الطوفان، وغزة وجنوب لبنان..!
كتب / عبد الزهرة محمد الهنداوي ||
كنت اتأمل خريطة الدول العربية، او ماتسمى بخريطة (الوطن العربي)، او امة الضاد كما يحلو للبعض ان ينعت هذه الامة، التي لم تحافظ على ضادها، والكثير من ابنائها يواجهون صعوبة بالغة في نطق هذا الحرف، فهناك من ينطقه (زاياً) او (دالا)!!
في لحظة التأمل تلك، كنت اقف امام الكثير من الاستفهامات والتي لم اجد لها جوابا شافيا، فعندما لايتمكن اكثر من ٤٣٠ مليون انسان المحافظة على ضادهم الذي ينبغي ان يكون ميزة لهم دون سواهم من الامم والشعوب، فمعنى ذلك اننا ازاء مشكلة،
وعندما تخفق (جامعتهم) في لم شملهم لجهة قضية ترتبط بمصيرهم، فقطعا اننا ازاء مشكلة!
وحين تسرّح نظرك في افق تلك الخريطة المترامية الاطراف والتي تبلغ اكثر من ١٣ مليون كيلو مترا مربعا، وتعقد مقارنة بسيطة جدا مع دويلة لاتكاد تظهر في تفاصيل خريطة العالم، واعني بها (اسرائيل) ذلك الكيان المسخ، والذي يقبع على مساحة لاتتجاوز (٢٣) كم متربعا، بسكان بالكاد يتجاوز عددهم التسعة ملايين، فانك تشعر بصدمة تهزك هزا عنيفا! لان المقارنة هنا ليست منطقية، لا من حيث المساحة ولا من حيث الكتلة البشرية، فضلا عن الفارق في الامكانات المادية،!!
وعندما ابحتُ بتأملاتي تلك، امام عدد من الاصدقاء والزملاء، سخر مني بعضهم، واشفق اخر، وثالث اطبق شفتيه، وكاد يطلق صوتا بنغم السيگاه، في اشارة للتعبير عن امتعاضه من طرحي اللامنطقي، ، ولسان حالهم يقول، عن اي امةٍ واي ضاد واي مساحة واي كتلة بشرية هذه التي تتحدث عنها؟!!
فالعرب ليسوا سوى اقوام نشأت في هذه الجغرافية، وهم ابعد ما يكونون عن شيء اسمه وحدة التراب او وحدة المصير، او وحدة العملة، او وحدة الضاد، او اي نوع من انواع الوحدات، وكل واحدة من هذه الدول مشغولة بمشاكلها، فمغربها ينأى بعيدا عن ضادها، ومشرقها منهمك بواقعه شديد التعقيد!!
وفي مشهد معقد مثل هذا قطعا سيكون دافعا للكيان الغاصب ان يصول ويجول يحتل الارض ويقتل البشر، من دون رادع ولا وازع، والانكى من ذلك، ان ضحايا هذا الكيان عندما يصرخون من الالم، ينصحهم الاخرون، بأن لاتستفزوا (الاسد) بصراخكم فانه سيفترسكم !!
وهذا الذي جرى ويجري فعلا، فعندما اندلع طوفان الاقصى قبل عام من الان، تبرأ العرب من اهل غزة، فاستباح جيش الاحتلال، ارضها، قتلا وتشريدا!. ومن غزة الى جنوب لبنان الذي اعلن دونا عن العرب مناصرته لاهل غزة، انزعج العرب قبل اليهود، من هذا الموقف، فكانت النتيجة ابادة جديدة لمناطق الجنوب اللبناني، واذا هزّت الانسانية احد الاصدقاء ودفعته لمد يد العون لاهل غزة او اهل لبنان، فان ذلك الصديق سيتعرض لوابل من الاتهامات، التي لها اول وليس لها اخر!!..
لم توصلني تأملاتي الى نتيجة ذات قيمة، فطويت الخريطة، وعدت لمتابعة قناة الجزيرة، التي كانت تنقل لنا حرائق لبنان، التي استفرد بها الكيان في (ولية غمّان) بعيدا عن الضاد واهله!!!