السفير يصلي بوسادة السيادة !
كتب / مصطفى الاعرجي
الأحداث على اختلافها بمثابة سيول جارفة حدث يمحو اخر دون استثناء بما سوف يدور في عالم السياسية ، وخصوصا في اجواء العراق الحارة بحرارة التدخلات الاستفزازية المتكررة خلال الفترة الاستثنائية الحرجة في العملية السياسية والمنطقة الإقليمية
فلم يمضي شهر تقريبا على تسليم وزارة الخارجية مذكرة احتجاج الى القائم بأعمال سفارة المملكة المتحدة لدى بغداد على خلفية تصريحات سفيرها
، ستيفن هيتشن والتي مست بمضمونها الشأن الأمني والسياسي مما يدلل على اعطاء صورة قاتمة عن العراق وتعبر عن حجم التدخل السافر بالشأن الداخلي بالبلاد والخروج عن المهام الدبلوماسية المناطة بالسفير
تخرج إلى وسائل الإعلام في نفس الشهر سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق ، الينا رومانسكي بعد ان صففت شعرها عند الكوافير وفتحت حقيبتها واخرجت منه هاتفها المحمول وبدات تكتب تغريدتها بان الولايات المتحدة قلقة ازاء التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي والتي من شأنها ان تقوض حقوق المرأة والطفل ، في محاولة لضغط على عدم تعديل القانون في مجلس النواب
وعلى خلفية هذه التغريدة ايضا اثرت ردت فعل واضحة من قبل مجموعه من النواب في الإطار التنسيقي صاحب 130 مقعد والذي يعتبر القوى الاكبر بالبرلمان برفضهم الصريح بأن السفيرة تحاول فرض الوصاية من خلال تدخلها في تشريع القوانين التي هي خارج الأعراف الدبلوماسية التي تضمن سلامة موقف السياسية الخارجية للسفراء في الدولة
ولابد إيقاف نمو هكذا تدخلات تضر بمستوى السياسة الخارجية للدول بالمجمل من خلال القيام بفعاليات الاحتجاج الدوبلوماسي الذي هو جزء من أشكال الاعتراض التي تمارسها الدول ضد السفير الذي يتمادى على صلاحياته في الدولة المضيفة ويتجاوز الخطوط الأحمرة التي اقرتها السياسات الخارجية
ومن أشكال او أنواع الاحتجاج الدبلوماسي هي (رسائل الاحتجاج )حيث في ـ 15 يوليو/تموز 2021: استدعت وزارة الخارجية التركية السفير اليوناني في أنقرة ميشال كريستوس دياميسيس، وسلمته مذكرة احتجاج على ما وصفته بـ”سوء المعاملة” الذي واجهه فريق غالطة سراي التركي لكرة القدم في مطار أثينا
، فيما النواع الآخر هو ما يسمى (استدعاء السفير للتشاور ) هو تعبير له اكثر من مدلول دبلوماسي وقانوني أحيانا للتعبير عن سحب دولة ما سفيرها من دولة أخرى، وفى هذه الحالة تستمر البعثة الدبلوماسية في أداء عملها برئاسة القائم بالأعمال بالإنابة، وهو إجراء يعني عمليًا تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي ، فمثلا في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها في باريس محمد عنتر داود “من أجل التشاور”، إثر تأزم العلاقات بين البلدين على خلفية تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبرتها الجزائر “مسيئة لها”.
اماً النوع الآخر يسمى ( خفض التمثيل ) بمعنى التخفيض في العلاقات الدبلوماسية يعني إما تخفيض حجم البعثة الدبلوماسية الدائمة من حيث عدد أعضائها، وإما التخفيض في درجة التمثيل، وهاتان الحالتان وإن كان يصاحبهما عادة توتر العلاقات السياسية بين البلدين، فإنهما لا تؤديان إلى إغلاق البعثات الدبلوماسية الدائمة، ولا إلى سحب موظفيها إلى بلدهم وعلى سبيل المثال عندما ، قررت تركيا خفض التمثيل الدبلوماسي مع تل أبيب، وأمرت السفير الإسرائيلي بأنقرة إيتان نائيه وقنصل إسطنبول ليوسي سفران ليفي بمغادرة البلاد على خلفية قيام الكيان الصهيوني بقمع مسيرات للفلسطينين أدت إلى استشهاد 60 فلسطينيا
فيما ألنوع الرابع هو ( إعلان السفير شخص غير مرغوب فيه ) حيث ، أمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 23 اكتوبر/ تشرين الاول 2021 وزير خارجيته بإعلان 10 سفراء دول من ضمنهم الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا “أشخاصا غير مرغوب فيهم”، هم كل من معتبرا أنهم “يفتقرون إلى اللباقة على خلفية دعوتهم للإفراج عن رجل الأعمال المعارض عثمان كافالا
واخير ما يسمى( بقطع العلاقات ) وهو التعبير السياسي الأسمى والأوضح عن تفاقم الخلاف والعداء بين دولتين إلى حد يكاد يلامس حدود المواجهة المفتوحة، ويكون أحيانا نذيرا ومؤشرا على قيام صراع مسلح ، مثلا في نوفمبر/تشرين الثاني 1979 اقتحموا مئات الطلاب المؤيدين للثورة الإسلامية في إيران السفارة الأميركية في طهران، وأخذوا 44 من طاقمها ومواطنين أميركيين عاديين رهائن في ما عرفت بـ”أزمة الرهائن” على اثرها استدعت الولايات المتحدة سفيرها على الفور، ومع استمرار الأزمة أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية وإن كان ذلك لن ينهيها، فقد استمرت إلى أن نجحت وساطة جزائرية في وضع حد لها في يناير/كانون الثاني 1981 ، وكان الأجدر من حكومة السوداني التي تمارس دورا مهما في استقطاب الاستثمارات الخارجية وتوسيع دائرتها بين الدول الاوربية والإقليمية والعربية من خلال تشريع اغلب مذكرات التفاهم وتوسيع نشاطها الخارجي العمل على منع هكذا تصريحات تؤثر على مستوى النجاحات المتحققة في المجال السياسية الخارجية وتضع بصمة واضحة بمعنى جرة أذن من خلال تمرير احدى أنواع الاحتجاج الدبلوماسي ضد هذين السفيرين اصحاب النوايا الحسنة الذين يحاولان وضع سيادة العراق تحت رحمة ضوء العتمة من خلال رسائلهم التي تؤثر في المجتمع الدولي بأن العراق غير مؤهل للاستثمار وغير امن ويضيق الحريات لاسيما بخصوص المرأة والطفل وهذا غير صحيح على الإطلاق