مخالفة تركية جديدة لاتفاقية أنبوب النفط كركوك – جيهان
كتب / احمد موسى جياد
نشرت وسائل اعلام تركية مؤخرا ما يشير الى إمكانية قيام تركيا بارتكاب مخالفة جديدة لاتفاقية أنبوب النفط الخام كركوك-جيهان.(1)
ملخص المخالفة الجديدة تتعلق بقيام تركيا بمد أنبوب نفط من حقل “كابار Gabar” وربطه بانبوب النفط العراقي كركوك-جيهان، ليتم نقل النفط المنتج من الحقل المذكور ومن منطقة “كانديل Kandil” الى موقع “ادله Idle ” ومنه الى “دورتيول وجيهان Dörtyol and Ceyhan “. كمية النفط حاليا تبلغ 50 الف برميل يوميا، يتم نقلها بعدد 225 شاحنة، ويبلغ طول الانبوب الذي يجري العمل لإكماله 37 كم، حيث تهدف تركيا الى وصول الإنتاج الى مليون برميل يوميا.
ادرج ادناه ما اراه مناسبا ومهما حول هذا الموضوع:
أولا: المعلومات أعلاه مستقات من تصريحات لوزير الطاقة والموارد الطبيعية “البارسلان بيرقدارAlparslan Bayraktar “ خلال زياراته المتعددة ومرافقيه من كبار المسؤولين للمنطقة والحقل المعني؛ أي انها تصريحات رسمية وتتعلق بإجراءات حكومية فعلية، وليست مجرد اخبار صحفية.
لا يوجد أي اعتراض على الاطلاق بقيام تركيا بتطوير حقولها النفطية والغازية ومد الانابيب الضرورية في كامل أراضيها، فهذا حقها السيادي المطلق.
ثانيا: ان جوهر المخالفة المحتملة هو ربط أنبوب نفط كابار بانبوب النفط العراقي كركوك-جيهان بما لا يسمح لتركيا القيام بذلك بموجب نص “تعديل اتفاقية النقل عبر منظومة الخط العراقي-التركي” لعام 1973 واخر تعديلاتها النافذة منذ عام 2010.(2)
للتحقق من إمكانية حصول هذا التجاوز من عدمه، لا بد من مراجعة نص الاتفاقية أعلاه وخاصة ما ورد حصرا بالمادة (2.4) حيث نصت “تكون منظومة خط الانابيب والخزانات والمرافق الأخرى التابعة لخط الانابيب العراقي-التركي مخصصة لنقل وتحميل النفط الخام القادم من العراق حصرا. مع ذلك ولفترة زمنية معينة، في حالة وجود طاقة كبيرة عاطلة للمنظومة، يجتمع الجانبان للتحقق والاتفاق على إمكانية تخصيص جزء من طاقة الخزن او استخدام الأرصفة من قبل شركة بوتاش الى طرف ثالث ليس طرفا في هذا التعديل، بشرط ان هذه الصفقة لا توثر على التشغيل السليم للمنظومة ولا تحدد باي طريقة كانت حق الجانب العراقي في استخدام كامل الطاقة الاستيعابية للمنظومة لنقل النفط الخام القادم من العراق.”
باعتماد منهجية تحليل النص يمكن التوصل الى ما يلي:
لم يرد مطلقا في هذه الاتفاقية ما يسمح لتركيا ربط أنبوب نفط كابار بانبوب النفط العراقي كركوك-جيهان.
ان اقصى ما تسمح به اتفاقية الانبوب هو تخصيص جزء من طاقة الخزن او استخدام الأرصفة فقط.
ان هذا السماح محصور بفترة زمنية معينة وليست بشكل دائم او متواصل.
اشتراط وجود طاقة كبيرة عاطلة للمنظومة في الخزن او استخدام الأرصفة.
شرط اجتماع الجانبين للتحقق والاتفاق على إمكانية تخصيص جزء من طاقة الخزن او استخدام الأرصفة- أي شرط ثنائية التحقق والاتفاق وليس الاجراء الأحادي من قبل الجانب التركي.
عدم تاثير السماح بتخصيص جزء من طاقة الخزن او استخدام الأرصفة على التشغيل السليم للمنظومة.
عدم تحديد، السماح بتخصيص جزء من طاقة الخزن او استخدام الأرصفة باي طريقة كانت، حق الجانب العراقي.
أرى ان على وزارة النفط بيان موقفها بما ورد أعلاه وتحديدا الإجابة على التساؤلات التالية: هل الوزارة على علم بهذا الامر؟ ماهي الإجراءات التي اتخذتها او ستتخذها لمعالجة هذا التجاوز؟
ثالثا: لا بد في هذا المجال الإشارة الى قرار تحكيم غرفة التجارة الدولية في باريس آذار 2023 بشان دعوى الحكومة العراقية على تركيا بشان مخالفة الأخيرة لاتفاقية الانبوب.(3) علما ان الضخ في الانبوب لم يستأنف لغاية تاريخه.
لم تذكر وزارة النفط اية اجراءات تنفيذية اتخذتها الوزارة لضمان حقوق العراق التي تضمنها قرار التحكيم أعلاه. وعليه أرى من المهم قيام الوزارة بإصدار بيان يتعلق باخر تطورات الموضوع ومدى تنفيذ تركيا التزاماتها المترتبة على قرار التحكيم.
رابعا: تشير المادة (11) من تعديل اتفاقية الانبوب الموقع في عام 2010 على سريان نفاذية التعديل لمدة 15 سنة، مع ثلاث احتمالات:
الأول- بدا التفاوض بين الجانبين حول شروط العقد قبل سنتين من تاريخ النفاذية عند الطلب من أي من الجانبين.
الثاني- تمديد التعديل لمدة خمس سنوات إضافية في حالة عدم وجود حاجة الى تعديل/اتفاقية جديدة.
الثالث- ارسال بلاغ خطي بطلب الانهاء من احد الجانبين الى الاخر قبل سنة واحدة من تاريخ انتهاء نفاذية تعديل 2010.
أرى من المهم والضروري قيام وزارة النفط ببيان الموقف عن مصير اتفاقية أنبوب نفط كركوك-جيهان.
خامسا: سبق وان ذكر وزير النفط الأسبق ثامر عباس الغضبان (2019) ان المباحثات مع نظيره التركي كانت مفيدة وبناءة حيث استعرض الجانبان المواضيع والملفات والمشاريع ذات الاهتمام المشترك، ومنها مشروع منظومة انابيب تصدير النفط العراقي الجديد (كركوك – جيهان )، والذي قال عنه في حينه انه ” وصل مرحلة متقدمة من الإعداد الفني ومناقشة العطاءات وهو ضمن الخطط والمشاريع التنفيذية للعام المقبل”(4)
ارى ان على وزارة النفط تحديث المعلومات بشان هذا الانبوب الجديد واخر التطورات التنفيذية المتعلقة به، ان وجدت، ومدى ارتباطه بمشروع “طريق التنمية” او خطة الوزارة لتنفيذ أنبوب (حديثة-IT1A) الى جيهان التركية، الذي أشار اليه بشكل مقتضب جدا بيان الوزارة قبل ايام.(5)