انسحاب المحتل ضرورة وطنية
كتب / نعيم الخفاجي …
كل أبناء الشعوب الحية، يرفضون وجود قوات محتلة، تمارس ضغوطات وترتكب جرائم قتل خدمة لمصالحها على اراضيهم، هناك فرق شاسع بين وجود علاقات تعاون اقتصادي وعسكري بين الدول، وبين وجود قوات محتلة، لها الكلمة العليا.
بسبب قذارة صدام والبعثيين ونتانة المؤسسة العسكرية التي أطاعت صدام بكل شيء، ولم تقوم المؤسسة العسكرية العراقية بعزل صدام المجرم، بل وقفوا معه في قتل وقمع أبناء الشعب العراقي في حلبجة والانفال وقمع الانتفاضة وتجفيف الأهوار.
لذلك لم يتمكن العراقيين من إسقاط نظام صدام وإنهاء مأساة الشعب العراقي، وبسبب ذلك تعرض العراق الى احتلال أمريكي بريطاني من خلال تحالف دولي واقليمي عربي.
كانت شعارات عملية إسقاط نظام صدام بكذبة كبرى اسمها تحرير العراق، بعد فرار صدام إلى حفرة الجرذان، تغير الوضع وأصبحت القوات من تحرير إلى قوات احتلال، تدخلت القوات المحتلة بكل شيء، وتسببت تدخلات قوات الاحتلال بالملف الأمني إلى استشهاد مئات آلاف المواطنين، بحيث الحكومات العراقية وقواتها الأمنية ممنوع عليهم تطهير حتى حزام بغداد من البؤر الارهابية، وبقي شعبنا يقتل ويذبح بشكل يومي، إلى مؤامرة انقلاب داعش، اصدرت المرجعية العليا فتوى الجهاد الكفائي وانقلبت خطط صانعي داعش، وتحولت الهزيمة إلى نصر مؤزر، تم تطهير حزام بغداد والحواضن البعثية من مقرات ومعسكرات ومضافات القوى الإرهابية.
اي شعب يتعرض للاحتلال، يحق للشعب مقاومة المحتل، وهذا ماحدث بالعراق، المقاومة تتم من خلال الطرق السلمية والسياسية والمقاومة المسلحة اذا تطلب الأمر.
رغم استقدام عشرات آلاف الانتحاريين لقتل شيعة العراق، لكن القوى المقاومة التي قاومت المحتل أجبرت القوات المحتلة على الانسحاب من العراق عام ٢٠١٠ وتم توقيع اتفاق إطار ما بين العراق وامريكا، لكن هذا الاتفاق ليس له قيمة، عندما هاجمت العراق عصابات داعش، بل بسبب داعش عادت قوات الاحتلال مرة ثانية للعراق.
الرئيس الأمريكي ترامب قال وجودنا بالعراق لمحاربة الشيعة وإيران، الحكومات العراقية بذلت جهود كبيرة لاستبدال الوجود العسكري الأمريكي ووجود قوات الناتو من خلال توقيع اتفاقيات ثنائية بين العراق وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية دول الناتو، واستبدال ذلك بعلاقات اقتصادية وتعاون تكنولوجي وعسكري، وإنهاء مظاهر وجود القوات المحتلة، وابعاد العراق عن ساحة الصراعات الإقليمية.
قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام العالمية عن توصل المفاوضين إلى تفاهم عراقي أميركي أولي بخصوص سحب كامل لما تبقى من القوات الأميركية من العراق، البالغ عددها نحو 2500 عسكري.
هذه المعلومات التي نقلتها وسائل الإعلام صدرت من مصادر أميركية وعراقية مختلفة، بل وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، بمقابلة تلفزيونية قال إن قوات التحالف الدولي سينتهي وجودها بشكل كامل في ايلول (سبتمبر) 2026 عبر مرحلتين زمنيتين.
حسب تصريحات وزير الدفاع العراقي السيد ثابت العباسي قال المرحلة الأولى من انسحاب قوات التحالف تنسحب من الجزء الغربي من العراق، تحديداً قاعدة عين الأسد في الأنبار، في 2025، ثم يليها انسحابها من مناطق إقليم كردستان، في أربيل، خصوصاً قاعد حرير، في 2026.
المهم توصل الجانبين العراقي والأمريكي للاتفاق، أمريكا انسحبت من أفغانستان بهزيمة واضحة أمام عصابات إرهابية متخلفة وهابية تجمع مابين فكر وهابي وانتماء بدوي بشتوني عدو للحضارة الإنسانية.
أمريكا تخلت عن الأفغان الذين ساعدوها، والذين عملوا في مؤسسات الدولة الأفغانية طيلة سنوات الاحتلال الأمريكي إلى افغانستان، العالم شاهد كيف هرب عشرات آلاف الافغان إلى مطار كابل وعصابات طالبان تطاردهم، وراينا كيف تعلق الكثير في اطارات الطائرات وسقطوا من الجو وماتوا بسبب الخوف من إجرام طالبان.
الوضع بالعراق مختلف، الحكومة العراقية توصلت إلى اتفاق وتوقيع معاهدة، وتوقيع مئات الاتفاقيات الاقتصادية مابين العراق وأمريكا وبقية دول التحالف.
المسؤولين العراقيين اعلنوها بشكل صريح نريد استبدال الوجود العسكري الأمريكي ووجود قوات تحالف الناتو إلى تعاون اقتصادي من خلال استقدام الشركات الأمريكية والاوروبية للعمل في العراق.
قوات التحالف جاءت للعراق عام ٢٠١٤، وفق طلب من الحكومة العراقية بوقتها، الآن أيضا الحكومة العراقية طلبت من حكومات التحالف الدولي سحب قواتهم، واستبدال ذلك في توقيع اتفاقيات ثنائية عسكرية واقتصادية.
من حق القوى العراقية المطالبة في رحيل القوات الاجنبية من العراق، بل من يطالب بذلك ينطلق من منطلق وطني، الكثير من القوى السياسية لدى تشكيل الحكومة العراقية طالبوا رئيس الحكومة وجود جدول زمني واضح لسحب القوات الاجنبية من العراق، وهو الشرط قبله السيد محمد شياع السوداني، وفعلا بذل جهود للوصول على التفاهم الاخير، حول سحب القوات الاجنببة من العراق.
تصريحات وزير الدفاع ثابت العباسي الأخيرة تؤكد أن السوداني أوفى بوعده.
منطقتنا وساحتنا تشهد صراعات دولية بين القوى العظمى النووية ووكلائهم، لذلك تحوّل وجود القوات الأجنبية في العراق إلى مشكلة سياسية، بظل وجود قوى من مصلحتها إعادة دعم العصابات الإرهابية لتحقيق مصالحها.
للأسف أصبح الوجود العسكري الأمريكي بالعراق مادة انتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين، بحقبة رئاسة ترامب زار العراق بدون علم الحكومة العراقية، لدى زيارته قاعدة الأسد العراقية، من دون أن يزور بغداد العاصمة او يُعلمَ الطرف العراقي بالرحلة مقدماً، بل طلب من رئيس الوزراء العراقي حينها، عادل عبد المهدي، المجيء للقاعدة العسكرية للقائه فيها، وهو الطلب الذي رفضه الدكتور عادل عبد المهدي، تم قصف مطار بغداد من قبل ترامب استهدفت ضيف للعراق وشخصية عراقية، هذا العمل بالتأكيد يستفز مشاعر نسبة عالية من العراقيين، ترامب جعل شعاره الانتخابي الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وفعلا انسحب والنتيجة ادخل المنطقة بصراعات غير مبررة، المطالب في إخراج القوات الأجنبية من العراق ليست وليدة اليوم، منذ يوم الإعلان عن هزيمة داعش بالعراق عام ٢٠١٧، لذلك باتت الكثير من القوى السياسية العراقية تطالب في إنهاء وجود القوات الأجنبية، ثلاث حكومات عراقية جائت بعد حيدر العبادي طالبوا في إنهاء وجود القوات الأجنبية بالعراق.
من يرفض انسحاب القوات الأجنبية المحتلة من العراق فهو ذيل ومتعاون مع القوى الاستعمارية، وهؤلاء بغالبيتهم من اراذل فلول البعث وهابي، هؤلاء سبب البلاء والكوارث التي حلت على شعب العراق، من يوم الثامن من شباط عام ١٩٦٣ وليومنا هذا.
لذلك من مصلحة الشعب العراقي إنهاء الوجود العسكري الأجنبي واستبداله في مجالات التعاون الاقتصادي بين العراق وأمريكا وأوروبا وبقية دول العالم الإقليمية والدولية، العلاقات تتم من خلال الاتفاقيات والتعاون الاقتصادي وليس من خلال استعمال القوة واحتلال أراضي الغير، بالتأكيد القوى المقاومة الحقيقية للمحتل وليست المجاميع البعثية الوهابية الإرهابية التي قتلت عشرات آلاف المواطنين العراقيين الشيعة بشكل خاص، يكون لهم الفضل في إنهاء ملف الوجود العسكري الأجنبي بالعراق