التعداد ليس انتخابات حتى يتم مقاطعتها؟!
كتب / عدنان جواد ||
اهمية التعداد العام للسكان في تقدم الدول، ففيه يتم تنظيم الية توزيع الموارد التنموية والخدمات، ووضع الارقام الدقيقة لتوزيع السكان في الرقع الجغرافية الموزعة بين المحافظات، والاحصاء يمثل الدليل والبوصلة للسلطات الثلاث في الدولة في عملها الحالي والمستقبلي،
وطيلة الفترة الماضية واثناء غياب الاحصاء لجات تلك السلطات للتخمين والتوقع والتي غالباً فيها نسبة خطا عالية، اضافة الى الخطط المستقبلية الغائبة اصلاً، ورغم ان الفائدة الكبيرة للإحصاء السكاني في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها الكثير، لكن الذي دفع الجهات السياسية هو الجانب السياسي فهو يضع الارقام الحقيقية للناخبين وكثافتهم السكانية في المناطق المختلفة.
يقال كل ما زاد عدد الاحصاءات زاد عدد الخدمات والبيانات الدقيقة في تقديمها، لذلك نشاهد ان الدولة العراقية ومنذ تأسيسها لم تجري فيها عمليات احصاء سوى(8) مرات واخرها عام 1997م ، وبعدها فشلت جميع الجهود لإجراء الاحصاء لأسباب امنية وخلافات سياسية،
ولكن الحكومة الحالية اصرت على اجرائها بالاستناد الى قانون هيئة الاحصاء ونظم المعلومات الجغرافية رقم(32) لسنة 2023، ومن ابرز النقاط الخلافية في استمارة الاحصاء سؤال الدين والقومية والمذهب، والتي تم الغائها من استمارة التعداد الحالية، ورغم ذلك فان الاكراد يحثون مواطنيهم للمشاركة الكثيفة في التعداد وخاصة في المناطق المتنازع عليها بين الاقليم والمركز لإثبات الغالبية الكردية فيها(المشمولة بالمادة(140) من الدستور)،
وبرز الخلاف على كركوك فالأكراد يدعون انها تضم غالبية كردية، والعرب والتركمان يقولون العكس، وهو امر مهم يسجل لحكومة السوداني فسوف يحل الكثير من المشاكل بين الاقليم والحكومة الاتحادية بشان عدد الموظفين الحقيقي والرواتب، وبصورة عامة في باقي محافظات العراق يحدد نسبة الاطفال والنساء والمساكن وعدد المتعلمين وغير المتعلمين، وعدد العشوائيات ونسبة الفقر بصورة دقيقة.
ونفس الهمة في المناطق الغربية لتحشيد الجهود لتسهيل اجراء التعداد لمصلحة تلك المناطق، وخاصة فيما يخص المهجرين ، ولكن يلاحظ هناك حملة منظمة تطعن بعملية التعداد في مناطق الوسط والجنوب، والدعوة لمقاطعتها وعدم التعاون مع الجهات القائمة على التعداد، لان بعض المغرضين يقنعون الناس بان اجراء التعداد السكاني يمكن ان يؤدي الى الغاء المعونات الاجتماعية(رواتب الرعاية الاجتماعية) او فرض ضرائب ورسوم اضافية على السكان،
وكأنها انتخابات يقاطعونها حتى يعاقبون الطبقة السياسية الحاكمة لأنها لم تقدم لهم الخدمات ولأنها تسرق مالهم العام، وهم لا يفرقون بين الحكومات والدولة، الحكومات تتغير بينما الدولة باقية، وان تخريب المدرسة والمستشفى واي مؤسسة حكومية هو لا يؤثر على الحكومة بل على الدولة وبالتالي الشعب يخسر، فالحكومة تصرف اموال لمقاول اخر لإعمار وتصليح الذي تم تخريبه، فمتى نعي ما يهمنا ويخدمنا ونفرق بين الحكومة والدولة!.
ينبغي على الحكومة تكثيف الجهود لتثقيف الناس لإعطاء المعلومات الدقيقة للجهات القائمة على الاحصاء، ويجب ان تكون الاسئلة في الاستمارة واضحة ومفهومة للجميع، وعدم الربط بين اجراء التعداد وبين عمل وزارات الدولة الاخرى، وخاصة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وخاصة فيما يخص راتب الرعاية الاجتماعية ،
وهناك تجارب سابقة في التملك وشراء العقار في بغداد وبعض المحافظات، تشترط الحكومة تعداد معين للسماح للمواطن للسكن في بغداد مثلا كما حدث في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي،
لذلك هناك حذر ومخاوف، كان من المفترض تبديدها وتطمين الناس بان التعداد سوف ينصفهم في مجال توفير السكن وبناء المدارس والمستشفيات وتحويل الناحية الى قضاء والقضاء الى محافظة لكي تزداد الخدمات المقدمة بجميع انواعها، فكلما زاد العدد زادت الخدمات المقدمة.