عن الإنتظار المميت..والرد الذي بدأ قبل أن يبدأ..!
كتب / هيام وهبي
ويبقى الإنتظار سيد الموقف ..
ننتظر بلهفة من صَبَرَ على عربدة الصهاينة وجبروتهم وسفكهم للدماء الطاهرة ..وبشوقٍ للشهادة أو النصر..
وينتظرون بهلعٍ وخوفٍ واكتئاب وضغوطٍ نفسية، لا طاقة لهم على إحتمالها ..
ننتظر وكلنا ثقة بأن ثأرنا ثأر الأمّة .. ودماء قادتنا الشهداء وكل الشهداء على امتداد دول محور المقاومة بأيدي خير من يحمل هذه الأمانة، أمانة الثأر للدماء الطاهرة التي تعبّد طريقنا إلى القدس ..ننتظر الرد بلا خوف وبإيمان عميق بأنه لا يصيبنا إلّا ما كتب الله لنا .. وبثقةٍ بأن الله لن يخذلنا .. الله .. الرحمن الرحيم بعباده .. وبأن الصبر مفتاح النصر ..فلقد صبرنا على ما نكره ونصبر الآن على ما نحب.. وما نحب هو الثأر من هذا العدو المتغطرس .. الهزيل المنهار ..
وهم ..ينتظرون وثقتهم صفر ومعدومة بقيادتهم وبجيشهم الجبان وبمجنونهم (قاتل الأطفال) وبحقهم في الإستيطان في أرض لها شعب ولن يتخلى عنها ، ينتظرون بلا ثقة بإلههم المزعوم يهوه..هذا الإله الذي أختلقه الفكر الصهيوني الإجرامي ، إله صناعة يدوية..(أرتيزانا).. لهذا فهو لا يستجيب لهم ولا لدعائهم له كي ينعموا بالقليل من الطمأنينة أو الراحة النفسية..
وكيف سيشفون من خوفهم وهم يعلمون أن هذا الإله الوحش .. السفاح الذي يتضرعون اليه رسمهُ قادة صهيون وزخرفوه بقداسةٍ مزيفة ولا وجود له في سماء أو أرض..إله غلّفه بالقداسة هرتزل العلماني، ليحشو رؤوس اليهود بعقيدةٍ هو نفسه لا يؤمن بها..
فتحت سماء هذا الكيان المؤقت لا مكان للإنسان السوٍّي المُعافى من الإهتزازات النفسية ..!! لن تجد سوى جماعات بشرية تعاني كل أنواع الإعتلال والإضطرابات والرضوض النفسية(trauma) ..
جماعات عُصابية(Neurotic) وتركيبتها النفسية والإجتماعية تفتقر الى التعاطف الإنساني وللضوابط الأخلاقية، شخصيات تتسم بالقسوة والعدوانية والأذى والكذب والخداع والنرجسية .. مجتمع تأسس كيانه على أرض مغتصبة .. جماعات نهبوا وطن الشعب الفلسطيني دون أي إحساس بالذنب..!! يرتكبون المجازر الدموية دون أن أن يتحرك فيهم أي شعور إنساني أو أخلاقي وهذا لأنهم وبصلب عقيدتهم المبنية على خرافاتٍ وأساطير تلمودية وتقديسهم لإلهٍ سفاح يأمر بالقتل وذبح الأطفال وسبي النساء وسرقة الشعوب التي تستضيفهم وهدم العمران وقتل الحياة .. ولهم في توراتهم فتاوى شيطانية تبيح لهم دينياً كل أنواع الشر والأذى والهمجية .. وتزوِّدهم بحصانة نفسية تحميهم من الإحساس الإنساني بالآخر أو بوخز الضمير..!! فتاوى تبرر لهم الإبادة ،هم يبتهجون لرؤية دماء الأطفال ويطلبون المزيد من القتل ..مجتمع مريض وشراذم من البشر عقيدتهم لا مكان للروحانيات فيها .. لا سماء فيها ، ولا آخرة يخافون عقابها أو يرجون ثوابها ، لديهم فقط هذه الأرض يعيثون فيها فساداً .. ويحرصون على اغتنام كل لحظة من وجودهم فيها قبل الموت الذي يعني لهم.
وعكس كل شعوب الأرض، الفناء .. هم عبر تاريخهم جماعات مختلة (إنسانياً) والآن وبعد طوفان الأقصى والهزيمة التي يشعرون بها في أعماقهم.. ومنذ إغتيالهم للشهيدين الكبيرين إسماعيل هنية وفؤاد شكر وخوفهم من الرد الموعود؛ أصبحوا جماعات أو بالأحرى حثالات (مختلّة عقلياً) يومياتهم سلسلة من الترقب والقلق والعذاب والإصطفاف أمام العيادات النفسية والمصحّات العقلية ..يحكمهم الهلع والخوف وحالات الهستيريا ، وخوفهم ليس آنيّاً بل استراتيجياً .. هو الرعب والقلق الوجودي، والإحساس المخيف باقتراب زوالهم .. نهايتهم .. ونهاية مأساة الشعب الفلسطيني الذي عاش كل هذا الزمن الطويل وهو يربي الأمل ويعتني به ..من جيل الى جيل. شعب يقاوم ويستشهد وقبل الرحيل يسلِّم الأمل والرواية الحزينة ومفتاح الدار الفلسطينية لأبنائه ..
فإسرائيل اليوم حاكمها المستبد الرعب والإنتظار ..وما ينتج عن هذا الإنتظار من أمراضٍ نفسية متنوعة من إكتئاب الى وساوس قهرية ..هلوسة .. فصام ، بارانويا ورُهاب بكل مشتقاته، هستيريا ..ميول حادة نحو الإنتحار والصدمات النفسية، ناهيك عن إنعدام الروح المعنوية والدافع للحياة .. هذا عن حال مجتمعهم، أمّا جيشهم المنهار فقد كشفت تقارير صادمة عن إرتفاع حاد في عدد الجنود المعاقين الذين يتلقون العلاج لإعادة تأهيلهم وتجاوز العدد ال 7o ألف جندي ناهيك عن حالات الجنون واضطراب ما بعد الصدمة والإحباط وكل الحالات النفسيةالتي ذكرتها سابقاً..ولن أتكلم عن الخسائر المادية وتوقف الإنتاج وإغلاق المطارات والهروب الكبير لقطعان المستوطنين وتوقف المصانع عن العمل والمدارس عن التعليم، وانعدام العمل في الزراعة وانهيار السياحة..والخلافات الحادّة بين قادتهم والمشاكل المتفاقمة في مجتمعهم ..
بإختصار هو موت للحياة.. والكيان بكامله يردد مع السيدة أم كلثوم : أنا بانتظارك(جنِّيت) .. هؤلاء وصلوا لحالة من اليأس أصبحوا يفضلون فيها الموت السريع من أيران التي لن تترك ثأرها ومن مقاومتنا على هذا العذاب المرير .. ينتظرون رصاصة الرحمة التي تنقذهم من هذا الإنتظار المخيف ..وتسألون متى الرد .. الرد بدأ من أول لحظة للإغتيال الغادر ..الرد بدأ مع الخطاب التاريخي لسيد الوعد الصادق..
الرد بدأ مع إختيار القائد المقاوِم الذي يرعب الصهاينة يحيى السنوار لقيادة معركة الشرف..طراز رفيع من الحرب النفسية التي يتقنها أمير المنابر لتدمير أعصاب العدو بانتظار اللحظة المناسبة للرد العسكري ..
والرد آت إن شاء الله.. قويًا ، مؤثِّرًا ، فاعلًا..وبيننا وبينهم الأيام والليالي والميدان .. الرد آتٍ آتٍ لا محالة..
هذا وعد تاج العرب.. الذي إن وعد وفى بوعده..وهذا ما يرعب العدو، هذه المصداقية لهذا الصدِّيق ، فنحن نتشارك مع الكيان في الثقة بما ينطق به لسان سيد النصر .. قد قال يوماً عن إسرائيل أنها أوهن من بيت العنكبوت وإذ بالعالم كله يكتشف أنها أوهن من بيت العنكبوت. ولولا الدعم الأميركي والغربي لها وخيانة عربان بني قينقاع لزالت منذ زمن بعيد .. أوليس هو من قال ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الإنتصارات ؟؟ وهو ما حصل منذ التحرير عام 2000 وحتى اليوم .. سيدنا بشير النصر أزال الهزيمة من ذاكرتنا وهذا ما كنّا بحاجة إليه ..سحق ذاكرة الهزيمة .. الذاكرة الجمعية للعرب المثخنة بالجراح والألم والإنكسارات.. هزائم متتالية منذ النكبة مروراً بالنكسة وصولاً للإجتياح ..
وإنتصارات المقاومة شفتنا من عقدة الخوف من (إسرائيل) (البعبع) الذي يهرول ملوك وأمراء وقادة العرب للتطبيع معه .. فهو بنظرهم العدو القادر الذي لا مصلحة لهم في حربه، والسلام معه سيحقق لهم الأمان ورغد العيش والتمسمر الأبدي على عروشهم وكراسيهم ، بئس ما يفكرون به.. ما أجبنهم وما أغباهم وما أقذرهم..
يعتمدون على كيانٍ أعلن إفلاسه على كل الصُعُد ..كيان مفلس أخلاقيًا وإنسانيًا وعسكريًا..كيان ساقط حتمًا…
لقد شفتنا المقاومة من خوفنا.. هذا الخوف الذي ترسخ في وجداننا ..هذا الوهم ، هو من كان يهزمنا لا قوة العدو .. خوف الأنظمة وتضخيمها لقوة إسرائيل لتبرر تخاذلها هو الذي كان يهزمنا .. وأتيت ياسيدي لتغرس فينا كل التحدي والثقة بالذات وبعدالة قضيتنا وأزهر غرسك النصر مع شبابِ مثل الورد .. ثلة مباركة من المجاهدين الذين تمردوا على الخوف وسطروا الملاحم الأسطورية بدمائهم وأرواحهم فكان النصر.. لقد حررتنا المقاومة من خوفنا .. وسيد النصر لملم كل الخوف الذي كان يسكننا وقذفه في جوف العدو الرعديد المنهار من وطأة الإنتظار القاتل ..فمن مثلك يا سليل أهل البيت؛ يقرأ القلوب ويتقن فن الحرب النفسية ، هذا الطراز الرفيع من حرب الأعصاب المؤدي الى الجنون.. لقد أحلت حياتهم الى جحيم..
فيا سيدي بك تطمئن القلوب .. يا آمِر الهدهد، مُرنا نطِع ..ومعك على طريق القدس .. معك على يقين النصر..
يا سيدنا أولسنا على الحق ؟؟؟
إذًا لا نبالي، أوقعنا على الموت، أو وقع الموت علينا…