عقد تشغيل ميناء الفاو.. هيمنة إماراتية-صهيونية تهدد السيادة الاقتصادية العراقية

المعلومة / بغداد ..

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والاقتصادية، اتهم رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، ياسر الحسيني، الحكومة العراقية بالتفريط بسيادة البلاد الاقتصادية، وذلك عقب منح عقد تشغيل وإدارة ميناء الفاو الكبير إلى شركة "موانئ أبو ظبي"، التي قال إنها تُدار فعلياً من قبل شركة صهيونية تُعرف باسم "أرباب الصناعة الإسرائيلية".

يعد ميناء الفاو الكبير أحد أهم المشاريع الاستراتيجية في العراق، ويعول عليه كثيراً في إنعاش الاقتصاد الوطني وتحويل العراق إلى نقطة وصل تجاري إقليمي بين آسيا وأوروبا، إلا أن منح عقد تشغيل الميناء إلى شركة إماراتية تُتهم بأنها واجهة لشركات إسرائيلية أثار تساؤلات عديدة حول الشفافية، والمصالح المستترة وراء هذه الخطوة.

وأكد النائب ياسر الحسيني، في تصريح خاص لوكالة /المعلومة/، أن "هذا العقد يكشف عن وجود هيمنة إماراتية وصهيونية واضحة على الموانئ العراقية"، مضيفاً أن "الأمر ذاته يتكرر من خلال الإدارة الحالية لشركة الموانئ العراقية، التي قامت بمنح معظم فعاليات الموانئ لشركات تشغيل مشتركة، بنسب مرتفعة لا تعود بفائدة حقيقية على الميزانية العامة".

• 

أشار الحسيني إلى أن العوائد المالية من هذه التعاقدات لا ترقى حتى إلى مستوى "واردات عشرية"، في إشارة إلى أن نسبة الإيرادات التي تدخل خزينة الدولة لا تتجاوز 10% مما يمكن تحقيقه لو تمت إدارة الميناء من قبل الدولة أو عبر شراكات متوازنة وواضحة المعالم.

وأضاف: "ما يحدث اليوم هو استنزاف للموارد السيادية، وتكريس لنموذج الشركات المهيمنة التي تحصل على الامتيازات التشغيلية الأكبر مقابل عوائد محدودة تعود للدولة".

وتحذر مصادر نيابية من أن إدارة شركة يقال إنها على ارتباط وثيق بمصالح إسرائيلية، يشكل تهديداً للأمن القومي العراقي، خصوصاً وأن الموانئ تعد من أبرز المفاصل الاقتصادية والأمنية التي تُعنى بحركة السلع، والمعلومات اللوجستية، والتحركات الاستراتيجية على المستوى الإقليمي.

وطالب الحسيني بـ"مراجعة شاملة لملف التعاقدات وإعادة تقييم الشراكات، بما يحفظ المصلحة الوطنية والسيادة الاقتصادية للعراق"، مؤكداً أن لجنة الاقتصاد النيابية ستقوم بفتح هذا الملف بشكل رسمي خلال الدورة الرقابية الحالية، وقد تحال القضية إلى هيئة النزاهة والجهات القضائية إذا ثبت وجود تجاوزات أو تواطؤ في صياغة العقود.

• 

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر الحكومة العراقية أو وزارة النقل أي توضيح رسمي بشأن طبيعة عقد التشغيل مع شركة "موانئ أبو ظبي"، ولا بشأن الاتهامات المتداولة حول العلاقة بالشركات "الإسرائيلية"، وهو ما يزيد من الشكوك، ويدفع باتجاه ضرورة الكشف عن تفاصيل العقد للرأي العام، وتحديد حجم العائدات المتوقعة وأوجه صرفها.

في بلد يرزح تحت وطأة أزمات اقتصادية متراكمة، تبدو قضية ميناء الفاو اختباراً حقيقياً لجدية الحكومة في حماية مقدرات البلاد، بعيداً عن الصفقات السياسية والمصالح الضيقة.

وبينما يطالب العراقيون بمشروع وطني لإدارة الموانئ، يواجه هذا المرفق البحري الأهم مخاطر الخصخصة والتبعية التي قد تُفقد العراق واحدة من أهم أوراقه الاستراتيجية.انتهى 25/س