تخاذل الحكومات العربية..!
كتب / سمير السعد ||
في ظل التصعيد المستمر في الشرق الأوسط، وخصوصاً في لبنان، عادت الذاكرة الجماعية العربية لتسترجع صور العنف والدمار الذي خلفته التفجيرات الأخيرة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني. في كل مرة، يكون الرد العربي الرسمي على هذه الجرائم مشابهاً، إذ يتميز بالخجل والتردد، ويعكس افتقاراً للإرادة السياسية أو القوة اللازمة لمواجهة هذا العدوان.
التفجيرات التي وقعت مؤخراً في لبنان أسفرت عن خسائر بشرية ومادية جسيمة، حيث تضررت البنية التحتية، وأُجبرت العائلات على النزوح من منازلها. ورغم هذه الكارثة الإنسانية، فإن البيانات العربية الصادرة لم تتجاوز حدود الاستنكار اللفظي والتعازي، مما يثير تساؤلات حول الجدية في مواجهة الاحتلال والدفاع عن حقوق الشعوب العربية.
الموقف العربي أمام هذا التصعيد الجديد يعكس حالة من التخاذل. الدول العربية اكتفت بالإدانات الرسمية دون اتخاذ خطوات ملموسة على أرض الواقع. وبدلاً من تفعيل قرارات المنظمات العربية المشتركة أو اللجوء إلى وسائل دبلوماسية قوية مثل قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الاحتلال أو ممارسة ضغوط سياسية دولية، بقيت الردود سطحية وشكلية.
هذا التخاذل العربي ليس حديث العهد. إنه نتيجة لعدة عوامل سياسية واقتصادية تجعل العديد من الأنظمة العربية مترددة في مواجهة الاحتلال الصهيوني. من بين هذه العوامل.
التحالفات الدولية الكثير من الدول العربية تعتمد على علاقاتها مع القوى الدولية الكبرى التي تدعم الاحتلال، مما يجعلها غير مستعدة للمجازفة بفقدان هذه التحالفات.
الأزمات الداخلية تعاني العديد من الدول العربية من أزمات سياسية واقتصادية داخلية تجعلها غير قادرة على الالتفات لقضايا خارجية بجدية.
التطبيع و موجة التطبيع مع الكيان الصهيوني التي شهدتها بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة جعلت من الصعب على هذه الدول اتخاذ مواقف صارمة ضد جرائمه.
في المقابل، نجد أن الشعوب العربية ما زالت تعبر عن غضبها واستنكارها لهذه الجرائم من خلال مظاهرات وبيانات تنديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا الانفصال بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي يعكس عمق الأزمة السياسية في العالم العربي، حيث باتت الأنظمة الحاكمة غير قادرة على تمثيل تطلعات شعوبها.
في الختام يبقى السؤال الملح إلى متى ستستمر هذه المواقف المتخاذلة؟ وإلى متى ستظل الجرائم الصهيونية تمر دون عقاب حقيقي؟ إن المطلوب اليوم هو موقف عربي موحد وقوي يتجاوز حدود الاستنكار، ليصبح فعلاً ملموساً يردع الاحتلال ويضع حداً لاعتداءاته المتكررة.