمولية، ثم اشاعة الفوضى الخلاقة، ثم اعتماد اسلوب الحلول الجاهزة، وصولا لتطبيقات فكرة الاحتواء الاقتصادي)، حتى بلوغ مرحلة التأثيث لبيئة استثمارية جاذبة لرساميل العولمة، وصولا لتكريس وجود شركات العولمة الأمنية وفرض الهيمنة على الأمر الواقع بدعوى الدفاع عن المصالح في بيئة اقتصاد السوق الليبرالي، الذي يضمن حق ملكية الأرض لصالح رساميل العولمة.
وخلال هذه المراحل حاولت الولايات المتحدة اضعاف غريمتها ايران بكل الوسائل، والحد من دعمها لجبهة المقاومة ضد دولة الاحتلال، وقد أنفقت على مرحلة التأسيس خلال عقدين من الزمن ما يتجاوز سبعة ترليونات دولار، بحسب الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب».
وعلى هذا لا يمكن للولايات المتحدة الآن إلا أن تحتوي فتيل أي شرارة يمكن أن تشعل حريق حرب في المنطقة، لأن اتساع مساحة الحرب وحصول مواجهة مباشرة بين ايران وفصائل المقاومة المنتشرة في الشرق الأوسط من جانب، ودولة الاحتلال ومن خلفها الولايات المتحدة من جانب آخر، لن يؤدي إلى ضرب المصالح الأمريكية في بلدان هذه المنطقة وحسب، بل سيشجع روسيا والصين على التدخل المباشر وغير المباشر بما يفضي إلى تدمير المشروع برمته، الذي يتماهى مع المشروع الصهيوني القائم تكريس الاندماج الجهوي بدأ بالتطبيع ومن ثم تدفق الاستثمارات والايدي العاملة، وحق تملك الأرض في سياق نظم ليبرالية السوق التي ساهمت في التأسيس لها عديد من المنظمات الدولية.
اليوم يواجه هذا المشروع خطرا جديدا بعد تغول الصهاينة المحتلين وتماديهم في ارتكاب الفضاعات والابادات الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، اذ يهدد قادة دولة الاحتلال باجتياح جنوب لبنان، بعد أن أوجعتهم ضربات المقاومة اللبنانية، على اثر توسيع نطاق العمليات ووصول مسيّرات المقاومة اللبنانية إلى نهاريا وعكا، وعجز القبة الحديدية عن التصدي لها، الأمر الذي يؤكده صعود خطاب التهديد الصهيوني باجتياح لبنان وبحرب قد تتوسع على ضوء تحذير ايران السابق، الذي أكدت من خلاله «انها لن تقف مكتوفة الأيدي وستفعل كل ما بوسعا لا فشال هجوم دولة الاحتلال».
انه صريخ صهيوني يدل على ألم موجع في دولة الاحتلال واستغاثة موجهة لحكومة «بايدن» مدعومة بتهديد مفاده «اذا ما لم تضعوا حدا للضربات الموجعة التي نتلقاها من المقاومة اللبنانية، والتي ستؤدي إلى اسقاط حكومة نتنياهو» فاننا نعدكم باتساع رقعة الحرب وتهديد المشروع برمته.