منصات التواصل "بوابة خطرة" لتفاقم اضطرابات الأكل لدى الشباب
المعلومة/ متابعة..
كشفت تقارير طبية حديثة أن منصات التواصل الاجتماعي باتت تلعب دوراً متزايد الخطورة في تفاقم الاضطرابات الغذائية لدى الفئات الشابة، خصوصاً من هم أصلاً أكثر هشاشة نفسياً واجتماعياً.
وتحذر اختصاصيات التغذية وعلم النفس في فرنسا من تصاعد "تمجيد النحافة" والترويج لمعلومات مضللة عن التغذية والأنظمة الغذائية القاسية، معتبرين أن هذه المحتويات تعرقل بشكل مباشر جهود علاج اضطرابات خطيرة مثل فقدان الشهية العصبي والشره المرضي واضطراب الشراهة.
وأشارت كارول كوبتي، اختصاصية تغذية في باريس، إلى أن "منصات التواصل باتت عنصراً مسبباً ومسرّعاً، وحتى عائقاً في طريق تعافي المصابين"، مؤكدة أن أي علاج لهذه الاضطرابات اليوم لا يمكن فصله عن تأثير هذه المنصات.
من جهتها، اعتبرت الطبيبة النفسية ناتالي غودار أن هذه المواقع "ليست السبب المباشر، لكنها القشة التي تقصم ظهر البعير"، مشيرة إلى أن المحتوى الذي يروّج للنحافة المفرطة، والتمارين الشاقة، والأنظمة المقيدة يفاقم الحالة لدى فئات مراهقة تعاني أصلاً من هشاشة نفسية.
"تحديات خطرة ومحتوى مدمر"
ومن بين أبرز الظواهر المقلقة على تيك توك، برز وسم #SkinnyTok، الذي يتضمن تحديات خطرة تحث على الامتناع الحاد عن الطعام. ووصفت تشارلين بويغيس، الممرضة المتخصصة في اضطرابات الأكل، هذه المنصات بأنها "بوابة للاستخفاف بحجم الخطر"، مشيرة إلى أن بعض المستخدمين يشاركون تجاربهم المؤلمة مثل التقيؤ أو استخدام الملينات، وكأنها طرق طبيعية لفقدان الوزن، رغم أن هذه الممارسات قد تؤدي إلى سكتة قلبية.
وأكدت أن بعض المؤثرات المصابات باضطرابات حادة يبثثن مقاطع لهن أثناء التقيؤ مقابل عائد مادي من المنصة، مما يساهم في تطبيع السلوك المرضي وتحفيز استمراره.
"شهرة مزيفة تطيل الألم"
وترى كوبتي أن وسائل التواصل تُغري المصابين بالاضطرابات الغذائية من خلال الشهرة، حيث يحصلون على "إعجابات" ومتابعين بسبب أجسامهم النحيفة، مما يطيل فترة الإنكار ويُكرّس السلوك المرضي.
وحتى خلال مسار التعافي، تشكل هذه المنصات عقبة كبيرة، بسبب الكم الهائل من المعلومات الخاطئة التي يتعرض لها المرضى. وقالت كوبتي: "أمضي وقت الجلسة في محاولة تصحيح مفاهيم خاطئة رسّختها فيديوهات تيك توك، كفكرة أن 1000 سعرة حرارية كافية أو أن حذف الوجبات أمر صحي. إنه كأنني أواجه آلة غسل دماغ عملاقة بـ 45 دقيقة أسبوعياً".
"مدربون زائفون وخطر دائم"
من جهتها، حذرت غودار من انتشار "مدربين زائفين" يقدمون نصائح تفتقر للأسس العلمية، بل وتمثل "ممارسة غير قانونية للتغذية". وأشارت إلى أن تأثير هؤلاء المؤثرين أقوى من كلام المختصين، ما يجعل مهمة التوعية أكثر تعقيداً.
بدورها، قالت بويغيس إنها كثيراً ما تبلغ عن المحتويات المؤذية، لكنها "نادراً ما تزال"، ما دفعها لتقديم نصيحة حاسمة لمرضاها: حذف تيك توك. وأوضحت: "قد يبدو قراراً متطرفاً، لكنه ضروري في ظل غياب الوعي الكافي. المنصة تمثل خطراً حقيقياً على الشباب".
خطر صحي واجتماعي
وتُعد الاضطرابات الغذائية ثاني سبب رئيسي للوفاة المبكرة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً في فرنسا، وفق بيانات التأمين الصحي الفرنسي، ما يسلط الضوء على حجم المشكلة وتأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية والغذائية لجيل بأكمله. انتهى 25