
تحولات الموقف العربي من المفاوضات النووية..!
كتب / ماجد الشويلي ||
ثمة معطيات وافرازات مهمة ، ساهمت بشكل فاعل ومؤثر بتغيير موقف المنظومة العربية من الملف النووي الايراني ، أو لنقل من المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية .
ومن المعلوم أن هذه الدول قد عارضت في السابق الاتفاق النووي عام 2015 ولربما ساهمت ودفعت اموالا طائلة لالغائه.
ولا شك أن أبرز هذه المعطيات هي التداعيات الأمنية والسياسية التي خلفها طوفان الاقصى ، بما حمل معه من ركامات هائلة القت باعبائها على مجمل الاوضاع في المنطقة ، بنحو حمل معه تهديدات حقيقية ووشيكة للأمن والسلم الدوليين، وهدد باندلاع حرب عالمية كبرى لازالت نذر شؤمها تلوح بالأفق.
ويمكن اجمال هذه المعطيات بمايلي ؛
الأول؛- منهج الانفتاح على دول المنطقة والمسار التصالحي التطميني الذي خطه الرئيس الراحل ابراهيم رئيسي وسارت عليه حكومة الرئيس الحالي بزشكيان. كان له الدور الكبير في اندفاع بعض الدول العربية، لتقبل التعاطي مع ايران وفق مسارات جديدة.
الثاني :- يبدو أن الدول العربية قد ادركت بقناعة تامة أن البرنامج النووي الايراني لن يشكل تهديدا لامنها ولاستقرار المنطقة، وانه سيظل في دائرة الاغراض السلمية .
وهذا ماجعل السعودية ترحب بالمفاوضات، وتتابع تطوراتها عن كثب .
فهي قد جربت فيما سبق محاولة الحصول على مفاعلات نووية تمكنها من الحصول على السلاح النووي ، لكنها اصطدمت بممانعة امريكية واسرائيلية صارمة خشية ان تدخل المنطقة برمتها في سباق التسلح النووي،
لما لهذا الامر من مخاطر وجودية على الكيان الصهيوني وغير ذلك من المخاوف الامريكية .
ثالثا:- الدول العربية من جهتها باتت على قناعة من أن سباق التسلح النووي سيرفع من وتيرة الخلافات بينها ، ويدخلها في صراعات مسلحة تشكل تهديدا وجوديا لها أكثر خطورة من البرنامج النووي الايراني عليها حتى على فرض انه لانتاج القنبلة النووية.
الرابع:- المنظومة العربية باتت على يقين باستحالة هزيمة ايران عسكريا مع تراجع قدرة اسرائيل على الدخول بحرب شاملة في المنطقة ، وصعوبة اقناعها لامريكا بالدخول معها في هكذا مغامرة غير محسومة النتائج.
الخامس:- في الوقت ذاته فان الدول العربية اخذت تهديدات الجمهورية الاسلامية لها على محمل الجد، فيما لو اقدمت امريكا واسرائيل على مهاجمتها واستخدمت اجوائها أو اراضيها لهذا الغرض ،
ولذا فان هذه الدول ترى في مفاوضات الملف النووي المخرج السليم للخلاص من الورطة التي أوقعهم الامريكان فيها.
السادس:- رغم أن بعض الدول العربية ساهمت من قريب أو من بعيد (باسقاط) نظام بشار الأسد الا أنه شكل من ناحية اخرى تهديدا لامنها القومي لجهة تزايد النفوذ التركي وتغوله في المنطقة.
لذا فانها باتت تنظر من زاوية اخرى الى أن وجود ايران يشكل عامل توازن لامنها القوي واستقرار المنطقة ، فهو من جهة يمنع من استفحال الدور التركي ومن جهة اخرى يمثل عائقا امام التوغل الاسرائيلي الشره والذي بات يقضم بالاراضي السورية ويتجه صوب السيطرة على منابع المياه الرئيسة في المنطقة ويقترح تغييرات جيوسياسية هامة غير عابئة بمصالح هذه الدول وأمنها القومي.
السابع:- بعض الدول العربية كمصر والاردن وكذلك السعودية ، شعروا أن بإمكانهم الوثوق بالايرانيين أكثر من الاتراك .
وأن الوجود الامريكي في المنطقة مهما طال أمده لن يكون ضمانة لحماية أمنهم القومي .
الثامن:- يبدو أن رعونة الاخوان المسلمين وعنجهية اردوغان وطعنة الظهر التي وجهها (الاخوان ) في سوريا لمحور المقاومة ، دفعت بايران الى مراجعة تفاهماتها ومقارباتها معهم .
وهذا ما جعل المصريين والسعوديين في وارد التفكير بصياغة تحالفات جديدة معها
على وقع المستجدات التي عصفت بالمنطقة.
التاسع:- المنظومة العربية استفاقت على عنجهية غير معهودة تمثلت بقرار الصهاينة مدعومين من امريكا بتهجير اهل غزة وقضم الضفة بالكامل ، ونسف حل الدولتين من الاساس .
ولهذا فانها تشعر بضرورة وجود سند قوي لها كايران للحفاظ على امنها القومي.
نعم قد يكون الوقت مبكرا للحديث عن تحالفات عربية ايرانية ، لكننا لاشك أمام مقاربات مهمة في العلاقات بينهما ليس من الحكمة اهمال التأسيس عليها لواقع أفضل .