أجهزة الدولة تُهاجر بلا إذن.. "تابلت" الدولة في حقيبة الهدر

المعلومة / تقرير..
في خطوة لا يمكن وصفها إلا بأنها مثيرة للريبة والجدل، جرى مؤخرًا تسليم أجهزة "التابلت" التي استُخدمت في التعداد السكاني إلى جهة خارجية، وتحديدًا إلى الأردن، دون تقديم أي توضيحات رسمية بشأن آلية النقل أو السند القانوني لهذا القرار،إن ما حدث لا يمكن اعتباره مجرد "نقل أدوات تقنية"، بل هو بكل وضوح شكل من التهريب الناعم لمقدّرات الدولة، أجهزة الدولة هاجرت بلا إذن، في مشهد يُجسد غياب الشفافية وتآكل المساءلة، ويطرح تساؤلات خطيرة عمن سمح بذلك، ولماذا تم تجاهل القنوات المؤسسية والرقابية في اتخاذ مثل هذا القرار الحساس.
المثير للقلق أن "تابلت" الدولة، الذي كان يفترض أن يُعاد استخدامه في مشاريع وطنية أو تعليمية، وجد طريقه إلى حقيبة الهدر، ليصبح عنوانًا جديدًا في سجل التبذير وسوء الإدارة. هذا القرار، بحسب مراقبين، لا يعبّر فقط عن خلل إداري، بل عن غياب للشفافية وامتهان لقيمة المال العام، ومع تصاعد الغضب الشعبي، تزداد الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن "الهبة الرقمية" غير المفهومة، وإعادة النظر في سياسات التصرف بأصول الدولة.
تسليم الأجهزة دون خطة واضحة لتامين بياناتها، يكشف ثغرة فادحة في آليات الحوكمة والمساءلة، ومع تصاعد المطالبات بالتحقيق، تظل الأسئلة مفتوحة: من سمح؟ ولماذا؟ ومن يحمي بياناتنا بعد أن غادرت الأجهزة الوطن؟
وبالحديث عن هذا الملف وصف عضو ائتلاف دولة القانون إبراهيم السكيني، اليوم الخميس، قرار تسليم أجهزة "التابلت" إلى الأردن بأنه "كارثي وغير مسؤول"، مؤكدًا أن الخطوة تمثل "تبذيرًا للمال العام وانتهاك للبيانات والمعلومات" وتستدعي المساءلة.
ويقول السكيني في تصريح لوكالة / المعلومة /، إن "هذه الأجهزة تم شراؤها من المال العام، ولا يحق لأي جهة تنفيذية التبرع بها دون العودة إلى الجهات الرقابية والتشريعية"، مشددًا على أن "العراق يعاني من عجز في الميزانية، وأي تبديد للثروة الوطنية يجب أن يُحاسب عليه المسؤولون عنه".
ويشير إلى أن هناك "مخاوف جدية من احتمال استرجاع البيانات من تلك الأجهزة واستخدامها، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا على قاعدة البيانات العراقية"، داعيًا إلى "فتح تحقيق فوري في القضية".
ويؤكد السكيني أن "البرلمان مطالب باستدعاء واستجواب جميع المسؤولين عن هذا الملف لكشف الملابسات وضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات التي تسيء لإدارة الدولة".

• 

وفي غضون ذلك انتقدت رئيس لجنة الاتصالات النيابية، النائب زهرة البجاري، اليوم الخميس، قرار الحكومة العراقية إهداء 12 ألف جهاز لوحي (تابلت) إلى المملكة الأردنية، معتبرة الخطوة تصرفاً غير مقبول ويمثل هدرًا للمال العام، مطالبة بتوزيع الأجهزة على جهات داخلية أكثر حاجة لها، كالمؤسسات التعليمية والدوائر الحكومية.
وتقول البجاري في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن "لجنة الاتصالات تفاجأت ببيان صادر عن وزارة التخطيط، يفيد بتقديم 12 ألف جهاز لوحي استخدمت سابقاً في التعداد العام للسكان، كهدية من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى المملكة الأردنية"، مؤكدة أن "هذه الخطوة لا تندرج ضمن صلاحيات رئيس الوزراء كونها تتعلق بأموال عامة".
وتضيف أن "تلك الأجهزة كلّفت خزينة الدولة أكثر من خمسة مليارات دينار عراقي، وكان الأجدر توجيهها نحو شرائح مجتمعية داخل العراق مثل الطلبة والموظفين في الدوائر الحكومية، الذين هم بأمسّ الحاجة إلى هذا النوع من الدعم التقني".
وأوضحت البجاري أن "اللجنة النيابية ترفض هذه الخطوة لأسباب مالية وأمنية، إذ تتعلق الأجهزة بمعلومات حساسة تخص التعداد السكاني العام، ما يستوجب التعامل معها بحذر".
وتدعو إلى "إلغاء قرار الإهداء، والعمل على إعادة توزيع الأجهزة داخل العراق لخدمة المؤسسات والمجتمع المحلي".
يُشار إلى أن وزارة التخطيط أعلنت في بيان لها أن الجانب الأردني طلب استعارة (12) ألف جهاز لوحي لاستخدامها في تنفيذ التعداد السكاني، إلا أن الحكومة العراقية قررت تقديم هذه الأجهزة كهبة إلى الأردن. انتهى 25د